تراجع المخاوف وتحذيرات من ردّة سريعة.. كيف تفاعلت الأسواق مع المفاوضات الروسيّة الأوكرانيّة؟

ولاء عدلان

الأسواق تأمل في التوصّل لاتفاق سلام ينهي الحرب الروسيّة الأوكرانيّة التي رفعت مستوى المخاطر الجيوسياسيّة والاقتصاديّة عالميًّا.


أعلنت وزارة الدفاع الروسية يوم الثلاثاء 29 مارس 2022، خفض عمليّاتها القتاليّة على محوري كييف وتشيرنيغوف بشمال أوكرانيا، لتهيئة الظروف لمواصلة المفاوضات السلميّة.

واقترح مفاوضون أوكرانيّون تبنّي وضعًا محايدًا مقابل ضمانات أمنيّة من موسكو، في ختام أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ أكثر من أسبوعين، استضافتها تركيا وشهدت أجواءً إيجابيّة عزّزت آمال وقفٍ قريب لإطلاق النار.. فكيف تفاعلت الأسواق العالميّة معها؟

تراجع المخاوف

قال كبير الاقتصادييّن في مجموعة “إيه أم بي” الاستشاريّة التي تتخذ من سيدني مقرًا لها، شين أوليفر، لـ”رويترز” اليوم الأربعاء، إن أسواق الأسهم والسلع العالمية تأمل في التوّصل لاتفاق سلام ينهي الحرب الروسيّة الأوكرانيّة التي رفعت مستوى المخاطر الجيوسياسيّة والاقتصاديّة عالميًّا، لافتا إلى أن الأخبار الإيجابيّة ساهمت في تهدئة مخاوف الأسواق ومنحتها دفعه جيّدة.

في المقابل، اعتبر مدير الأصول في “يونيجستيشن” التي تتخذ من جنيف مقرًا لها، جويلم سافري، في تصريح لـ” سي إن بي سي” أمس الثلاثاء، أن أسواق الأسهم والسلع تشهد حاليًا دورة إيجابيّة قصيرة المدى ستتغير بمجرد وقوع حدث جيوسياسي سلبي أو صدور بيانات اقتصاديّة سلبيّة تتعلق بمستويات النمو المتوقعه هذا العام.

النفط يتراجع

ساهم تعهّد روسيا بخفض جذري لعمليّاتها العسكريّة حول كييف في تهدئة الارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار النفط منذ 24 فبراير الماضي، بفعل مخاوف توقّف الإمدادات الروسيّة، ثالث أكبر منتج للنفط بالعالم وثاني أكبر منتج للغاز، وفي ختام تعاملات أمس، تراجع خام برنت 2% إلى 110.23 دولار للبرميل، بعد استهدافه مستوى الـ140 دولارًا للبرميل مطلع مارس، وفق “سي إن بي سي“.

في المقابل، تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.6% إلى 104.24 دولارًا للبرميل، وقال المدير العام للأبحاث في “نيسان” للأوراق المالية، هيرويوكي كيكوكاوا، إن تقدّم محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا شكّل ضغطًا على سوق النفط، وسط مخاوف من تخمة في المعروض حال رفع العقوبات الغربيّة عن روسيا، وتراجع الطلب بفعل الإغلاق في الصين، أكبر مستورد للوقود بالعالم.

أسواق الأسهم ترتفع

ارتفعت الأسهم الأمريكيّة في ختام تعاملات أمس، مدعومة بالأخبار الإيجابيّة بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار، وقفز مؤشّر داو جونز الصناعي بنحو 1% ليغلق عند 35294.29 نقطة، مُحقّقًا مكاسب للجلسة الرابعة على التوالي، وارتفع مؤشّر “أس آند بي 500” 1.2% إلى 4631.60 نقطة، وارتفع “ناسداك” 1.84% إلى 14619.64، وفقًا لـ”فاينشال تايمز” و”سي إن بي سي”.

وفي أوروبا أغلق مؤشّر “ستوكس 600” مرتفعًا 1.7% ليسجّل أعلى مستوياته منذ 17 فبراير أي قبل العملية العسكريّة الروسيّة في أوكرانيا، مدعومًا بصعود جماعي لقطاعات السوق باستثناء الموارد الأساسيّة والنفط اللذين هبطا 2.2% و1.9% على التوالي، في المقابل ارتفع “البنوك” 3.8% على أمل أن يؤدّي إنهاء الحرب في تعزيز التوقّعات الاقتصاديّة لمنطقة اليورو، وفي آسيا أغلقت الأسهم اليابانية على ارتفاع بأكثر من 1%، وفق “رويترز“.

أسواق السلع

أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى إرباك حركة صادرات الحبوب من منطقة البحر الأسود وارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى مستويات قياسية، وتعزيز مخاوف ارتفاع التضخم عالميا، لذا دفعت المؤشرات الإيجابية بشأن وقف إطلاق النار بين الجانبين، أمس، العقود الآجلة للقمح الأمريكي للتراجع بـ4% إلى حوالي 10.14 دولار للبوشل، وتراجعت عقود الذرة بنحو 3% إلى 7.26 دولار للبوشل.

فيما تراجعت عقود فول الصويا حوالي 21 سنتا إلى 16.43 دولار للبوشل، يشار إلى أن روسيا تستحوذ على 18% من حجم صادرات القمح العالمية سنويا، فيما تهيمن أوكرانيا على 40.4% من صادرات البذور النباتية و13.4% من صادرات الذرة عالميًا، وفقا لـ”سي إن بي سي“.

أسواق المعادن

قال كبير محلّلي السوق في “أواندا” الأمريكية الاستشارية، إدوارد مويا، لـ”رويترز“: شهدنا أمس انخفاضًا حرًّا في سوق المعادن بعد تراجع وتيرة التصعيد الروسي، الأمر الذي يغّذي التفاؤل بنهاية الحرب وشهيّة المخاطرة في السوق”، وفي ختام تعاملات أمس تراجعت العقود الأمريكيّة الآجلة للذهب 1.4% إلى 1912.20 دولار.

كذلك تراجعت الفضة 0.5% والبلاتين بـ0.4%، والأخير تستحوذ روسيا على 14% من إجمالي صادراته عالميًّا، وهبط سعر البلاديوم الفوري 4.4% إلى 2134.81 دولار للأوقية، بعد أن هبط إلى أدنى مستوى له منذ 21 يناير عند 2032.97 دولار خلال الجلسة، وتستحوذ روسيا على 23% من حجم صادرات البلاديوم العالميّة.

شكوك في نوايا روسيا

شكّكت أوكرانيا يوم الثلاثاء، في نوايا روسيا بشأن وقف العمليّات العسكريّة في محيط العاصمة كييف، وقال كبير محلّلي الأسواق في “بلو لاين فيوتشرز” في شيكاغو، فيليب ستريبل، إن المحادثات الروسيّة الأوكرانيّة قد تنهار في أي وقت، وتتراجع المعنويّات مرة أخرى، وفي هذه الحالة قد يصل سعر الذهب إلى 1950 دولارًا، ارتفاعًا من مستوياته الحاليّة حول 1900 دولار، وفق “رويترز“.

ونقلت “رويترز” عن محلّلين أن شحّ المعروض في سوق النفط سيُبقي الأسعار شبه مستقرّة دون تراجع كبير، حتى مع تقدّم المفاوضات الروسيّة الأوكرانيّة، في المقابل حذّر “بنك أوف أمريكا” من أن الارتفاعات الحالية في “وول ستريت” مبالغ فيها ولن تدوم طويلًا، واعتبرت “رويترز” أن الأسواق تجاهلت تحذيرات واشنطن من تحرّكات موسكو لإعادة نشر قوّاتها حول أوكرانيا، واندفعت نحو الأصول الخطرة متجاهلة ارتفاع التضخّم العالمي، وتوجهات رفع أسعار الفائدة عالميًّا.

ربما يعجبك أيضا