للمرة الأولى منذ 2011.. «المركزي الأوروبي» يفاجئ الأسواق ويرفع الفائدة

ولاء عدلان
البنك المركزي الأوروبي

البنك المركزي الأوروبي يعتزم مواصلة رفع الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة، وفق تقييم مخاطر التضخم ومراحل الانتقال الفعّال من دائرة الفائدة السلبية.


قرر البنك المركزي الأوروبي، اليوم الخميس 21 يوليو 2022، رفع أسعار الفائدة على العملة الأوروبية الموحدة “اليورو” للمرة الأولى منذ 11 عامًا.

ويأتي القرار في محاولة لتهدئة معدلات التضخم في منطقة اليورو التي سجلت مستويات تاريخية خلال الفترة الأخيرة، وجاء مقدار الرفع بأكثر من توقعاته الأسواق بنحو 25 نقطة أساس، ومع توصية بمزيد من التشديد النقدي، وفق شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية.

قرار مفاجئ لـ”المركزي الأوروبي”

فاجأ البنك المركزي الأوروبي، المسؤول عن رسم السياسة النقدية لـ19 دولة تتعامل بعملة اليورو الموحدة، الأسواق برفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، لينهي نحو 8 أعوام من الفائدة السلبية، وبناء عليه جرى رفع معدل الفائدة الأساسي إلى 0.5%، وعلى القروض قصيرة الأجل من المركزي الأوروبي إلى 0.75%، وأصبح معدل الفائدة على الودائع صفر%.

وتوقعت الأسواق في وقت سابق رفعًا للفائدة الأوروبية بمقدار 25 نقطة أساس، للخروج السلس من دائرة الفائدة السلبية، وبحسب بيان لرئيس المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، كان الهدف الرئيس لهذا التحرك ضمان استقرار الأسعار، وتسريع الخطوات باتجاه إعادة التضخم إلى مستوياته المستهدفة عند 2%، بعد أن قفز إلى مستوى قياسي عند 8.6% خلال يونيو.

Untitledيسييس

لإعلان عن قرار رفع الفائدة الأوروبية

خطوة أولى

قال المركزي الأوروبي، في بيان، إنه سيتخذ المزيد من الخطوات عقب هذه الخطوة الأولى برفع الفائدة للمرة الأولى منذ 2011، وذلك عبر مواصلة رفع الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة، وفق تقييم مخاطر التضخم ومراحل الانتقال الفعّال من دائرة الفائدة السلبية.

وأوضح البيان أن سنوات أسعار الفائدة السلبية الأدنى من الـ0% تسمح لمنطقة اليورو بمزيد من رفع الفائدة، وصولًا إلى إعادة التضخم إلى مستهدف 2% على المدى المتوسط.

أداة لتطبيع السياسة النقدية

أعلن المركزي الأوروبي، اليوم، أيضًا إطلاق أداة TPI، أو أداة حماية تعميم السياسات، بهدف تطبيع السياسة النقدية بسلاسة عبر جميع دول منطقة اليورو، خصوصًا الدول المثقلة بالديون مثل إيطاليا، والحدّ من تأثيرات رفع الفائدة في هذه الدول، عبر ضبط تكاليف الإقراض.

والأداة الجديدة عبارة عن برنامج لشراء الأسهم في أسواق المال الأوروبية التي قد تعاني من اضطرابات نتيجة رفع الفائدة، ويعتمد حجم مشترياتها على شدة المخاطر التي تواجه الدولة، وستركز على شراء السندات الحكومية ذات آجال استحقاق تتراوح ما بين عام إلى 10 أعوام.

ضغوط تضخمية

قالت رئيس المركزي الأوروبي، خلال مؤتمر صحفي، إن الحرب الروسية الأوكرانية تشكل عائقًا مستمرًا على طريق النمو الاقتصادي، وتضاف إلى عوامل مثل ضغوط التضخم، وقيود الإمدادات العالمية، وزيادة حالة عدم اليقين عالميًّا، موضحة أن جميع هذه العوامل تؤدي إلى إرباك التوقعات للنصف الثاني من 2022 وما بعده.

وأضافت “نتوقع أن تساعد السياسة المالية في التخفيف من تداعيات الحرب على الشركات والأسر”، مشددة على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للحدّ من مخاطر الضغوط التضخمية، بالتوازي مع الحفاظ على قدرة دول “اليورو” على تحمل الديون، وكذلك زيادة إمكانية تحقق النمو بطريقة مستدامة.

التضخم

التضخم في منطقة اليورو

توقعات ضبابية

أشارت لاجارد إلى أن مخاطر ارتفاع التضخم أعلى 2% تشتد على المدى القصير، وتهدد توقعات المركزي الأوروبي على المدى المتوسط حال مواصلة أسعار الطاقة والغذاء الارتفاع، مضيفة أنه من المتوقع حدوث تباطؤ في نمو اقتصادات اليورو، “لكن نحن على استعداد لتعديل أدواتنا للحد من هذه المخاطر.”

ورفعت المفوضية الأوروبية هذا الأسبوع توقعاتها للتضخم خلال 2022 و2023 إلى 7.6% و4% على الترتيب، ارتفاعًا من توقعات مايو الماضي عند 6.1% و2.7% على الترتيب، في حين خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي إلى 2.6% في 2022، و1.4% في العام المقبل، هبوطًا من 2.7% و2.3% على الترتيب.

Untitledسس 1

تحرك متأخر

تتوقع الأسواق فشل سياسات المركزي الأوروبي في تجنيب منطقة اليورو لخطر الركود هذا العام، نظرًا لعدم اليقين الذي يحيط بإمدادات الغاز الروسي التي تشكل نحو 40% من استهلاك أوروبا سنويًّا، وقال المفوض الاقتصادي الأوروبي، باولو جينتيلوني، إنه في حال قررت موسكو قطع كامل إمدادات الطاقة عن أوروبا، فهذا قد يدفع دول اليورو إلى الركود بنهاية 2022، وفق “بلومبرج”.

وقال كبير اقتصاديي منطقة اليورو في بنك “إي إن جي”، كرستن برزيسكي، لصحيفة “الجارديان” البريطانية، إن الآفاق الاقتصادية لمنطقة اليورو تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، ولا يزال التضخم يتحرك في منحنى صاعد على المدى المتوسط، كون عملية تطبيع السياسة النقدية الأوروبية جاءت متأخرة للغاية.

اليورو يهدد مهمة المركزي الأوروبي

خلال الشهر الحالي، تراجع اليورو إلى أدنى مستوياته منذ 20 عامًا مقابل الدولار، الأمر الذي يصعب مهمة المركزي الأوروبي في معالجة التضخم، باعتبار أن أسعار الطاقة المرتفعة بالفعل تصبح أكثر تكلفة مع ارتفاع الدولار، كونه العملة الرئيسة لتسعير النفط، وفق “الجارديان”.

وارتفع اليورو مقابل الدولار إلى مستوى 1.0230 دولار مع الكشف عن قرار رفع الفائدة المفاجئ، ليقلص مكاسبه خلال منتصف التعاملات ويتراجع إلى 1.01921 دولار، متأثرًا بإعلان استقالة حكومة ماريو دراغي في إيطاليا.

ربما يعجبك أيضا