قحط في الأرض وغبار في الهواء.. إيران تواجه سنوات عجاف

يوسف بنده

تواجه إيران أزمة جفاف قاسية أدت إلى اضطرابات داخل المحافظات المتضررة وخصومة مع دول الجوار بسبب حصصها من مياه الأنهار.


توقعت “المنظمة العالمية للأرصاد الجوية” أن تشهد إيران خلال السنوات المقبلة انخفاضًا في معدل هطول الأمطار، وارتفاعًا في مستوى درجات الحرارة، بما يهدد الحياة في البلاد.

وتعاني إيران من جفاف غير مسبوق وواسع الانتشار منذ عدة سنوات، وأدى نقص إمدادات المياه الآمنة والكافية إلى ضغوط متزايدة على صحة ودخل المواطنين، ما دفع بهم إلى التظاهر والاحتجاج خصوصًا في محافظتي خوزستان وأصفهان.

إفلاس مائي

المتهم الأول في هذا الجفاف، هو انخفاض مستويات هطول الأمطار، بسبب التغيرات المناخية. فضلًا عن سوء إدارة الموارد المائية. وضاعفت الحكومة الإيرانية نقاط استخراج المياه الجوفية بين عامي 2002 و2015 من أجل دعم القطاع الزراعي، لا سيما القمح والأرز وقصب السكر، بهدف مواجهة العقوبات الغربية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ما استنفد المياه الجوفية، حسب تقرير صحيفة الشرق الأوسط.

وأدى نقص المياه إلى ارتفاع ملوحة التربة والتصحر، وارتفاع مستوى الغبار في الجو بما يهدد الحياة الزراعية والصحية. ورغم أن المشكلات المائية في إيران معروفة منذ 30 سنة، فإنه لا توجد خطة منهجية من شأنها زيادة الموارد المائية وتنظيم استهلاكها، ما أوصل البلاد إلى حالة “إفلاس مائي” يتجاوز فيها الطلب على المياه ما هو متاح. ويستغرق الأمر أكثر من شتاء ممطر لتخفيف العجز.

أزمة تلوث الغبار

تواجه إيران ودول الجوار خطر العواصف الترابية السامة بسبب جفاف المستنقعات والبحيرات خصوصًا الأهوار بين إيران والعراق، ويتعاظم هذا الخطر في الكويت بسبب انبعثات استخراج وتكرير النفط. وكذلك تعاني العاصمة الإيرانية طهران من أزمة تلوث الغبار بسبب محاصرتها من الجبال التي لا تسمح بخروج ذرات الغبار من أجوائها.

ولمواجهة تلك الأزمة، تعمل السلطات على إيقاف الأنشطة اليومية مع زيادة موجة الرياح، مثلما يتكرر في محافظة خوزستان القريبة من العراق. وكذلك في العاصمة طهران التي أعلن نائب محافظ المحافظ بها، عبد المالكي، غلق جميع دور الحضانة وكذلك المدارس الابتدائية اليوم الأحد 7 مايو، بسبب تلوث الهواء، حسب ما نقلت وكالة مهر.

حرب السدود

نشطت إيران ودول الجوار في بناء السدود على الأنهار لتخزين المياه بسبب انخفاض مستوى الأمطار، ما أدى لانخفاض مستوى تغذية البحيرات أو الأهوار ونقص الموارد من الأنهار المشتركة، وتشتكي العراق وإيران بناء تركيا سدي “إيليسو” و”أتاتورك” علی نهري دجلة والفرات، ما يضر حصتهما من المياه. وتشتكي العراق من بناء إيران السدود على نهر سيروان، حسب وكالة ايلنا.

ويبدو أن خطط بناء السدود وإعادة تغيير مسار المياه تدفع الصراع داخل وخارج إيران. وأثارت خطة تغيير مسار نهر كارون غضب المواطنين في خوزستان، فضلًا عن غضب العراق بسبب جفاف الأهوار، بعد أن انخفض صب المياه في منطقة شط العرب. وكذلك توترت العلاقات بين إيران وأفغانستان بسبب بناء كابل سد “کمال خان” علی نهر هلمند الذي یوفر الماء لجنوب شرق إيران.

قضية أمن قومي

في العام 2013، حذّر وزير الزراعة الإيراني آنذاك، عيسى كلانتري، من أن أزمة المياه هي المشكلة الرئيسة التي تهدد البلاد، معتبراً أنها أخطر من إسرائيل أو أمريكا أو التناحر السياسي بين النخبة في إيران، ما يعني أن أزمة المياه باتت قضية أمن قومي.

وتنعكس أزمة المياه على المجتمع في إيران بزيادة مستوى الاضطرابات والاحتجاجات التي تثير قلق النظام الحاكم مع تكرار انقطاع الكهرباء التي تعتمد على السدود الكهرومائية، وزيادة النزاع على المياه في ظل رفض السكان المحليون خطط الدولة لاعادة توزيع المياه ومسارات الأنهار. وكذلك، التغيير الديموغرافي وارتفاع مستوى البطالة، خصوصًا بالمناطق التي أصابها الجفاف.

ربما يعجبك أيضا