قلق إيراني من التقارب العربي السوري.. ما أبرز المخاوف؟

يوسف بنده

لا تمضى حركة التقارب بين سوريا والدول العربية والخليجية سريعًا، لكن إيران تُعد العنوان العريض لتفسير دوافع هذا التقارب.. فبماذا يمكن أن تتأثر طهران؟


استمرت القطيعة العربية مع سوريا نحو 10 سنوات بفعل الحرب الدائرة في البلاد، لكن الوضع الآن تغير بسبب التحركات العربية والخليجية الجماعية لكبح نفوذ إيران في المنطقة.

إيران استفادت من الحرب في الهيمنة على القرار السوري، لكن الجهود العربية للتقارب مع دمشق تكللت بالنجاح بزيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، السبت الماضي 19 مارس 2022، لدولة الإمارات، وقد وُصفت الزيارة بـ”التاريخية” لأنها الأولى للأسد في دولة عربية منذ 2011.. فكيف تتأثر إيران بذلك؟

عودة سوريا إلى الجامعة العربية

قناة المملكة الأردنية، قالت في 2 فبراير الماضي، إن وزراء الخارجية العرب سيناقشون عودة سوريا إلى الجامعة العربية في اجتماع مارس الحالي، لكن الخبر لم يكن دقيقًا، فقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن عودة سوريا مرهونة بتوافق الدول الأعضاء على منهج محدد والتحدث لنظام الحكم في سوريا، إضافة إلى تجاوب السلطة في دمشق مع المواقف العربية المطروحة.

مصر والجزائر والإمارات قادت جهودًا من أجل تأهيل النظام السوري عربيًّا، وعززت الأزمة في أوكرانيا من ضرورة نجاح هذه الجهود، لكن لا تزال توجد معوقات أمام العودة، تتمثل في الموقف السوري من إيران وحزب الله، في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة العربية ودول الخليج.

قلق إيراني.. وإسرائيلي أيضًا

زيارة الأسد، أشارت إلى وجود قلق متبادل بين إيران وإسرائيل، خصوصًا أن الرؤية الإيرانية للزيارة تأتي في إطار تفسيرات لا تستبعد طهران من الدائرة السورية العربية، بل تعتبر أن التقارب جاء نتيجة لجهود إيران في دعم النظام في سوريا لمواجهة التنظيمات الإرهابية المسلحة، وأيضًا بسبب سياسة طهران بشأن عدم الرهان على القوى الغربية، وهو ما كشفته أزمة أوكرانيا بتقاعس الغرب عن دعمها.

واعتبرت التحليلات الإيرانية، أن استئناف العلاقات العربية مع سوريا سيرسم “معادلة جديدة” في المنطقة، وسيضع إسرائيل في وضع أسوأ. ورأى الإعلام الإيراني أن القمة الثلاثية بين الرئيس المصري وولي عهد أبو ظبي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، في شرم الشيخ، أمس الثلاثاء، جاءت تعبيرًا عن قلق تل أبيب من عودة سوريا إلى الجامعة العربية، خصوصًا أنها ترغب في إخراج إيران من سوريا.

عبد اللهيان في سوريا

القلق الإيراني من التحركات الأخيرة، دفع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، اليوم الأربعاء 23 مارس 2022، لزيارة العاصمة السورية دمشق، على رأس وفد رفيع المستوى، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وقال عبد اللهيان، إن “سوريا وإيران في خندق واحد” وإن “طهران تدعم دمشق قيادة وحكومة وشعبًا والعلاقات الثنائية بين البلدين تمر بأفضل الظروف”، وهو ما يشير إلى وجود قلق إيراني من التقارب العربي السوري، والتخوف من تأثير ذلك في مصالح طهران مع دمشق.

رحلة بيروت وتطويق القوى الموالية لإيران

وزير الخارجية الإيراني، سيتوجه إلى بيروت بعد انتهاء زيارته في دمشق للقاء مسؤولين هناك، في ظل التفاعل السياسي اللبناني مع المبادرة الكويتية لإصلاح العلاقات بين بيروت ودول الخليج، والحديث عن احتمال عودة سفراء دول الخليج إلى بيروت خلال شهر رمضان المقبل. وقالت وكالة تسنيم الإيرانية، إن الهدف من المبادرة “تطويق القوى الموالية لإيران وعلى رأسها حزب الله”.

وتأتي زيارة عبد اللهيان إلى لبنان في ظل الحديث عن تواصل خليجي مع حزب الله ليلعب دورًا في دفع حوار السلام بين جماعة الحوثي وباقي الفصائل اليمنية، خصوصًا أن الحزب اللبناني متهم بتدريب وتسليح جماعة الحوثي التي تمثل تهديدًا إيرانيًا لدول الخليج.

المصالح الاقتصادية وحلم “الممر البري”

انتهاء الحرب في سوريا يشير إلى عدم وجود مبرر لاستمرار الوجود الإيراني هناك، لذلك تهتم طهران حاليًّا بتعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية والثقافية مع دمشق لدعم استمرار العلاقات والمصالح بين البلدين. واستأنفت إيران، مطلع العام الحالي 2022، إيفاد قوافل زوار العتبات الشيعية إلى دمشق، بعد توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة السورية، تقضي بإرسال 100 ألف حاج إيراني إلى سوريا سنويًّا.

ولم تنجح الحرب في سوريا في القضاء على “الهلال الشيعي” الذي خططت له طهران، لضمان مد نفوذها حتى لبنان وصولًا إلى المياه الدافئة لشواطئ البحر الأبيض المتوسط. وتشير التحليلات السياسية الإيرانية، إلى أن طهران تريد الاستفادة من الخطوة السورية الإماراتية في دفع بغداد للتقارب مع دمشق، من أجل استعادة طهران لقوة ممرها البري الواصل إلى يروت.

سياسيًّا، تعتبر طهران أن العودة ستكون بمثابة علامة أخرى على انتصار محورها في المنطقة. واقتصاديًّا، تأمل عقد اتفاقيات ثلاثية بين إيران والعراق وسوريا، تضمن تنقل التجارة الإيرانية والخارجية من وإلى البحر المتوسط وشمال آسيا عبر هذا الممر البري.

ربما يعجبك أيضا