بسبب انتقاد «قناة اسطنبول».. تركيا تعتقل 10 أدميرالات متقاعدين

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

احتجزت تركيا 10 أدميرالات متقاعدين بسبب انتقاداتهم العلنية لمشروع قناة اسطنبول للرئيس رجب طيب أردوغان، والتي ستنشئ ممرًا مائيًا جديدًا من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط ​​بالإضافة إلى مضيق البوسفور الحالي.

جاءت أوامر الاعتقال، بعد يوم من توقيع مجموعة من 104 من كبار المسؤولين السابقين في البحرية على رسالة مفتوحة تحذر من أن القناة المقترحة قد تضر بالأمن التركي من خلال إبطال معاهدة دولية عمرها 85 عامًا تهدف إلى منع عسكرة البحر الأسود.

وقد قوبل البيان الذي ينتقد الخطة بغضب من المسؤولين الأتراك، الذين فسروها على أنها تحد مباشر من الجيش للحكومة المدنية، واعتبرا أن الرسالة التي وجهوها في هذا الصدد تلمح إلى “انقلاب سياسي”.

لطالما اعتبر الجيش التركي نفسه الضامن للدستور العلماني للبلاد، حيث قام بثلاثة انقلابات بين عامي 1960 و 1980، وآخرها في يوليو 2016 والتي ألقت الحكومة التركية باللوم فيها على أتباع رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، وتم طرد مئات الآلاف من العسكريين وموظفي الخدمة المدنية والمحامين والأكاديميين من وظائفهم أو اعتقالهم في السنوات الخمس الماضية بتهمة صلاتهم بـ”غولن”.

وقال المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين على تويتر “مجموعة من الجنود المتقاعدين يضعون أنفسهم في موقف مثير للضحك وبائس ببيانهم الذي يعكس أوقات الانقلاب العسكري، يجب أن تعلم [الجماعة] أن أمتنا الموقرة وممثليها لن يسمحوا أبدًا بهذه العقلية”.

وقال فخر الدين ألتون، كبير المساعدين الصحافيين لأردوغان: “ليس فقط أولئك الذين وقعوا، ولكن أيضًا أولئك الذين يشجعونهم سيقدمون تقريرًا أمام العدالة”.

بدأ مكتب المدعي العام في أنقرة تحقيقا في البيان، وقال أن الأدميرالات العشرة المتقاعدين وضعوا في الحبس على ذمة التحقيق، وتم استدعاء أربعة أشخاص آخرين يشتبه في أنهم جمعوا البيان معًا لتقديم تقرير إلى الشرطة في غضون الأيام الثلاثة المقبلة، ووجهت لهؤلاء تهمة “الاجتماع للمساس بأمن الدولة والنظام الدستوري”.

 وفي هذا الإطار، هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشدة الضباط المتقاعدين الذين انتقدوا مشروع قناة جديدة في اسطنبول، ورأى أنه “ليس من واجب الأدميرالات المتقاعدين نشر تصريحات تتضمن تلميحات إلى انقلاب سياسي، كما رأى أنه لا يحق لأي موظف متقاعد اتباع هذا النهج”.

وتابع أردوغان: “هذا الأمر لا يمت بصلة إلى حرية التعبير، في بلد يحفل تاريخه بالانقلابات، هذا غير مقبول”، واصفا الرسالة بأنها “ضارة” مؤكدا أن “الانقلابات في تركيا حصلت دائما بعد تصريحات مماثلة”.

مشاريع جنونية

تعد قناة اسطنبول المقترحة هي الأكثر طموحًا من بين العشرات مما يسميه أردوغان مشاريعه “المجنونة”، وهي مشاريع لتطوير البنية التحتية واسعة النطاق التي أصبحت تحدد الازدهار الاقتصادي في تركيا والكساد خلال 18 عامًا في منصبه.

تم وضع خطط لإنشاء مضيق البوسفور الثاني في عام 2011 وتمت الموافقة عليها أخيرًا في الشهر الماضي أسوة بمشاريع قنوات بنما والسويس، وسيتم بناء الممر الذي يبلغ طوله 28 ميلاً (45 كم) غرب الممر المائي الطبيعي من أجل تخفيف حركة المرور الكثيفة وتقليل مخاطر الحوادث على المضيق الحالي.

يعد مضيق البوسفور ممرا أساسيا للتجارة العالمية عبرته العام الماضي أكثر من 38 ألف سفينة، وحركة عبور المجرى المائي بين أوروبا وآسيا كثيفة وشهدت مؤخرا حوادث كثيرة.

لكن معارضي المشروع يعتبرون أنه وبمعزل عن تأثيره البيئي، يمكن أن يقوض اتفاقية “مونترو”، التي تضمن حرية عبور السفن المدنية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل في السلم والحرب.

وتم تعليق خطة القناة البالغة 9.5 مليار جنيه إسترليني في عام 2018 عند انهيار الليرة التركية، وأثارت إعادة إدخاله مخاوف النقاد الذين يقولون إنه سيحدث دمارًا بيئيًا وأن التكاليف من المرجح أن تتصاعد.

وفرت مونترو لتركيا إمكانية الحفاظ على حيادها خلال الحرب العالمية الثانية، وقال البيان الصادر عن أفراد البحرية المتقاعدين إن هناك حاجة لتجنب أي تصريحات وأفعال قد تتسبب في طرح اتفاقية مونترو، وهي معاهدة مهمة تتعلق ببقاء تركيا.

وجاء في تغريدة لرئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين التون أنه “ليس فقط من وقّعوا بل أيضا من شجّعوهم على ذلك يجب أن يمثلوا أمام القضاء”.

ورئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو من حزب الشعب الجمهوري المعارض، هو أيضا من اشد معارضي مشروع قناة اسطنبول لأسباب مالية وبيئية، وتم فتح تحقيق إداري في نوفمبر ضده بسبب نشره ملصقات في أنحاء المدينة ضد بناء هذا الممر البحري.

ربما يعجبك أيضا