بعد هجوم أربيل.. باحث عراقي لـ«رؤية»: نحتاج حكومة قوية تواجه انتهاكات السيادة الوطنية

ضياء غنيم

تصعيد جديد للموقف يقوده الحرس الثوري الإيراني مستخدمًا قوته الصاروخية الباليستية باتجاه أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.

أعلن جهاز مكافحة الإرهاب بإقليم كردستان أن 12 صاروخًا باليستيًّا استهدفوا مواقع في إربيل من خارج العراق وبالتحديد من جهة الشرق، في إشارة إلى إيران، في تمام الواحدة صباحًا ليوم الأحد، حسب بيان أفصحت عنه شبكة رووداو الإعلامية الكردية.

الهجوم اقترب من مبنى القنصلية الأمريكية

قال مسؤول أمريكي لـ”وول ستريت جورنال”، إن الهجوم اقترب من مبنى القنصلية الأمريكية قيد الإنشاء على بعد 8 أميال من وسط مدينة أربيل، إلا أنه لم يسجل خسائر مادية أو بشرية أمريكية جراء الهجوم.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء المرتبطة بالحرس الثوري بسقوط 10 صواريخ “فاتح”، من بينها صواريخ “فاتح-110” على قاعدة حرير العسكرية الأمريكية قرب مطار أربيل ومقر القنصلية الجديدة ومقري تدريب للموساد الإسرائيلي بالمدينة، فضلًا عن وقوع انفجار في مدينة السليمانية.

الحرس الثوري يتبنى الهجوم

أشارت صفحات التواصل اجتماعي التابعة لميليشيات عراقية موالية لإيران، وعلى رأسها حساب “صابرين نيوز” على تيليجرام، إلى أن الصواريخ  الباليستية قصيرة المدى أطلقت في حدود الساعة 1:20 صباحًا، في توقيت الاستهداف الأمريكي لقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني بطائرة مسيرة في بغداد، ليؤكد الحساب أن التوقيت لم يكن مصادفة على الإطلاق.

ونقلت وكالة تسنيم عن دائرة العلاقات العامة بالحرس الثوري الإيراني تبنيه للهجوم على ما قال، إنه “مركز الصهاينة الاستراتيجي للتآمر والأعمال الشريرة” في إربيل ردًّا على هجوم إسرائيلي في سوريا تسبب في مقتل عنصرين من الحرس، وحذر البيان من ردود إيرانية قاسية وحاسمة في حال كررت إسرائيل هجماتها على عناصر الحرس.

حكومة الإقليم تنفي المزاعم الإيرانية

من جانبه لم يستطع محافظ أربيل أوميد خوشناو تحديد الموقع المستهدف بدقة إذا ما كان مطار أربيل الدولي أو القنصلية الأمريكية، ونفى وجود أي مراكز أو مواقع إسرائيلية في الإقليم، مبينًا أن الهجوم لم يصب هدفه، بينما تسبب في إصابتين طفيفتين.

وصف مجلس وزراء حكومة إقليم كردستان، وعقب تبني الجانب الإيراني، الهجوم ضد مواقع مدنية قرب القنصلية الأمريكية بـ”الجريمة الشنيعة”، داعيًا الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والحكومة الاتحادية ببغداد والحكومة الإيرانية لفتح تحقيق وزيارة المواقع المستهدفة، بهدف كشف الحقائق للرأي العام ووضع حد لتكرار الاعتداءات الإيرانية على أراضي الإقليم.

تضرر مؤسسات بسبب الهجوم الإيراني

تعرض المقر الرئيس لمؤسسة “كوردستان 24” الإعلامية لأضرار جسيمة لحقت بالمبنى وبعض الأجهزة والمعدات وتسبب الهجوم في وقف البث التليفزيوني مؤقتًا.

آثار القصف على مقر مؤسسة كوردستان 24 آثار القصف على مقر مؤسسة كوردستان 24 آثار القصف على أحد المباني آثار القصف على مقر مؤسسة كوردستان 24

شرعت السلطات العراقية في فتح تحقيق بالهجوم وعدَّته الخارجية انتهاكًا صارخًا لسيادة العراق، وزعزعة أمن واستقرار الإقليم وعموم البلاد في مرحلة بالغة الأهمية. وعلى مستوى الكتل والزعامات السياسية تواصل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، حيث اتفقا على تشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن مزاعم وجود مقرات إسرائيلية.

الصدر يستنجد بالأمم المتحدة

دعا الصدر في تغريدة له على موقع تويتر إلى تقديم مذكرة احتجاج للأمم المتحدة والسفير الإيراني وأخذ ضمانات بعدم تكرارها. وكان المكتب الإعلامي للصدر قد ذكر أن الأخير شكَّل غرفة عمليات يجري من خلالها اتصالات داخلية وخارجية حول هذا الاعتداء.

خارجيًا، أدانت بعثة الأمم المتحدة في العراق الهجوم “الشنيع” على أربيل ودعت لمحاسبة مرتكبيه، فيما وصفه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بـ”الهجوم الإرهابي”، وتتواصل الإدانات العربية والدولية من وزارات الخارجية والبعثات الدبلوماسية في كل من بغداد وأربيل.

الجنابي: الهجوم استمرار لسياسات إيران

حوادث معدودة استخدم فيها الحرس الثوري-بالأصالة- الصواريخ الباليستية لتنفيذ هجمات من الداخل الإيراني آخرها كان في 8 يناير 2020 على القواعد الأمريكية في العراق ردًّا على استهداف قاسم سليماني، وكانت أولى الهجمات التي استعرضت بها طهران قوتها الصاروخية في يونيو 2017، حيث قالت إنها قصفت قواعد تنظيم “داعش” الإرهابي في دير الزور، وفقًا لوكالة تسنيم.

في تعليق خاص لشبكة رؤية الإخبارية، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جيهان في أربيل د.مهند الجنابي، أن الهجوم يعد استمرارًا لسياسات إيران المهددة للأمن والاستقرار الإقليمي، فضلًا عن انتهاكها لسيادة العراق واستهداف أمنه الوطني.

الجنابي الرواية الإيرانية مستهلكة وغير صحيحة

قال الجنابي، إن الرواية الإيرانية بشأن وجود قواعد إسرائيلية في العراق “مستهلكة وغير صحيحة”، لأن الحكومة الاتحادية ببغداد أو حكومة إقليم كردستان نفتا أكثر من مرة وجود مقرات خاصة أو سرية لأي دولة بخلاف الوجود المعلن لقوات التحالف الدولي لمحاربة “داعش” وفقًا للقانون والدستور، كما أنها ليست المرة الأولى التي تستهدف إسرائيل في سوريا قيادات عسكرية إيرانية وإيران لم ترد.

وذكر الجنابي أن الهجوم مرتبط بالأساس بالداخل العراقي مع فقدان الأمل في مشاركة حلفائها بالسلطة مع تمسك مقتدى الصدر بتشكيل حكومة أغلبية، إذ ترغب طهران في إظهار أنها صاحبة نفوذ بالعراق، وتذكر حلفاءها وخصومها أن خيار التصعيد لا يزال قائمًا، والدليل تحركها بصورة منفردة ومعلنة بعدما كانت تنفي صلتها بهجمات الميليشيات الموالية لها بصواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيرة سابقًا.

ما يسمى “انفراجًا سياسيًا” مجرد استئناف لحوارات تشكيل الحكومة

وفي السياق ذاته، قلل الجنابي مما سُمي “انفراجًا سياسيًا” جراء اتصال مقتدى الصدر يوم الخميس الماضي برئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي المنضوي ضمن الإطار التنسيقي الموالي لإيران، وعدَّه مجرد استئناف لحوارات تشكيل الحكومة التي كان التيار الصدري قد أوقفها منذ 6 فبراير الماضي.

وأضاف أن “من أولويات المصلحة الوطنية العراقية الذهاب باتجاه حكومة قوية وقادرة على السيطرة على كامل التراب الوطني ومواجهة تلك الانتهاكات المستمرة للسيادة من قبل إيران أو تركيا”.

إيران تقدم خدماتها وتدفع إلى الأمام

وفي السياق الدولي توقفت مفاوضات فيينا بشأن الملف النووي الإيراني الأسبوع الماضي، وسط حرب غير مباشرة حول أوكرانيا بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وحلف الناتو من جهة أخرى ستنعكس بالتأكيد على الملف النووي.

في ظل تعليق المفاوضات، تجد إيران نفسها بين إما الالتزام بالعقوبات على روسيا وإما الالتزام بالتحالف معها، وهو ما يجعل إيران بحاجة لـ”الدفع إلى الأمام واستباق تطور ذلك الصراع وامتداده إلى المناطق الرخوة وغير الآمنة التي تنتشر فيها إيران والميليشيات الموالية لها باتجاه اختيار إحدى الجبهتين”، بحسب أستاذ العلاقات الدولية.

ربما يعجبك أيضا