صناعة الرقائق في قلب المواجهة الأمريكية الروسية.. لماذا؟

ولاء عدلان

"رويترز": عضو مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض بيتر هاريل أجرى اتصالات مع شركات بقطاع صناعة الرقائق لتقييم مدى تعرض الصناعة المحلية لمواد مصدرها روسيا وأوكرانيا.


دعا البيت الأبيض شركات الرقائق الأمريكية الاستعداد لمواجهة تداعيات الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، خصوصًا في ظل التوقعات باتخاذ موسكو إجراءات ضد العقوبات التي يمكن أن تتخذها واشنطن حال اندلاع الحرب.

أفاد تقرير نشرته وكالة “رويترز“، أمس (الأحد) بأن البيت الأبيض دعا الشركات إلى الاستعداد لتداعيات الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، ونقل التقرير عن مسؤول في الإدارة الأمريكية أن البيت الأبيض طالب شركات الرقائق بتنويع سلسلة الإمدادات الخاصة بها استعدادًا لأي إجراء انتقامي روسي محتمل ردًا على العقوبات الاقتصادية التي تعتزم واشنطن فرضها ضد موسكو.

دعوة للبحث عن بدائل

“رويترز” أشارت إلى وجود استعداد داخل البيت الأبيض لاحتمالية حدوث اضطرابات في سلاسل الإمدادات حال غزو روسيا لأوكرانيا، كاتخاذ موسكو إجراءات انتقامية بفرض قيود على وصول شركات الرقائق الأمريكية إلى المواد الخام الحيوية للصناعة كالبلاديوم الذي تستحوذ روسيا على نحو 33% من حجم تجارته عالميًا.

وأوضح التقرير أن عضو مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض بيتر هاريل أجرى اتصالات مع شركات بقطاع صناعة الرقائق خلال فبراير الجاري، لتقييم مدى تعرض الصناعة المحلية لمواد مصدرها روسيا وأوكرانيا، وحثهم على إيجاد مصادر بديلة.

اعتماد أمريكي على روسيا وأوكرانيا

مطلع فبراير، نشرت مجموعة الأبحاث الأمريكية “تكسيت” تقريرًا يشير إلى اعتماد شركات صناعة الرقائق الأمريكية على روسيا وأوكرانيا للحصول على إمدادات مواد رئيسية مثل النيون والبلاديوم وغيرهما، موضحةً أن 35% من إمدادات البلاديوم الأمريكية مصدرها روسيا، وأن أكثر من 90٪ من إمدادات النيون الأمريكية يأتي من أوكرانيا.

النيون يدخل في صناعة “ليزر الغاز” المستخدم في صناعة الرقائق، فضلًا عن كونه منتج ثنائي لتصنيع الصلب، وتسيطر روسيا وأوكرانيا على إمداداته العالمية، ويستخدم البلاديوم في صناعة أجهزة الاستشعار والذاكرة، بحسب “تكسيت“.

الشركات الأمريكية تقييم الوضع

ذكرت “رويترز” أن بعض شركات الرقائق الأمريكية تجري حاليًا مراجعة لسلاسل الإمدادات الخاصة بها في ضوء التداعيات المحتملة لنشوب صراع في أوكرانيا، وقال المتحدث باسم شركة “إنتل” ويليام موس، إن شركته لا تتوقع أي تأثير على إمدادات النيون في حال تصاعد التوتر في أوكرانيا.

ونقلت عن أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة ناشئة لتصميم شرائح الطاقة، أن تصاعد الصراع في أوكرانيا قد يسبب مشاكل في إمدادات النيون، مبينةً أن شركات الرقائق تتوقع أن يؤدي الصراع إلى رفع أسعار المواد الخام خلال الفترة المقبلة، وأن أسعار النيون قفزت بـ600% في الفترة التي سبقت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014.

هل يمكن لروسيا الانتقام من واشنطن؟

قالت الرئيسة التنفيذية لـ”تكسيت” ليتا شون روي: “في حال تصاعدت اضطرابات أوكرانيا، وفرضت واشنطن عقوبات على روسيا، فقد تفرض الأخيرة قيودًا على تصدير المواد الحيوية لصناعة الرقائق إلى أمريكا”، منوهةً بأن نشوب حرب سيعرقل الصادرات القادمة من أوكرانيا، وستتأثر حركة تصدير النيون والبلاديوم على الفور، ما يعني أن مصنعي الرقائق الأمريكيين سيعانون من قطع في الإمدادات.

في يناير الماضي، جددت واشنطن تهديدها بفرض حزمة عقوبات اقتصادية على روسيا حال غزوها أوكرانيا، منوهةً بأن الحزمة ستشمل قيودًا غير مسبوقة على صادرات معدات التكنولوجيا الأمريكية ذات الأهمية بالنسبة إلى طموحات روسيا لتطوير قطاعات حيوية مثل الدفاع والذكاء الاصطناعي، إلا أن موسكو تنفي التخطيط لشن هجوم على أوكرانيا، بحسب “واشنطن بوست“.

ضرب واشنطن الصناعات الروسية

قالت “واشنطن بوست” في تقريرها المنشور في 23 يناير الماضي إن البيت الأبيض قد يقطع عن روسيا إمدادات الرقائق أمريكية الصنع والرقائق التي تصنعها شركات أجنبية بالاعتماد على معدات أو تكنولوجيا أمريكية، وقال المحلل في مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة بجامعة “جورج تاون” ويل هانت إن قطع إمدادات الرقائق عن روسيا سيضر بطموحاتها التكنولوجية في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة والدفاع.

واعتبرت شركة “روستيخ” الحكومية الروسية أن احتمال فرض مثل هذه العقوبات سيضر بشكل أساسي بمصالح الشركات الأمريكية التي تعمل في مجال التصدير، وبحسب “واشنطن بوست” يمكن أن توفر الصين صمام هروب لروسيا من العقوبات الأمريكية، ففي عام 2020 شكلت نحو 70% من واردات روسيا من أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية.

وقال المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن ليو بينغيو لـ”واشنطن بوست” إن بكين لن تتعامل بلطف مع محاولات واشنطن للسيطرة خارج حدودها انطلاقا من معارضتها للعقوبات أحادية الجانب، وتوقع المحلل في شركة أبحاث الأسواق “آي دي سي” الأمريكية سايمون بيكر أن الشركات الصينية يمكنها الاستمرار “بعد العقوبات” في تصدير منتجاتها المصنعة بالاعتماد على تكنولوجيا أمريكية، نظرًا لصعوبة مراقبة مبيعات هذه المنتجات والحسم بدخولها في دائرة العقوبات.

ربما يعجبك أيضا