الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.. ما احتمالية استخدامها في حرب أوكرانيا؟‎‎

جاسم محمد

تتمتع اتفاقية الأسلحة الكيميائية باحتضان شبه عالمي، وتضم 193 دولة طرفًا اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية


اجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال شهر مارس 2022 لمناقشة مزاعم موسكو بأن الولايات المتحدة تمول “أنشطة عسكرية بيولوجية” في أوكرانيا.

أثار السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، شبح “الانتشار غير المنضبط للعوامل البيولوجية من أوكرانيا”، وحذرت نظيرته الأمريكية، ليندا توماس جرينفيلد، من أن ادعاء روسيا يمكن أن يكون ذريعة لشن هجومها بالأسلحة البيولوجية على أوكرانيا، إذن ما هو الخلاف، وما الذي يحدث بالفعل داخل أوكرانيا؟

ماذا تقول الهيئات الأممية؟

قالت منظمة الصحة العالمية “WHO” إنها ليست على دراية بأنشطة أوكرانية تنتهك أي معاهدة دولية، بما في ذلك حظر الأسلحة البيولوجية، وذكرت المفوضة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو، أن الأمم المتحدة ليست على علم بأي برامج أسلحة بيولوجية في أوكرانيا الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية.

وأشارت ناكاميتسو إلى أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية، تحظر تطوير واستخدام الأسلحة البيولوجية منذ عام 1975، وأيد ريتشارد نيكسون الاتفاقية، التي أوقفت في عام 1969 أيضًا تطوير الولايات المتحدة لأسلحتها البيولوجية الهجومية.

وأعرب المسؤولون الغربيون عن مخاوفهم بشأن احتمال استخدام روسيا لأسلحة غير تقليدية في أوكرانيا أو في أي مكان آخر، فما هذه الأسلحة “غير التقليدية”؟

الفرق بين الأسلحة الكيميائية والبيولوجية

غالبًا ما يخلط العوام بين الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، ومع ذلك، فهما شيئان مختلفان، فالأسلحة الكيميائية مواد كيميائية سامة تُستخدم عمدًا كأسلحة ممكن أن تسبب الموت أو إلحاق الأضرار بالأشخاص والمجموعات، أما الأسلحة البيولوجية فهي فيروسات أو كائنات حية، مثل البكتيريا، تُستخدم عمدًا كأسلحة ممكن أن تسبب الموت وإلحاق الضرر بالأفراد والمجموعات الأسلحة الكيميائية – UNODA.

اتفاقية الأسلحة الكيميائية واتفاقية الأسلحة البيولوجية

هناك تداخل بين هاتين الفئتين من الأسلحة، على الرغم من أن الأسلحة القائمة على السموم، وهي مواد كيميائية سامة تنتجها الكائنات الحية، تعتبر أسلحة كيميائية لأنها مواد كيميائية سامة، وأسلحة بيولوجية لأنها تنتجها كائنات حية.

ومن أمثلة السموم مادة الريسين التي تنتجها نباتات زيت الخروع وتوكسين البوتولينوم الذي تنتجه بكتيريا كلوستريديوم البوتولينوم، وهناك معاهدتان تفرضان حظرًا كاملًا على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، هما اتفاقية الأسلحة الكيميائية “CWC” واتفاقية الأسلحة البيولوجية “BWC”.

اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية والتكسينية

الاتفاقية المعروفة رسميًا باسم “اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية “البيولوجية” والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة”، تفاوض بشأنها مؤتمر لجنة نزع السلاح في جنيف وفق اتفاقية الأسلحة البيولوجية المنشورة على موقع الأمم المتحدة الرسمي باللغة الإنجليزية Biological Weapons Convention – UNODA.

فتحت الأمم المتحدة باب التوقيع عليها في 10 إبريل 1972 ودخلت حيز التنفيذ في 26 مارس 1975 وتكمل اتفاقية الأسلحة البيولوجية بروتوكول جنيف لعام 1925، الذي حظر استخدام الأسلحة البيولوجية فقط، وتعهدت الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية “على الإطلاق في أي ظرف من الظروف بتطوير أو إنتاج أو تخزين أو حيازة أو الاحتفاظ بأي طريقة أخرى”، وأهم ما تضمنته:

1 ـ العوامل الجرثومية أو العوامل البيولوجية الأخرى، أو التكسينات أيًّا كان مصدرها أو طريقة إنتاجها، من الأنواع والكميات التي ليس لها ما يبرر الوقاية أو الحماية أو الأغراض السلمية الأخرى.

2 ـ الأسلحة أو المعدات أو وسائل الإيصال المصممة لاستخدام مثل هذه العوامل أو التكسينات لأغراض عدائية أو في نزاع مسلح “.

أطراف المعاهدة

سعت الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة البيولوجية إلى ضمان أن تظل الاتفاقية ذات صلة وفعالة، على الرغم من التغييرات في العلم والتكنولوجيا والسياسة والأمن منذ دخولها حيز التنفيذ، وتجتمع الدول الأطراف كل 5 سنوات لمراجعة عمل اتفاقية الأسلحة البيولوجية.

الاتفاقية غير محدودة المدة، وبدءًا من يناير 2022، أصبحت 183 دولة أطرافًا في المعاهدة بعد أن وقعت 4 دول إضافية على المعاهدة ولكنها لم تصدق عليها، و10 دول أخرى لم توقع ولم تنضم إلى المعاهدة بعد، هذه الاتفاقيات تفرض حظرًا كاملًا على الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، لا يقتصر الحظر على استخدام الأسلحة فقط، بل يمتد إلى تطويرها وحيازتها وتخزينها ونقلها.

اتفاقية الأسلحة الكيميائية.. معاهدة قوية للغاية

اتفاقية الأسلحة الكيميائية معاهدة قوية للغاية، أقوى بكثير من المعاهدات السابقة التي حظرت فقط استخدام الأسلحة الكيميائية، ولكن لم تحظر تطويرها أو تخزينها، والأهم من ذلك، أن اتفاقية الأسلحة الكيميائية لديها أيضًا نظام تحقق يهدف إلى مراقبة تدمير المخزونات الحالية ومنع تطوير مخزونات جديدة.

وتتمتع اتفاقية الأسلحة الكيميائية باحتضان شبه عالمي، حيث تضم 193 دولة طرفًا اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية “البيولوجية” والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة اللجنة الدولية للصليب الأحمر (icrc.org)، ولقد قُضي على مخزونات الأسلحة الكيميائية إلى حد كبير.

استخدام الأسلحة الكيمائية.. مستبعد

أكملت روسيا إزالة مخزوناتها الكيميائية، التي كانت في يوم من الأيام الأكبر في العالم، في عام 2017، والولايات المتحدة بصدد الانتهاء من إزالة مخزوناتها، وتستغرق العملية الأمريكية، التي من المتوقع أن تكتمل في عام 2023، وقتًا أطول ما كان متوقعًا في البداية لأن الأسلحة دُمرت بطريقة آمنة للغاية وسليمة بيئيًّا.

إن الاتهامات ما بين موسكو وواشنطن باحتمال استخدام أسلحية كيميائية أو بيولوجية، هو أمر مستبعد في هذه المرحلة ويمكن أن تأتي الاتهامات في باب التضليل الإعلامي وحشد المواقف، مع احتمال وجود معلومات مسربة لأطراف النزاع، فهناك نية مبيته لاستخدامها “فرضية المؤامرة” ونشر مثل هذه التحذيرات ممكن أن يكون في باب الخطوات الاستباقية.

ربما يعجبك أيضا