الحرب الروسية الأوكرانية تشعل أسعار الأسمدة عالميًا.. لماذا؟

دعت وزارة التجارة والصناعة الروسية، أمس الجمعة 4 مارس 2022، منتجي الأسمدة في البلاد إلى وقف الصادرات مؤقتًا إلى حين استئناف خدمات النقل داخل وخارج روسيا بشكل طبيعي.

التحرك الروسي يأتي عقب إعلان شركات الشحن العالمية في الأول من مارس الجاري، وقف جميع شحنات البضائع تقريبًا من وإلى روسيا امتثالًا للعقوبات الغربية التي ترتبت على غزو موسكو لأوكرانيا.. فما تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على سوق الأسمدة العالمية؟

تأثير العقوبات على حركة الصادرات

تنتج روسيا سنويًا أكثر من 50 مليون طن من الأسمدة 13٪ من إجمالي الإنتاج العالمي ما يجعلها لاعبًا أساسيًا في سوق الأسمدة، لكن العقوبات التي استهدفتها مؤخرًا، باتت تهدد بتقويض صادراتها، لا سيما بعد أن قررت واشنطن والاتحاد الأوروبي خلال الأسبوع الماضي استبعادها من نظام “سويفت” للمدفوعات بين البنوك عبر الحدود، وفقًا لـ”رويترز” و”وول ستريت جورنال“.

واستجابة لهذه العقوبات اضطرت شركات الشحن العالمية مثل “ميرسك” الدنماركية و”أم إس سي” السويسرية إلى تعليق الشحنات ووقف الحجوزات الجديدة إلى روسيا، وقالت وزارة التجارة الروسية إن الفشل في تسليم شحنات الأسمدة الروسية من الممكن أن يؤثر على الأمن القومي في عدة بلدان، يتسبب في نقص حاد في الغذاء لمئات الملايين من البشر على المدى المتوسط.

إمدادات روسيا يصعب تعويضها

معهد الأسمدة الأمريكي “تي أف آي” قال في بيان، إن روسيا تعد موردًا عالميًا للأسمدة وتعطل إمداداتها من شأنه التأثير سلبًا على المعروض العالمي من الأسمدة، موضحًا أن روسيا تعد ثاني أكبر منتج بالعالم للأمونيا واليوريا والبوتاس وخامس أكبر منتج للفوسفات المعالج، وأنها تستحوذ على 23% من صادرات الأمونيا عالميًا و14٪ من اليوريا، و21٪ من البوتاس، و10٪ من الفوسفات المعالج.

وأوضح المحلل في “بلومبرج جرين ماركتس” أليكسيس ماكسويل، أن روسيا تتميز بكونها مصدرًا رئيسيًا منخفض التكلفة لجميع أنواع مغذيات المحاصيل الزراعية والتربة “الأسمدة”، مضيفًا أن خسارة الإمدادات الروسية من الأسمدة ستكون بمثابة صدمة شديدة للسوق وستخلف نقصًا “يصعب تعويضه” في المعروض.

روسيا الثانية عالميًا في إنتاج البوتاس

الأسعار مرشحة لمزيد من الارتفاع

منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، قفزت أسعار العقود الآجلة لأسمدة اليوريا بنسبة 32٪، وارتفعت العقود الآجلة لثنائي فوسفات الأمونيوم بنسبة 13٪، وبحسب بلومبرج قفز مؤشر أسعار الأسمدة في أمريكا الشمالية، أمس الجمعة، بنسبة 10%، مسجلًا أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2021، يضاف ذلك إلى ارتفاع شهدته أسعار الأسمدة على مدار الـ18 شهرًا الماضية.

وارتفعت أسعار الأسمدة خلال العام الماضي بفعل عدة عوامل، أبرزها “تعطل سلاسل الإمدادات العالمية جراء جائحة كورونا وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي الذي يعد عنصرًا أساسيًا في صناعة الأسمدة النيتروجينية”، والآن يهدد وقف صادرات الأسمدة الروسية بزيادة الضغط على المعروض العالمي، ما يرشح الأسعار لمزيد من الارتفاع، بحسب لـ”بلومبرج”.

وتوقع معهد الأسمدة الأمريكي أن تشهد صناعة الأسمدة النيتروجينية مزيدًا من الضغوط نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية وما تخلقه من حالة عدم يقين في أسواق الطاقة وارتفاعات مستمرة للأسعار، موضحًا أن روسيا تعد ثاني أكبر منتج للغاز في العالم وتوفر نحو ثلث احتياجات أوروبا من الغاز.

ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية في 2021

نقص الأسمدة الروسية يرفع أسعار الغذاء

توقعت “بلومبرج” أن يؤدي تعليق الصادرات الروسية إلى مزيد من الاضطراب بأسواق الأسمدة العالمية وزيادة التكاليف بالنسبة للمزارعين حول العالم، وبالتبعية مزيد من التضخم في أسعار المواد الغذائية، وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” أن مؤشرها لأسعار السلع الغذائية ارتفع 3.9% في فبراير مسجلًا مستوى قياسي جديد عند 140.7 نقطة.

وقال الخبير الاقتصادي في “الفاو” أوبالي جالكتي أراتشيلاج إن الجزء الأكبر من الزيادة التي نشهدها حاليًا في أسعار الغذاء العالمية يعزى لارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة والأعلاف، منوهًا بأن هذه العوامل تضغط على هوامش الربح لمنتجي الأغذية ما يثنيهم عن زيادة الإنتاج ويخلق اختناقات في المعروض ويدفع الأسعار لمزيد من الارتفاع.