الاقتصاد الأمريكي بين التضخم وزيادة سعر الفائدة.. فما مصيره؟

ولاء عدلان

المحافظ السابق لـ"الاحتياطي الفيدرالي" لورانس ليندسي: الاقتصاد الأمريكي قد يشهد ركودًا في الربع الثالث من 2022.


حذر “بنك أوف أمريكا”، في 11 إبريل الحالي 2022، من أن شبح الركود يلوح في سماء الاقتصاد الأمريكي، وسط توقعات أكثر قتامة لنتائج محاولات الاحتياطي الفيدرالي لترويض التضخم.

وجاء هذا التحذير بالتزامن مع تقرير حكومي كشف، الثلاثاء الماضي، عن ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال مارس الماضي، بأسرع وتيرة منذ ديسمبر 1981، وسط ارتفاعات قياسية في أسعار كل شيء من السيارات إلى الملابس وأغذية الأطفال.

ركود في الأفق

قال كبير محللي الاستثمار في بنك أوف أمريكا، مايكل هارتنت، في مذكرة الاثنين الماضي، إن خروج التضخم عن السيطرة مع توجه الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” لرفع أسعار الفائدة بأسرع وتيرة ممكنة، قد يعجل بصدمة الركود التضخمي التي باتت مؤشراتها حاضرة في السوق الأمريكية، وفقًا لـ”سي إن إن بيزنس“.

فيما توقع الاقتصاديان في “دويتشه بنك” ديفيد لانداو وبيتر هوبر في مذكرة بتاريخ 5 إبريل 2022، أن يضرب الركود الاقتصادي أمريكا خلال العامين المقبلين على خلفية تفاقم التضخم وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، ورجح بنك “جولدمان ساكس” مطلع إبريل احتمالية تعرض الاقتصاد الأمريكي إلى الركود خلال الـ24 شهرًا المقبلة بنسبة تصل إلى 38%، وفقًا لتقرير بمجلة “فورتشن” الأمريكية.

الركود قد يكون قريبًا

نقلت “فورتنشن” عن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق في نيويورك بيل دودلي قوله إن الاحتياطي الفيدرالي لن يتمكن من كبح التضخم في الوقت الراهن، دون التسبب في ركود لا مفر منه، ويشار إلى أن رفع أسعار الفائدة يؤدي إلى رفع تكلفة قروض المستهلكين والشركات، ما يجبر أصحاب الأعمال على تقليص استثماراتهم وبالتبعية يتأثر النمو الاقتصادي سلبًا.

ومن جانبه قال المحافظ السابق لـ”الاحتياطي الفيدرالي” لورانس ليندسي، إن الاقتصاد الأمريكي، أكبر اقتصاد في العالم، قد يشهد ركودًا في الربع الثالث من 2022، مع تحرك “الفيدرالي” تجاه تشديد السياسة النقدية واستمرار التضخم في الحد من إنفاق المستهلكين.

“باول” يرفض مخاوف الركود

رفض رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في مؤتمر صحفي في 16 مارس الماضي، المخاوف من أن المزيد من التشديد من “المركزي” سيؤدي إلى ركود، وقال إن احتمال حدوث ركود في العام المقبل ليس مرتفعًا، مستشهدًا بمؤشرات سوق العمل القوية بما فيها نمو الرواتب والميزانية العمومية المرتفعة لغالبية الشركات، وفقًا لـ”فوكس بزنس“.

وأضاف: كل الدلائل والمؤشرات توضح أن اقتصادنا الأمريكي في وضع جيد، يسمح له بالنمو وترويض التضخم، عبر سياسة نقدية أقل تيسيرًا، متوقعًا رفع الفائدة 6 مرات إضافية حتى نهاية 2022، وأن ينمو الاقتصاد الأمريكي بـ2.8% هذا العام انخفاضًا من 5.7% خلال 2021.

توقعات برفع الفائدة

خلال الشهر الحالي، توقع 56 خبيرًا اقتصاديًّا من إجمالي 102 خبير استطلعت “رويترز” آراءهم، أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في مايو ويونيو المقبلين، بإجمالي 100 نقطة أساس، وذلك بعد أن رفعها في مارس الماضي بـ0.25%، للمرة الأولى منذ بداية جائحة فيروس كورونا كوفيد 19، التي أجبرته على خفض الفائدة إلى حدود الصفر لتحفيز الاقتصاد.

فيما توقع تقرير لـ”ذي إيكونوميست” البريطانية أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة قصيرة الأجل من 0.5% إلى أكثر من 2.5٪ بحلول شهر ديسمبر المقبل، بالإضافة أنه توقع أن يستمر الرفع أيضًا إلى أن تقفز أعلى الـ3% خلال عام 2023 المقبل.

20220409 ldc087

توقعات لمسار رفع الفائدة الأمريكية

التضخم عند أعلى مستوياته في 40 عامًا

أعلنت وزارة العمل الأمريكية في 12 إبريل الحالي، أن مؤشر أسعار المستهلكين قفز بـ1.2% على أساس شهري، وبـ8.5٪ على أساس سنوي في مارس الماضي، وهي أسرع وتيرة لزيادة التضخم مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية، منذ ديسمبر 1981، وفقًا لـ”سي إن إن بزنس”.

وتوقع استطلاع “رويترز” هذا الشهر، أن يبلغ متوسط مؤشر أسعار المستهلك داخل الولايات المتحدة الأمريكية نحو 6.8% هذا العام، و3% خلال العام المقبل، مقابل 6.1% و2.6% على الترتيب في استطلاع أجرته الصحيفة في مارس الماضي. وذلك في محاولة للكشف عن أسباب التضخم وإيجاد حلول لها.

استخدام المكابح النقدية ضرورة

في 16 مارس الماضي، رفع جيروم باول، تقديراته للتضخم هذا العام إلى 4.1% مقارنة بتقديرات فبراير 2.6%. وقال: نحن ملتزمون، في الولايات المتحدة الأمريكية، بعدم السماح بترسيخ التضخم المرتفع، وإذا استدعت مؤشرات التضخم رفع الفائدة بسرعة أكبر فسوف نتحرك صوب هذا الاتجاه.

ورأت “ذي إيكونوميست” أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى الضغط على المكابح النقدية بسرعة أكبر من المتوقع، لكبح التضخم القياسي، وهذا سيقوض النمو الاقتصادي، لافتة إلى أن “الفيدرالي” تاريخيًّا لم ينجح في كبح التضخم دون دفع الاقتصاد نحو الركود، مرجحة أن تدخل البلاد دائرة الركود في غضون العامين المقبلين.

ربما يعجبك أيضا