لماذا تنضم السويد وفنلندا إلى الناتو؟

جاسم محمد

أجبرت العديد من الدول الأوروبية على إعادة تقييم جوهرية لبيئتها الأمنية والدفاعية، وخير مثال هو تخلي فنلندا والسويد عن الحياد الدائم


شهدت أوروبا يوم 20 مايو 2022، تحولًا تاريخيًّا عندما تقدمت فنلندا والسويد بطلب للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إن سعي البلدين المحايدين لفترة طويلة من بلدان الشمال الأوروبي للانضمام إلى التحالف يظهر مدى تأثير وانعكاسات الحرب في أوكرانيا، وتغيير المشهد الأمني في أوروبا.

وأعلن المستشار الألماني يوم 27 فبراير 2022 أن ألمانيا ستستثمر 100 مليار يورو في المعدات العسكرية هذا العام، وستخصص أكثر من 2% من إجمالي ناتجها الداخلي للدفاع سنويًّا. وقال “سنؤسس صندوقًا خاصًا” للجيش الألماني لاستخدامه للاستثمارات في مجال الدفاع، بعد أن دفعت الحرب الروسية الأوكرانية أكبر قوة اقتصادية في أوروبا إلى تغيير سياستها العسكرية.

هل ستحصل فنلندا والسويد على ضمانات أمنية؟

قالت رئيسة وزراء فنلندا، سانا مارين، ونظيرتها السويدية، ماجدالينا أندرسون، يوم 12 مايو 2022 وفقًا لتقرير لصحيفة “الجارديان“، إن الحرب في أوكرانيا “غيّرت المشهد الأمني في أوروبا بالكامل”، ويشعر العديد من الفنلنديين والسويديين على نحو متزايد أن الانضمام إلى الناتو سيساعدهم في الحفاظ على سلامتهم عندما يواجهون أي تهديد محتمل من روسيا.

وتظهر استطلاعات الرأي أن التأييد العام لعضوية الناتو تضاعف 3 مرات إلى حوالي 75% في فنلندا، وقفز إلى حوالي 60% في السويد، وهذا يعني أنه لأول مرة ستحصل فنلندا والسويد على ضمانات أمنية من الدول النووية.

ما مخاطر انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو؟

استخدم الرئيس بوتين على نحو متكرر فكرة توسيع الناتو ليشمل أوكرانيا لتبرير عمليته العسكرية، لذا فإن انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف سيكون بمثابة استفزاز من وجهة نظر روسيا، وتقول وزارة الخارجية الروسية إن كلا البلدين جرى تحذيرهما من “عواقب” مثل هذه الخطوة.

وفي هذا السياق، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف، من أن الانضمام إلى الناتو قد يدفع موسكو إلى نشر أسلحة نووية في مدينة كالينينجراد، المعزل الروسي بين بولندا وليتوانيا. وبينما لا يتجاهل رئيس وزراء فنلندا السابق، ألكسندر ستاب، هذه التهديدات، فإنه يشير إلى وجود خطر أكثر واقعية يتمثل في الهجمات الإلكترونية الروسية، وحملات التضليل، وانتهاكات المجال الجوي من حين لآخر.

هل الردع سيزيد النووي التوترات ؟

تقول عضو جمعية السلام والتحكيم السويدية، ديبورا سولومون، إن الردع النووي لحلف الناتو يزيد التوترات، ويخاطر بسباق تسلح مع روسيا. وهذا يعقد جهود السلام ، كما تقول، ويجعل السويد مكانًا أقل أمانًا. ويوجد مخاوف أخرى تتمثل في أن السويد، بانضمامها إلى الحلف، ستفقد دورها الرائد في جهود نزع السلاح النووي العالمية.

وينظر العديد من المتشككين في الناتو بالسويد إلى فترة الستينيات والثمانينيات من القرن الماضي، عندما استخدمت ستوكهولم حيادها لتضع نفسها كوسيط دولي وحليف للعالم المستعمر. وانتقدت جهارًا الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وقالت في وقت من الأوقات في السبعينيات إنها كانت الدولة الغربية الوحيدة التي دعمت الحركة المناهضة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

روسيا تنفذ عمليات استفزازية

شنت روسيا غارات استفزازية متكررة بالقرب من المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي أو داخله، ويبدو أن هذه الهجمات تزايدت في السنوات القليلة الماضية. ومع أحدث تحرك للسويد وفنلندا للانضمام إلى الناتو، يعتقد أن على الحلف أن يعدّ نفسه لمزيد من الاستفزازات الروسية.

وغيرت تداعيات الحرب في أوكرانيا البيئة الأمنية لبحر البلطيق بأكمله والقطب الشمالي. وانضمام السويد وفنلندا، إلى حلف الناتو يعني تغييرًا أكثر في النظام السياسي، والأمن الدولي، وموازين القوى، وتغييرًا في الخارطة السياسية.

وبات متوقعا، أن يكون هناك أيضًا تغييرًا في استراتيجيات الناتو وروسيا، ليصوغ كلاهما مفاهيم جديدة للأمن والدفاع الدولي، في وقت يتزايد فيه الإنفاق العسكري، وتصعيد التسلح، حتى في مجال السلاح النووي التكتيكي والاستراتيجي، وهذا يعني أن العالم مقبل على أمن غير مستقر، وتصعيد المواجهة بين روسيا والناتو.

ربما يعجبك أيضا