الأزمة الروسية الأوكرانية.. هل تشكل فرصة للدول العربية المنتجة للنفط؟

ولاء عدلان

وزير الطاقة القطري بين أن روسيا مسؤولة عن توريد ما بين 30 إلى 40% من الإمدادات لأوروبا، وأنه لا تستطيع دولة بمفردها تعويض هذا الكم.


أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فجر (الخميس)، إطلاق عملية عسكرية لحماية سكان منطقة دونباس شرق أوكرانيا و”نزع سلاح” حكومة كييف.

دفع التصعيد الروسي أسعار النفط لتحلق أعلى من مستوى الـ100 دولار للبرميل، ومنذ اللحظة الأولى للحديث عن الأزمة الروسية الأوكرانية شكلت إمدادات النفط والغاز ورقة للمساومة بين الغرب وروسيا.. فأين تقف الدول المنتجة للنفط وتحديدًا دولنا العربية من الأزمة؟

إمدادات الغاز في خطر

أعلنت ألمانيا في 22 فبراير الجاري، تعليق المصادقة على تشغيل خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” الذي تتحكم فيه “غازبروم” الروسية الحكومية، وبذلك لن يتدفق الغاز الطبيعي عبر بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا، وكان من المتوقع أن ينتج “نورد ستريم 2” 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا أي أكثر من 50٪ من الاستهلاك السنوي لألمانيا.

على نطاق أوسع يعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا لتأمين نحو 27% من احتياجاته من النفط، و41% من احتياجاته من الغاز سنويا، ويتدفق نحو ثلث الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، وبحسب تقرير لـ”بلومبرج” سيعرض التصعيد الروسي الأخير إمدادات الوقود لأوروبا للخطر على مستوى الأسعار والكميات، في حال قرر الغرب استهداف قطاع النفط والغاز الروسي بالعقوبات.

هل يمكن تعويض إمدادات الغاز الروسي؟

قال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي في 22 فبراير خلال منتدى الدول المصدرة للغاز بالدوحة: “لا قطر ولا أي دولة منفردة أخرى لديها القدرة على أن تحل محل إمدادات الغاز الروسية لأوروبا، فروسيا مسؤولة عن توريد ما بين 30 إلى 40% من الإمدادات لأوروبا، ولا تستطيع دولة بمفردها تعويض هذا الكم فيما يتعلق بالغاز الطبيعي المسال”، بحسب  “فرانس برس“.

وأبلغ سعد الكعبي مفوض الاتحاد الأوروبي للطاقة كادري سيمسون، في وقت سابق من هذا الشهر أن قطر ستبذل “قصارى جهدها” لمساعدة أوروبا، موضحا أن غالبية كميات الغاز القطري مرتبطة بعقود طويلة الأجل والكميات القابلة للتحويل إلى أوروبا تتراوح بين 10 و15%.

البحث عن بديل للغاز الروسي بدأ مبكرًا

أفاد تقرير نشرته “بلومبرج” في الثاني من فبراير الجاري، بأن الإدارة الأمريكية أجرت محادثات مع العديد من مصدري ومستهلكي الغاز الطبيعي في العالم للبحث عن فائض يمكن إرساله إلى أوروبا في حال قررت روسيا قطع أو خفض إمداداتها إلى القارة الأوروبية.

وشملت المحادثات بلدان لديها فائض استهلاك مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وبلدان منتجة للغاز كقطر ونيجيريا وليبيا والجزائر ومصر، وناقش الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال استقباله لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في البيت الأبيض نهاية يناير الماضي دور قطر باعتبارها ثاني أكبر منتج للغاز المسال في العالم، في ضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية.

الدول المستفيدة من الأزمة

الدول المنتجة للغاز والنفط ستكون في مقدمة المستفدين من الأزمة الروسية الأوكرانية، فمع الإعلان عن بدء العملية الروسية ضد أوكرانيا، قفزت أسعار النفط اليوم بأكثر من 7%، وارتفعت العقود الآجلة الغاز الأوروبية بنحو 41%، وفقا لـ”بلومبرج“.

وينظر للدول العربية المنتجة للنفط والغاز كقطر والسعودية والجزائر بوصفها مصدرًا يمكن أن يعوض إمدادات الغاز والنفط الروسي إلى أوروبا، في حال قطعها، وتطلع واشنطن إلى إمكانية أن تلعب هذه الدول دورًا في منع الارتفاع الشديد في أسعار الطاقة العالمية نتيجة الأزمة الأوكرانية الروسية، وفقًا لـ”بي بي سي“.

السعودية وأرامكو.. نموذجًا

تسيطر السعودية على 55٪ من الطاقة الإنتاجية العالمية للنفط الخام، ما يجعلها قادرة على التدخل لتخفيف أي اضطرابات في إمدادات النفط أو أسعاره، وتوقع مقال نشرته “واشنطن بوست” منتصف الشهر الجاري، أن تربح السعودية نحو 375 مليار دولار من إيرادات النفط هذا العام مع تجاوز الأسعار سقف الـ100 دولار للبرميل، وأن تعزز الأزمة الأوكرانية الروسية حصة الرياض السوقية.

خلال تعاملات اليوم (الخميس)، واصل سهم عملاقة النفط السعودي “أرامكو” تسجيل مستويات قياسية مرتفعًا بنسبة 1.97% إلى سعر 41.35  ريال، وهو أعلى سعر له على الإطلاق، ما دفع الشركة لتصعد إلى المركز الثاني عالميًا من حيث القيمة السوقية بقيمة 2.23 تريليون دولار، لتقترب أرامكو من إزاحة “أبل” صاحبة أعلى قيمة سوقية عالميًا بنحو 2.6 تريليون دولار.

قطر والجزائر.. وسوق الغاز

تحتل قطر المرتبة الثانية كأكبر منتج للغاز المسال عالميا، ويمكنها أن تلعب دورًا أيضًا في تعويض جانب من إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، فحاليًا تشكل نحو 5.2% من واردات الغاز المسال لأوروبا وفقًا لـ”بي بي سي” إلا أن هذه النسبة قابلة للزيادة مستقبلًا وعلى المدى القصير، وبحسب تصريحات وزير الطاقة القطري يمكن رفعها بنسبة 10 إلى 15%.

ويمكن للجزائر لعب دورًا مهمًا لتعويض أي نقص في الإمدادات الروسية من الغاز باعتبارها ثالث أكبر مصدر للغاز إلى أوروبا بعد روسيا والنرويج، وتمتلك 3 خطوط أنابيب لتصدير الغاز مباشرة إلى أوروبا، وخلال 2021 قفزت صادراتها من الغاز إلى إيطاليا 76 % إلى 21 مليار متر مكعب، مقتربة من حجم الإمدادات الروسية التي بلغت 29 مليار متر مكعب، بحسب تقرير لـ”الحرة“.

ربما يعجبك أيضا