الروبل مقابل الغاز.. هل يُضيق بوتين الخناق على «الدول المعادية»؟

ولاء عدلان

نائب رئيس الوزراء الروسي: أوروبا لا تمتلك ما تستبدل به الغاز الروسي في الوقت الراهن، ولن يكون لديها أي بديل خلال السنوات الخمس القادمة.


أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الأربعاء، أن بلاده قررت تحويل مدفوعات إمدادات الغاز الروسي للدول “غير الصديقة” إلى عملتها “الروبل”.

يأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه “الروبل” هزة عنيفة بفعل العقوبات الغربية التي استهدفت روسيا منذ بداية غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، ما دفع العملة الروسية إلى تسجيل أدنى مستوياتها على الإطلاق عند 121.5 روبل للدولار في وقت سابق من مارس الجاري 2022.

الغاز الروسي مقابل الروبل

قال الرئيس الروسي خلال اجتماع لكبار وزراء الحكومة: “لا معنى للاستمرار في توريد السلع الروسية للاتحاد الأوروبي وأمريكا وتلقي المدفوعات باليورو والدولار”، موضحًا أنه اتخذ قرارًا بالامتناع عن استخدام عملات “الدول غير الصديقة” في نقل الغاز، وأن بلاده ستواصل توفير إمدادات الغاز وفقًا للعقود المبرمة سابقًا، بحسب ما ذكرته “سي إن بي سي“، و”روسيا اليوم“.

وأمهل بوتين الحكومة الروسية والبنك المركزي أسبوعًا واحدًا للتوصل إلى حل بشأن كيفية تحويل المعاملات مع أوروبا إلى العملة الروسية، لافتًا إلى أن عملاقة الغاز الروسي “جازبروم” ستجري التغييرات المطلوبة على  عقود توريد الغاز في ضوء القرار الجديد، وموضحًا أن هذه التغييرات ستؤثر فقط في عملة الدفع التي ستتغير إلى الروبل.

قرار لدعم الروبل والإفلات من العقوبات

أوضح كبير الاقتصاديين في مؤسسة “بانثيون ماكرو إيكونوميست” الاستشارية كلاوس فيستيسين أن قرار بوتين سيعزز قيمة الروبل، عبر إجبار الدول المستوردة للغاز الروسي على شرائه، يشار إلى أن 58٪ من مبيعات “جازبروم” من الغاز إلى أوروبا ودول أخرى جرت تسويتها اعتبارًا من 27 يناير 2022باليورو، فيما شكل الدولار حوالي 39٪ من إجمالي المبيعات، وفقًا لـ”نيويورك تايمز“.

واعتبر المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الإيطالي فرانشيسكو جيافاتزي، أمس، أن الدفع مقابل الغاز الروسي بالروبل يشكل وسيلة للإفلات من العقوبات الغربية، ومن جهة أخرى اعتبر مصدر في الحكومة البولندية أن القرار الروسي يشكل انتهاكًا لقواعد الدفع المدرجة في العقود الحالية.

وفي أول ردة فعل من الشركات قالت “أو إم في” النمساوية، إنَ عقودها للغاز مع روسيا لا تنص على الدفع بالروبل، وفقًا لـ”سي إن بي سي” و”بلومبرج“.

ارتفاع الروبل والغاز بفعل قرار بوتين

أدت العقوبات  الغربية ضد روسيا إلى انخفاض قيمة الروبل إلى مستويات تاريخية، مع اندفاع الروس لتحويل “الروبلات” إلى عملات أخرى أكثر استقرارًا، ما دفع البنك المركزي الروسي لاتخاذ خطوات لدعم العملة منها رفع أسعار الفائدة إلى 20%.

لكن خلال تعاملات أمس سجل الروبل أعلى مستوياته في 3 أسابيع عند 95.99 روبلا للدولار، كما ارتفع أمام اليورو مسجلًا 105.41 روبل.

وبحسب “روسيا اليوم” استهل الروبل تعاملات أمس عند مستوى 103.92 روبل للدولار، وعند 119.18 روبل لليورو، ثم ارتفع بفعل قرار بوتين والذي دفع أيضًا العقود الآجلة المعيارية للغاز الأوروبي للارتفاع أمس بنسبة 18%، بعد أن قفزت خلال جلسة التعاملات بـ34%، كما ارتفعت عقود الفحم الأوروبي تسليم أبريل بنسبة 13%، وفقا لـ”بلومبرج” و”العربية“.

استبدال الغاز الروسي.. صعب

صرح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك في حديث لقناة “روسيا 1″ نشر اليوم الخميس، بأن أوروبا لا تمتلك ما تستبدل به الغاز الروسي في الوقت الراهن، ولن يكون لديها أي بديل خلال السنوات الخمس القادمة، موضحًا أن بلاده تورد حاليًا نحو 200 مليار متر مكعب، وتستهلك أوروبا 500 مليار متر مكعب، وهذا القدر لا يمكن استبداله خلال سنة واحدة ولا خلال 5 سنوات، وفقًا لـ”روسيا اليوم“.

ووصف إمكانية تخلي أوروبا بشكل تام عن موارد الطاقة الروسية بـ”سيناريو نهاية العالم”، من جانبه قال رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الألماني كلاوس إرنست، أمس، إن القرار الروسي ممكن تقنيًا، لكنه قد يؤدي في النهاية إلى مقاطعة غربية لموارد الطاقة الروسية، وإن كانت المقاطعة الفورية للغاز والنفط الروسيين سيكون لها عواقب سلبية كبيرة على أوروبا.

قمة لزيادة الضغط على بوتين

خلال الشهر الماضي قررت أمريكا وبريطانيا تعليق واردات الطاقة الروسية، وتجنب الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي الحيوي، فالغاز الروسي وحده يشكل نحو 40٪ من إجمالي الاستهلاك في أوروبا.

ومن المقرر اليوم الخميس أن تحتضن بروكسل 3 قمم يعقدها حلف شمال الأطلسي “الناتو” ومجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي، بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

أولويات تسليم الغاز الأمريكي

ستبحث هذه القمم سبل زيادة الضغط على بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا، وأيضًا قدرة أمريكا، وهي أكبر منتج للغاز في العام تليها روسيا، على تزويد أوروبا بالمزيد من الغاز، وأمس صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها ستناقش مع بايدن اليوم، كيفية إعطاء الأولوية لتسليم الغاز الأمريكي إلى دول الاتحاد في الأشهر المقبلة.

فيما صرح مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان أمس، بأن بايدن سيصدر إعلانًا يوم الجمعة المقبل بشأن الجهود المبذولة لتقليل الاعتماد الأوروبي على موارد الطاقة الروسية، مضيفا “مساعدة أوروبا على تقليل اعتمادها على روسيا تمثل أولوية رئيسية لواشنطن”، وفقا لتقرير لـ”واشنطن بوست“.

للاطلاع على المزيد بشأن العقوبات الغربية على قطاع الطاقة الروسي وبدائل النفط الروسي أضغط هنا

ربما يعجبك أيضا