البنوك المركزية تدخل عصر حرب العملات.. تعرف على الأسباب

سارة كريم

البنوك المركزية علي مستوي العالم قد تعمل على تعزيز أسعار صرف عملاتها من أجل مواجهة التضخم المتفاقم


11عامًا مرت على اتهام وزير المالية البرازيلي السابق جويدو مانتيجا للدول الغنية بشن “حرب عملات” بخفض أسعار الفائدة لإخراج اقتصاداتها من الركود عن طريق عملات أرخص، ما أدى لرفع أسعار الصرف في بلدان أخرى كالبرازيل.

حاليًّا، أصبح الارتفاع الكبير في التضخم الشاغل الرئيس للعديد من الاقتصادات وليس النمو الضئيل للغاية، وبنفس الطريقة يمكن لارتفاع العملة أن يسهم في تهدئة الأسعار عن طريق جعل المنتجات القادمة من الخارج أرخص. لذا، قد تعمل البنوك المركزية على مستوى العالم على تعزيز أسعار صرف عملاتها من أجل مواجهة التضخم المتفاقم.

تداعيات الزيادة في قيمة الدولار

كل زيادة في سعر صرف الدولار 10 نقاط أساس للدولار المرجح حسب الميزان التجاري في الربع الثاني تحد من التضخم 0.4% في الربعين التاليين وفقًا لنموذج بلومبرج إيكونوميكس.

ويكون التأثير أكبر قليلاً في منطقة اليورو في حالة ارتفاع اليورو 10% على أساس مماثل. ورغم تجنب رئيس “الاحتياطي الفيدرالي” جيروم باول ورئيسة “البنك المركزي الأوروبي” كريستين لاجارد وآخرون تأييد الارتفاعات الأخيرة في عملاتهم فإنهم لم يتنصلوا منها أيضًا.

آلية تعزيز أسعار الصرف

يرى المحللون الاستراتيجيون في “جولدمان ساكس” وأماكن أخرى في وول ستريت أن “حرب العملات العكسية” قائمة، فصانعو السياسة النقدية يجدون أن تعزيز أسعار الصرف أداة للحد من التضخم.

قال جورج كول رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأوروبية في المؤسسة المصرفية العالمية: “لم يفكروا مع التحول الكبير أن ارتفاع سعر صرف العملة أمر غير مرغوب فيه، ولن أتفاجأ إذا رأينا البنوك المركزية لمجموعة العشر بشكل متزايد ترى أن العملة القوية يمكن أن تكون داعمًا خلال دورة التشديد النقدي”.

تشير تقديرات “جولدمان ساكس” إلى أن البنوك المركزية الكبرى تحتاج لرفع أسعار الفائدة في المتوسط ​​بنحو 10 نقاط أساس لتعويض تحرك نقطة مئوية واحدة في عملتها التي يتم ترجيحها وفقًا للميزان التجاري وتوقعوا أن يكون “النموذج الجديد” للحد من ضعف العملة في صالح اليورو والكرونا السويدية والفرنك السويسري.

تحرك مجموعة العشرين

من المتوقع أن يناقش محافظو البنوك المركزية ووزراء المالية من “مجموعة العشرين” في الاجتماعات الافتراضية والشخصية التي من المقرر انعقادها في جاكرتا قضية أسعار الصرف.

عندما اجتمع المسؤولون في أكتوبر 2021 قالوا إنهم سيراجعون ضغوط الأسعار التي كانت “مؤقتة” وهو الوصف الذي غيره “الاحتياطي الفيدرالي” منذ ذلك الحين. و تاريخيًا، كانت أسعار الصرف موضوعًا حساسًا بين الحكومات التي لا تريد أن يتهمها أحد بخفض عملاتها لتحقيق مكاسب تجارية أو الإدراج ضمن تقرير “وزارة الخزانة” الأمريكية عن التلاعب بالعملة. وكذلك لا يريدون أن يتبعوا سياسات ما تعرف بـ “سباق التسول من الجار” والتي تقوم على زيادة الصادرات وخفض الواردات.

عملات أكثر قوة

أشار توماس جوردان رئيس “البنك الوطني السويسري” في ديسمبر 2021 إلى أن قوة الفرنك السويسري عززت الاقتصاد لسنوات وساعدت البلاد على الأقل في الهروب من ارتفاع التضخم الذي شهدته منطقة اليورو والولايات المتحدة.

وقال وقتها “تمكنا من منع ارتفاع التضخم في سويسرا من خلال السماح بقدر معين من ارتفاع القيمة الاسمية للعملة ما يجعل الواردات أرخص”.

سنغافورة والمعركة العالمية

رحب آدم جلابينسكي محافظ “البنك المركزي البولندي” بقوة الزلوتي “لدعم تشديد السياسة النقدية” وذكر أن تحول موقف البنك المركزي الذي تدخل سابقًا ضد العملة، فتزداد الظاهرة أهمية بشكل خاص للاقتصادات المفتوحة الأصغر حجمًا مثل بولندا وسويسرا نظرًا لأهمية سعر الصرف عندما يتعلق الأمر بالتضخم وتوقعات النمو.

سنغافورة التي تستخدم سعر صرفها كأداة رئيسة ضمن سياستها النقدية بشكل غير متوقع، شددت في يناير2022 علي الانضمام إلى المعركة العالمية ضد تسارع التضخم ما زاد من قوة عملتها لأعلى مستوياتها منذ أكتوبرالماضي.

قوة اليوان الصيني

قوة اليوان الصيني ساعدت علي تعويض ارتفاع أسعار السلع الأساسية الذي أدى لرفع تكاليف التصنيع. بفضل تسجيل اليوان ثاني أفضل أداء على أساس سنوي بين عملات آسيا. متجاهلاً بذلك تضييق العائد لصالح سندات الخزانة الأمريكية وتباطؤ النمو وتكرر موجات تفشي الفيروسات. تحول “بنك الشعب” إلى خفض أسعار الفائدة لسعيه دعم الاقتصاد الذي يعاني ركود الإسكان.

ولن يتمكن أي اقتصاد بالحد من التضخم بسبب قوة العملة، بل يعتمد الكثير من الدول على مجموعة من العوامل لمواجهة التضخم وديناميكيات محلية مثل مكاسب الأجور. ومن الممكن أن العملة الأقوى لن تفعل الكثير لخفض التضخم في الاقتصادات التي تعتمد على الخدمات المحلية لتحقيق النمو. بالنسبة للبنوك المركزية التي تحتاج كبح جماح الأسعار، فإن السماح بتعزيز قوة عملاتها يمثل أداة حاسمة عندما يقترن بارتفاع تكاليف الاقتراض.

ربما يعجبك أيضا