اقتحام الكابيتول.. عندما يحول «العناد» النموذج لأضحوكة

كتبت – علياء عصام الدين

لطالما كان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب رئيسًا مثيرًا للجدل، وقد توّج ترامب نهاية مسيرته السياسية بمشهد سينمائي سُيحفر في ذاكرة التاريخ.

مشهد لفت أنظار العالم بأسره، في ليلة لم ينم فيها أحد لمتابعة “المهزلة” التي لطخت الديمقراطية الأمريكية بالعار، وكشفت “زيفها” ودنست هيبة رمزها الديمقراطي”الكابيتول” وهزت هيبته.

وبعيدًا عن تحليل المشهد سياسيًا، فما حدث عند اقتحام “الكونجرس” الأمريكي، والصور التي تم نشرها وتداولها للمؤيدين وهم يلتقطون “السيلفي” ويبتسمون للكاميرات سعداء وفخورين بما قاموا به، يعكس تورطًا جماعيًا في سلوك مشين لا أخلاقي ومخالف للقوانين والأعراف، يقف وراءه رئيس “عنيد” متمسك بالسلطة حرض أنصاره ودفعهم لهذا التصرف الغوغائي، ثم خرج متظاهرًا بتحمل المسؤولية يدعوهم للعودة إلى منازلهم واصفًا إياهم بالعظماء!

مع اسبتعاد أن يكون هناك ما يمكن تسميته بـ” الإدراك السياسي” لمجموعة اليمينين الأمريكيين الذين اقتحموا الكونجرس، والمستوى المتدني الذي شاهدناه عبر الشاشات فإن المشهد ككل أثار سخرية العالم، إذ أسقط الديمقراطية الأمريكية من على عرشها وجعل منها أضحوكة الأمم بعد أن كانت رائدة العالم الحر الديمقراطي !

قد يبدو الاندهاش من أن يكون اقتحام الكونجرس مشهد الختام لولاية ترامب في حد ذاته اندهاشا “مستغربًا”.

فما المتوقع من عقلية رئيس لازمه “العناد” طيلة فترة ولايته، ولم يعترف حتى اللحظة بالخسارة مدعيًا أن الانتخابات قد سرقت وتم تزويرها، سوى التمسك بالسلطة حتى الرمق الأخير، دون أن يعطي أدنى اعتبار لما يمثله كونه رئيسًا للدولة العظمى التي صنعت الديمقراطية وصدرتها للعالم، تلك الدولة التي ما انفكت تنتقد النظم الاستبدادية.

ترامب الذي غلًب “إرادة” السلطة على صوت العقل كان لا بد أن ينهي رئاسته بهذه الطريقة، ولما كان العقل هو سيد الأخلاق وهو المنظم والمراقب لكل منظومات القيم كان من شأن الارتكان إلى الغريزة أن يفرز أسوأ النتائج.

إن أبشع ما فعلته مبادئ ما بعد الحداثة هو تدمير “الأصول” وما لحقها من موجة تدمير وقتل للثوابت الأمر الذي جعل فقدان البوصلة واختلال التمييز بين الاتجاهات أمر طبيعي وغير مستغرب، فكلنا في “الهواء سواء” غربًا كنا أو شرقًا.

ربما يعجبك أيضا