مذبحة بحر البقر.. رحلة في الذاكرة

نداء كسبر

الدرس انتهى لموا الكراريس.. بالدم اللي على ورقهم سال.. في قصر الأمم المتحدة.. مسابقة لرسوم الأطفال.. إيه رأيك في البقع الحمرا.. يا ضمير العالم يا عزيزي دي لطفلة مصرية سمرا.. كانت من أشطر تلاميذي» بهذه الكلمات وثق الشاعر الراحل صلاح جاهين مجزرة بحر البقر.


تصادف اليوم الذكرى 52 لمذبحة مدرسة بحر البقر بمحافظة الشرقية، التي تعرضت إلى قصف إسرائيلي، عام 1970، أودى بحياة 19 من التلاميذ الصغار وإصابة 50 آخرين.

وتعد مدرسة بحر البقر التي تقع بقرية بحر البقر، هي قرية ريفية قائمة على الزراعة وتقع بمركز الحسينية، بمحافظة الشرقية، وتتكون المدرسة من طابق واحد وتضم‏ ثلاثة‏ فصول، بالإضافة إلى غرفة المدير وعدد تلاميذها مئة وثلاثون طفلًا، أعمارهم تتراوح من ستة أعوام إلى اثنى عشر عامًا.

تفاصيل مذبحة مدرسة بحر البقر

يذكر أنه في صباح يوم الأربعاء 8 إبريل 1970م، في الساعة التاسعة وعشرين دقيقة، كانت مدرسة بحر البقر على موعد لتدخل التاريخ من باب الكوارث، فقصفت 5 طائرات إسرائيلية من طراز إف-4 فانتوم، تزن “1000 رطل” المدرسة وجرى تدميرها على أجسام التلاميذ الصغار.

وعلى الفور انتقلت سيارات الإطفاء والإسعاف لنقل المصابين وجثث الضحايا، وبعدها أصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانًا تفصيليًّا بالحادث وأعلنت أن عدد الوفيات 30 طفلًا، وبلغ عدد المصابين أكثر من 50، فيهم حالات خطيرة، وصرفت الحكومة المصرية، بعد الحادثة، صرف تعويضات لأسر الضحايا بلغت 100 جنيه للشهيد و10 جنيهات للمصاب.

الإذاعة المصرية ونبأ الهجوم الذي يتنافى مع القوانين الإنسانية

في صباح يوم مذبحة بحر البقر قطعت الإذاعة المصرية بثها لتذيع بيانًا عاجلًا: “أيها الإخوة المواطنون، جاءنا البيان التالي.. أقدم العدو في تمام الساعة التاسعة و20 دقيقة من صباح اليوم، على جريمة جديدة تفوق حد التصور، عندما أغار بطائراته الفانتوم الأمريكية على مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة، بمحافظة الشرقية وسقط الأطفال بين سن السادسة والثانية عشرة تحت جحيم من النيران”.

وأدى الهجوم إلى مقتل 30 طفلًا وإصابة 50 آخرين وتدمير مبنى المدرسة تمامًا، وكان في حرب الاستنزاف التي استمرت بين مصر وإسرائيل من 1 يوليو 1967 إلى 7 أغسطس 1970، عقب نكسة 5 يونيو 1967. وعقب الحادثة نددت مصر بالعمل الوحشي الذي يتنافى مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية، واتهمت حكومة الاحتلال بأنها شنت الهجوم عمدًا بهدف الضغط عليها لوقف إطلاق النار في حرب الاستنزاف.

تنديد عربي ودولي

ندد العديد من الجهات والهيئات والمنظمات بالحادثة ووصفتها بأنها تجرُّد من كل معاني الإنسانية، فكان وَقْع الهجوم عنيفًا وأليمًا وأشعل حالة من الغضب والاستنكار العارم. في حين أن إسرائيل بررت وحشيتها بأنها كانت تستهدف أهدافًا عسكرية فقط، وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية، وادعى مشي ديان قائلاً أن المدرسة كانت قاعدة عسكرية.

تسببت حالة الجدل التي سيطرت على المجتمع الدولي، في إجبار الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها نيكسون على تأجيل صفقة إمداد إسرائيل بطائرات حديثة. وأدت مذبحة بحر البقر إلى تخفيف الغارات الإسرائيلية علي المواقع المصرية آنذاك، والذي أعقبه الانتهاء من تدشين حائط الصواريخ المصري في يونيو من نفس العام، والذي أسقط الكثير من الطائرات الإسرائيلية.

ربما يعجبك أيضا