التضخم في تركيا يسجل أعلى مستوياته منذ 24 عامًا.. ما التفاصيل؟

ولاء عدلان

وزير المالية التركي: ستظل محاربة التضخم على رأس أولوياتنا في الفترة المقبلة، ولن نسمح بسحق مواطنينا تحت ضغط التضخم.


أظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي، في 3 يونيو 2022، ارتفاع معدل التضخم السنوي خلال مايو الماضي إلى أعلى مستوياته في 24 عامًا.

وتواصل معدلات التضخم في تركيا ارتفاعها، منذ الخريف الماضي، وسط انهيار للعملة الوطنية “الليرة”، بفعل سياسات البنك المركزي التركي التيسيرية، وعدد من العوامل الخارجية أبرزها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة العالمية.

 قفزة أقل من التوقعات

قال معهد الإحصاء التركي إن التضخم نما خلال مايو الماضي 2.98% على أساس شهري، وارتفع 73.50% على أساس سنوي، وبمقدار 35.64% مقارنة بشهر ديسمبر 2021، وهذه الأرقام أقل من توقعات سابقة لرويترز بارتفاع التضخم في تركيا 4.8% على أساس شهري وبـ76.55% على أساس سنوي، وفق وكالة نيو ترك بوست.

وأوضح أن زيادة التضخم السنوي جاءت مدفوعة بارتفاع 4 مجموعات رئيسة، يرصدها مؤشر المستهلك التركي، وهي تكاليف النقل التي قفزت بـ107.62%، والأغذية والمشروبات غير الكحولية بـ91.63%، والمفروشات والمعدات المنزلية بـ82.08%، والفنادق والمقاهي والمطاعم بـ76.83%، فيما ارتفع مؤشر أسعار المنتجين المحليين في مايو بـ8.76% على أساس شهري وبـ132.16% على أساس سنوي.

مسار التضخم في تركيا- المصدر معهد الإحصاء التركي

الأعلى منذ أكتوبر 1998 ولكن

بحسب رويترز، تجاوز معدل التضخم، في مايو الماضي، الرقم القياسي الذي سجله في 2002 عند مستوى 73.2% وهو الأعلى منذ أكتوبر 1998، عندما سجل التضخم السنوي 76.6%، أي أنه أعلى معدل سنوي خلال عقدين من حكم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلا أن وزير المالية التركي، نور الدين النبطي، قال، في 3 يونيو عبر حسابه على تويتر، إن الزيادات في التضخم تتجه نحو التباطؤ.

وأوضح النبطي أن التضخم دخل في منحى هبوطي، فمعدل الزيادة الشهرية في مؤشر أسعار المستهلكين سجل في مايو 2.98%، بعد أن كان 7.25% في إبريل، مضيفا أن الزيادات الكبيرة في أسعار السلع الأساسية عالميًّا، الناجمة عن استمرار تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية واضطرابات سلاسل التوريد العالمية تلعب دورًا أساسيًّا في زيادة التضخم محليًّا.

 

التضخم يتصدر أولويات الحكومة

شدد وزير المالية التركي على أن الحكومة التركية تواصل جهودها لضمان أن يكون مواطنوها هم الأقل تأثرًا بارتفاع الأسعار العالمية من خلال السياسات التي تنفذها لتوجيه الأسعار وخفض الضرائب وزيادة الإعانات، مضيفًا: “التراجع في التضخم مستمر، وفي الفترة المقبلة نتوقع أن الزيادة في إنتاجنا الزراعي ستدعم بقدر إيجابي تخفيف عبء التضخم”.

وتابع: “ستظل محاربة التضخم على رأس أولوياتنا في الفترة المقبلة، ولن نسمح بسحق مواطنينا تحت ضغط التضخم”. وفي نهاية إبريل الماضي، أعرب أردوغان عن أمله في بدء تراجع التضخم بعد مايو، وقال في تصريحات صحفية: “نستهدف خفض التضخم عبر خطوات اتخذناها وسنتخذها، وتكون في اتجاه إيجابي أكثر بنهاية العام، لقد خفضنا التضخم إلى خانة الآحاد من قبل، وسنخفضه مرة أخرى”.

التضخم يهدد النمو الاقتصادي

تشكك المعارضة التركية في أرقام معهد الإحصاء في ما يتعلق بالتضخم، وتعتقد أنها أعلى من المعلن، وبحسب رويترز يتجه التضخم في تركيا لينهي 2022 عند مستوى 63% ارتفاعًا من 52% في استطلاع مايو الماضي، وقال جولدمان ساكس، في مذكرة حديثة، إن ارتفاع الأسعار وتأثيره الضار على الإنفاق الاستهلاكي من شأنه أن يحد من النمو خلال الأشهر المقبلة، وفق فايننشال تايمز.

ويحافظ جولدمان ساكس على توقعاته لنمو الاقتصاد التركي خلال 2022 عند 3.5%، لكنه حذر أخيرًا من أن هذه التوقعات يكتنفها عدم اليقين حاليًّا بفعل ارتفاع التضخم وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

يشار إلى أن الاقتصاد التركي نما خلال الربع الأول من 2022 بمقدار 7.3% على أساس سنوي، و1.2% على أساس فصلي، انخفاضًا من 1.5% في الربع الأخير من 2021، وفق معهد الإحصاء التركي.

مسار نمو الاقتصاد التركي خلال الربع الأول، وفق بيانات معهد الإحصاء التركي

فشل السياسة النقدية

قال الخبير الاقتصادي التركي، أردا تونكا، لرويترز: “لا يمكن لتركيا حل مشكلتها الرئيسة المتمثلة في ارتفاع التضخم باستخدام سياساتها النقدية الحالية”، يشار إلى أن الرئيس التركي يتبنى نموذجًا اقتصاديًّا يرسخ لأسعار الفائدة المنخفضة، وفي هذا الإطار خفض المركزي التركي “الفائدة” خلال العام الماضي بمقدار 500 نقطة أساس وحاليًّا يحافظ عليها عند مستوى 14%، وفق فايننشال تايمز.

ويدافع المركزي التركي عن سياسته يتوقعه تراجع معدلات التضخم تدريجيًّا إلى المستهدف عند 5%، وبأن انخفاض الفائدة يدعم النمو الاقتصادي الذي بلغ العام الماضي 11% على أساس سنوي، لكن في المقابل أدت سياسة “المركزي” التيسيرية إلى رفع معدلات التضخم وتعميق أزمة الليرة، فبعد تراجعها العام الماضي بـ44% خسرت منذ بداية 2022 نحو 20% من قيمتها، وفق سي إن بي سي.

 

ربما يعجبك أيضا