هل تتدخل الحكومة اليابانية لوقف انهيار «الين»؟

ولاء عدلان
الين الياباني

سجل الين الياباني، الخميس الماضي، أدنى مستوياته في 20 عامًا عند 134.55 ين مقابل الدولار الواحد، ليرفع خسائره منذ بداية 2022 إلى نحو 14%.


أعربت الحكومة اليابانية، الجمعة 10 يونيو 2022، في بيان مشترك مع بنك اليابان المركزي، عن قلقها حيال الانخفاضات الحادة الأخيرة في قيمة العملة الوطنية، الين.

وكشف البيان عن قلق صانعي السياسات في اليابان، بشأن الضرر الذي قد يلحق تراجع الين إلى أدنى مستوياته، منذ 20 عامًا، بقدرة الاقتصاد الوطني “الهش” على التعافي، من خلال التأثير سلبًا في معدلات الإنفاق الاستهلاكي والنشاط التجاري.

جميع الخيارات مطروحة

قال “المركزي الياباني” ووزارة المالية ووكالة الخدمات المالية، في بيان أمس “نحن قلقون بشأن التراجعات الحادة للين، وسنواصل العمل لتحديد الاستجابة المناسبة، حسب الحاجة وبناءً على مبادئ مجموعة 7 التي تضم إلى جانب اليابان، كلًّا من أمريكا، وبريطانيا، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا”، وفقًا لرويترز.

وقال نائب وزير المالية الياباني، ماساتو كاندا، في تصريحات للصحفيين، إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة لوقف انهيار العملة الوطنية، في إشارة إلى احتمالات تدخل الحكومة في الأسواق لدعم الين، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن ذلك لن يحدث قبل أن يتراجع الين إلى 140 ينًّا مقابل الدولار الواحد، وفقًا لفاينانشال تايمز.

انهيار الين

توقع كبير الاقتصاديين في معهد إيتوتشو الياباني للأبحاث الاقتصادية، أتسوشي تاكيدا، في تصريح لرويترز، أمس، أن تتدخل طوكيو في سوق العملة حال انخفاض الين إلى مستويات أدنى من 135 ينًّا مقابل الدولار، مرجحًا أن يكون التدخل منفردًا لليابان التي تحافظ على معدلات فائدة صفرية، في وقت تتجه فيه الاقتصادات الكبرى إلى زيادة وتيرة رفع الفائدة، بقيادة أمريكا للسيطرة على التضخم.

وخلال تعاملات الخميس الماضي تراجع الين إلى أدنى مستوياته في 20 عامًا عند 134.55 ين مقابل الدولار الواحد، لكنه ارتفع قليلًا، عقب اجتماع أمس، إلى مستوى 133.8، ليغلق بنهاية التعاملات عند 134.2 ين للدولار، ليرفع خسائره منذ بداية 2022 إلى نحو 14%، مدفوعًا بتوقعات بزيادات أكبر للفائدة الأمريكية خلال الشهر الحالي، في حين تراجع الين مقابل اليورو إلى أدنى مستوياته في 7 أعوام.

أسباب الانهيار

أوضح رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في اليابان، رانيل سالجادو، في تصريحات صحفية، الخميس الماضي، أن تراجعات الين الأخيرة مرتبطة بالفجوة الحالية في أسعار الفائدة بين اليابان وأمريكا، فالأخيرة رفعت الفائدة مرتين منذ مارس الماضي، ومن المتوقع أن ترفعها مرات عدة خلال الأشهر المقبلة، في حين تحافظ طوكيو على فائدة صفرية.

وتبلغ الفجوة في أسعار الفائدة بين اليابان وأمريكا، حاليًّا 287 نقطة أساس، وفي حين ارتفعت عوائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات خلال يونيو إلى 3% تسجل عوائد نظيرتها اليابانية مستويات صفرية، ما يزيد الضغط على الين، وبحسب سالجادو، فقد تأثر الين أيضًا بارتفاع تكاليف الطاقة وأسعار المواد الخام العالمية، وفق سي إن بي سي.

68sWBZZZA6zqNceJaAA56SwYRuz2GpMhAiZrFDsH

مسار ارتفاع الدولار مقابل الين.. (هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية”.

هل تتدخل طوكيو لحماية الين؟

ركّزت اليابان لعقود طويلة، على وقف الارتفاعات الحادة للين، وبالتوازي مع ذلك حافظت على معدلات تضخم مستقرة لنحو 3 عقود، ويعود تاريخ آخر تدخل حكومي لدعم الين إلى 1998، عندما بلغ الدولار مستوى 146 ينًّا، وبحسب رويترز فإن من المستبعد أن يغير المركزي الياباني نهجه في المدى القصير.

وقال محلل العملات في بنك سنغافورة، موه سيونج سيم، لرويترز، لا توجد مؤشرات على أن بنك اليابان قلق بشأن تأثير تراجعات الين في معدلات التضخم، لذا قد لا يتحرك قريبًا لرفع الفائدة ودعم الين. وتوقع اقتصاديون، لفاينانشال تايمز أن تكون اليابان، بنهاية 2022، الدولة الوحيدة في مجموعة 10، “مجموعة 7 + بلجيكا وهولندا والسويد وسويسرا كعضو ثانوي” التي لا تزال ملتزمة بسعر فائدة صفري.

التضخم عند مستويات تاريخية

من المتوقع، على نطاق واسع، أن يحافظ “المركزي الياباني” على سياسته التيسيرية لتحفيز النمو، في وقت لا يزال الاقتصاد الوطني يعاني فيه تداعيات جائحة فيروس كورونا، فخلال الربع الأول من 2022، على سبيل المثال، انكمش بـ0.5%، في حين خفض صندوق النقد الدولي في إبريل، توقعاته لنمو اقتصاد اليابان هذا العام إلى 2.4% من 3.3% في توقعات يناير، وفق بلومبرج ورويترز.

وخلال إبريل الماضي، سجل التضخم في اليابان أعلى مستوياته منذ أكتوبر 1994 عند 2.1%، متجاوزًا هدف البنك المركزي “2%” لأول مرة منذ 7 سنوات، وسط توقعات بأن يواصل ارتفاعه حتى نهاية 2022، مدفوعًا بارتفاع أسعار الغذاء والطاقة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.

ويتوقع “المركزي” أن التضخم سوف يتراجع تدريجيًّا، لارتباطه بعوامل خارجية، وفق هيئة الإذاعة والتليفزيون اليابانية.

LCZK06UBplk3FTwqcSUF40HFAaL8NHqIV7gNWPKZ

معدلات التضخم في اليابان

أزمة على الأبواب

يعد الين الأسوأ أداءً بين عملات مجموعة 10، منذ بداية العام، وتخاطر طوكيو بالسماح لعملتها بمزيد من التراجعات، فمن جهة الين الضعيف سيؤدي إلى زيادة أسعار السلع المستوردة، ومن جهة أخرى سيشعل معدلات التضخم ويؤثر سلبًا في جاذبية السندات اليابانية، مقابل سندات الاقتصادات المتقدمة الأخرى، والأخطر أن الأمر قد يفجر أزمة مالية جديدة في آسيا.

وخلال الأسبوع الماضي، حذر الرئيس السابق لجولدمان ساكس لإدارة الأصول، جيم أونيل، في تصريحات صحفية، من أن السماح بتراجع الين إلى مستوى 150 مقابل الدولار، قد يعيد سيناريو الأزمة المالية الآسيوية التي بدأت عام 1997 في تايلاند، موضحًا أن الصين قد تتدخل في سوق العملة، لحماية تنافسية صادراتها من الين الضعيف، ما يهدد باضطراب مالي في ظل موجة تشديد نقدي عالمية.

ربما يعجبك أيضا