كاتب فلسطيني يكشف تداعيات إقصاء «القدوة» على المشهد السياسي

شيماء مصطفى

رؤية

القدس المحتلة – تناول الكاتب والسياسي الفلسطيني، عدلي صادق، في مقال نشره موقع صحيفة “العرب اللندنية”، اليوم السبت، تداعيات قرار فصل ناصر القدوة ابن شقيقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، من حركة فتح الفلسطينية، بعد إعلانه الدخول بقائمة مستقلة لسباق الانتخابات.

وتحت عنوان” تداعيات إقصاء القدوة على المشهد الفلسطيني برمته”، انتقد الكاتب الفلسطيني، قرار الرئيس محمود عباس مشيراً إلى أنه يعتمد على فلسفة خاطئة توافرت كل البراهين على عقمها، وملخصها أو جوهرها هو الاستمرار في تطيير رسالته إلى الجانب الإسرائيلي بأنه سيظل منحازا للتسوية حتى وهي غائبة.

وكشف في مقالته عن توالى ردود الفعل الفلسطينية على قرار رئيس السلطة محمود عباس، بعد فصل عضو اللجنة المركزية المنتخب من عضوية اللجنة والحركة، دون أي مسوّغ نظامي، مؤكداً في الوقت ذاته على نشأة شبه إجماع وطني على إدانة هذا الإقصاء الذي يعكس الحال المزرية التي وصلت إليها حركة فتح، حتى لم تعد تحتمل اجتهادا لرجل من قيادتها، يرى أن أحوال هذه الحركة لم تعد تحتمل الصمت والاستنكاف عن المبادرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل خوض الانتخابات التشريعية.

 وفي سياق التعليق على موقف القدوة من الأوضاع داخل الحركة، أوضح السياسي الفلسطيني أنه لم يجانب الصواب عندما دعا إلى عملية إصلاح ونهوض عاجلين في حركة فتح، ووقف ممارسات الإقصاء والتفرّد واختزال الحركة الكبيرة في شخص رجل واحد، لم يُسجّل أي نجاح، بل على العكس فشل في كل مقارباته، وكلما توغل في الفشل، كان يحرص على إحكام قبضته على السلطة، وتضييق حلقة الحاشية، وإصدار مراسيم بقرارات ذات طابع غير دستوري.

وانتقد “صادق” صمت بعض القيادات من أعضاء اللجنة المركزية على تصرفات عباس، رغبة منهم في البقاء على المنصة – على حد تعبيره-  ريثما تنتهي مرحلة عباس الذي يزحف إلى سن التسعين، لكن التدبير الأخير لإقصاء القدوة كان محرجا لهم وكاشفا، ما يرجح أن تبدأ بسببه مرحلة من التصدع داخل فتح، قبل أن يحين موعد الانتخابات العامة في الثاني والعشرين من مايو المقبل، وهذا الذي جعل عباس ميالا إلى التأجيل الذي لا يستطيع اتخاذ قرار بشأنه قبل التفاهم مع حماس.

 وتوقع الكاتب أن لقاء القاهرة الفصائلي المزمع، سيناقش مسألة التأجيل وهي موصولة بمواقف إقليمية ودولية، لا بد أن تُرجى من عواصمها الموافقة على هذا الخيار.

واعتبر أيضاً أن رئيس السلطة لم يعد قادرا على مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية لإجراء الانتخابات وتجديد التفويض الشعبي للقائمين على النظام السياسي. وستكون ذريعته، في محاولة الحصول على التأجيل، أن حركة فتح ليست جاهزة. وفي هذه الذريعة، هو يعتمد على حرص الدول الإقليمية في المشرق العربي، على إعادة بناء الطيف الوطني الفلسطيني نقيض الإسلامي الذي لا يزال موجودا في المشهد الفلسطيني بقوة، ويقف حجر عثرة في وجه استراتيجيات الإقليم وتوجهاته، لاسيما بعد أن أصبح تواجد الإسلاميين محدودا ومحاصرا، بحكم عجزهم عن صياغة خطاب سياسي يلائم المرحلة، ولو في الحد الأدنى، ناهيك عن كون حضورهم في غزة، بخطابهم الراهن، يُعدّ سببا في استمرار محنة غزة ذات الانعكاسات السلبية الكثيرة والمتنوعة على الإقليم.

وحدد” صادق” مشكلة القيادي الفلسطيني ناصر القدوة، التي رآها عباس جد خطيرة، أن الرجل يمكن أن يستفيد من رمزية ياسر عرفات. فناصر، ابن شقيقة الزعيم الفلسطيني، هو أكثر أعضاء لجنة عباس المركزية، إلماما بالسياسة على المستويين الداخلي والخارجي، وسيكون توصيفه لأمراض حركة فتح في هذه المرحلة، شهادة شاهد من أهلها، وعندما يؤيّد أطروحاته قطاع معتبر من الكادر، فإن المشكلة ستكون أكبر.

وقال الكاتب: للأسف ظل عباس، المعروف بعناده وعدم قابليته بأن يراجع سياساته وأثرها السلبي على حركة فتح والنظام الفلسطيني، مصمّما على إقصاء كل ذي اجتهاد. فهو لا يستمع إلا لنفسه ولا يرعوي.

وتطرق السياسي الفلسطيني في مقاله إلى الانتقادات التي طالت حركة حماس، والتي تماشت – حسب تعبيره- مع إجراءات عباس للتحكم في مسار الانتخابات العامة مقابل منحها هوامش مرضية لها بعد إعلان النتائج.

وفسر ” صادق” نقطة الالتقاء بين عباس وحماس وفقاً لعلاقات عباس التاريخية مع قيادة الحكم في قطر والتي جعلت الدوحة نقطة التقاء بينهما.

وعرج الكاتب إلى الحديث عن تجربة الحكم في غزة نفسها، قائلا: ومن المفارقات، أن الجغرافيا نفسها، أي جغرافيا غزة، قد ألقت بثقلها على حماس فيها، وجعلتها طرفا ضالعا في تفاهمات رعاها الجانب المصري، جوهرها الانزياح إلى السياسة وتقبّل فكرة التسوية، ودحض منطق الاستفراد بالحكم، والاستفادة من تصفير المشكلات المعيشية للسكان، مقابل استمرار الحضور الحزبي لحماس في المشهد الفلسطيني. وهذه نقطة التقاء واقعية، غير متفق عليها، بين القاهرة ورام الله والدوحة.

وأضاف: لكن معضلة الأخيرتين، هي تنامي التيار الإصلاحي في حركة فتح، وقد أصبح يمثل كتلة انتخابية، إذ يستطيع المنتسبون إلى التيار، وحدهم ودون إضافة المتعاطفين؛ وأهالي المنتسبين، وعددهم بعشرات الألوف، أن يؤمنوا أكثر من اثني عشر مقعدا، ويُضاف إليهم عشرات ألوف أخرى تستغرق أكثر من ثلث حجم كتلة التصويت في غزة، التي تُقدر بنحو 800 ألف صوت.

وختم الكاتب مقاله قائلا: العيون الآن تراقب تصرفات حماس حيال استنكاف عباس عن تنفيذ أي من التفاهمات التي توصلت إليها الفصائل في القاهرة. فقد صمتت على عملية تشكيل محكمة الانتخابات من عناصر محسوبة على عباس، دون أن يكون واحد منها محسوبا على حماس. وصمتت على الشرط غير الدستوري لمن يرغبون في الترشح، وهو أن يقدم المترشح استقالته وأن تُقبل الاستقالة، بمعنى أن تتحكم إدارة عباس في خارطة القوائم. فإن مضت حماس في هذا الصمت الذي يلامس التواطؤ، ستخسر كثيرا، وسينحصر رهانها على الناخبين الناقمين في الضفة الذين سيأخذ منهم ناصر القدوة وغيره، وذلك سبب إضافي يجعل عباس متفائلا بطواعية حماس له، عندما يطرح خيار التأجيل.

أما بالنسبة إلى القدوة، فقد أصبح الآن طليقا ويحظى بالتعاطف، وهنا يكمن عنصر الرعونة في قرار إقصائه.    

ربما يعجبك أيضا