باب للقرن الإفريقي.. أنواع التنافس الدولي على جيبوتي

نداء كسبر

فتحت جيبوتي، وهي من دول القرن الإفريقي، الباب لعدة دول لتأسيس قواعد عسكرية بشروط لا تتعارض مع أمنها القومي.


تشهد جيبوتي حالةً من الاستقرار السياسي النسبي، بما يحفظ مصالح التجارة الدولية، مقارنةً بحالة الدول الإفريقية الأخرى، وهو الأمر الذي يجعلها نقطة جذب دولي وإقليمي.

واستطاعت جيبوتي، من خلال موقعها المتميز، تحقيق أهمية استراتيجية، ورغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها تنتهج سياسة الدول الصغرى التي رسمت لنفسها موقعًا محوريًّا في المعادلة الإقليمية والدولية تتجاوز مقوماتها الفعلية.

النفوذ الفرنسي.. والقواعد العسكرية

استقلت جيبوتي عن فرنسا عام 1977، ورغم الاستقلال استمر نفوذ فرنسا داخل جيبوتي، فقدم الجيش الفرنسي التمويل الأساسي للحكومة مع ضمان حمايتها والدفاع عنها في مواجهة أي أعمال عدائية خارجية، وفي المقابل تسمح جيبوتي لفرنسا ببناء القواعد العسكرية وتقدم تسهيلات واسعة النطاق لتدريبات الجيش الفرنسي.

جيبوتي، وهي من دول القرن الإفريقي، فتحت الباب لعدة دول لتأسيس قواعد عسكرية، مثل القاعدة العسكرية الفرنسية والأمريكية والصينية، بشروط لا تتعارض مع أمن جيبوتي القومي، ولا مع توجهات الدولة، لمواجهة الإرهاب وحماية التجارة العابرة من باب المندب، فضلًا عن حماية الاستثمارات التي تستقطبها من دول العالم لخدمة دول إفريقيا، خاصةً تجمع دول “الإيجاد” و”الكوميسا”.

المحور اللوجستي الرئيس لواشنطن

تُعتبر جيبوتي، الآن، المحور اللوجستي الرئيس للولايات المتحدة والعمليات المتحالفة معها في شرق إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، وهي منصة لإطلاق ومراقبة هجمات الطائرات دون طيار، وكذلك مركز لمكافحة القرصنة وغيرها من العمليات المتعددة الجنسيات في الإقليم. وتقدم أمريكا لحكومة جيبوتي 38 مليون دولار سنويًّا مقابل وجودها العسكري في هذا المرفق.

وأنشأت أمريكا “فرقة العمل المشتركة للقرن الإفريقي” (CJTF-HOA) في عام 2002، وفي عام 2008 اندمجت هذه القوات ضمن القيادة الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم) وتحول معسكر ليمونير Lemonnier، وهو مقر سابق للجيش الفرنسي في جيبوتي، إلى القاعدة العسكرية الدائمة الوحيدة للولايات المتحدة في إفريقيا.

الصين وحماية مواردها النفطية

ذكرت وكالة أنباء الصين أن الهدف من الوجود الصيني في جيبوتي هو ضمان أداء الصين في بعثات حفظ السلام والمساعدات الإنسانية في إفريقيا وغرب آسيا، وحماية المهام الخارجية لبكين، بما في ذلك التعاون العسكري والتدريب المشترك، والحفاظ على الأمن الصيني في الخارج، إضافةً إلى تحقيق الأمن المشترك للممرات البحرية الاستراتيجية الدولية.

وتعمل الصين من خلال وجودها في جيبوتي على حماية تدفقات مواردها النفطية، فنصف النفط الذي تستورده بكين يمر عبر مضيق باب المندب، ويجري نقل معظم الصادرات الصينية إلى أوروبا عبر خليج عدن وقناة السويس.

عمليات القرصنة وزيادة التواجد العسكري الدولي

أدت عمليات القرصنة، التي تصاعدت منذ عام 2008، إلى زيادة الوجود العسكري الدولي في خليج عدن والمحيط الهندي، وتحولت جيبوتي إلى مركز لأنواع جديدة من التعاون العسكري والبحري بين قوات حلف الأطلنطي (ناتو) وقوات الاتحاد الأوروبي.

وأصبحت المحور اللوجستي لأول بعثة بحرية مشتركة للاتحاد الأوروبي لمكافحة القرصنة (EUNAVFOR Atalanta Operation) عام 2010، ومنذ يوليو 2012 أطلق الاتحاد الأوروبي بعثة بحرية جديدة (EUCAP Nestor) تهدف إلى استكمال مهام عملية “أتالانتا” عن طريق تعزيز القدرات البحرية المحلية.

ربما يعجبك أيضا