ذاكرة «رؤية» 25 مايو| استقلال إريتريا عن إثيوبيا 

محمود سعيد

المقاومة الإريترية نجحت في السيطرة على معظم الريف الإريتري، وتمكنت من تحرير بعض المدن


تحتفل جمهورية إريتريا يوم 25 مايو من كل عام بذكرى استقلالها عن إثيوبيا، بعد مقاومة دامية استمرت لعقود، ومرت العلاقات بين البلدين بعدها بمراحل متباينة.

بعد الاستقلال كان التوتر هو السائد بين البلدين، وكلاهما دعم حركات مسلحة معارضة لدى الآخر، حتى اندلعت الحرب الحدودية عام 1998، واستمرت الخلافات حتى وصل رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إلى السلطة، ونجح في تحسين العلاقات مع اسمرا.

دولة إريتريا

إريتريا دولة إفريقية يتحدث غالبية سكانها اللغة العربية، يحدها البحر الأحمر شرقًا والسودان من الغرب، إثيوبيا من الجنوب، وجيبوتي من الجنوب الشرقي، ويمتد الجزء الشمالي الشرقي من البلاد على ساحل البحر الأحمر، مباشرة في مواجهة سواحل السعودية واليمن.

وتوالى على الشعب الإريتري الاحتلال الإيطالي ثم البريطاني ثم الإثيوبي، ومنذ استقلالها في مايو 1993، لم تجر فيها منذ ذلك الوقت أي انتخابات عامة.

القضية الإريترية

مع تغير المشهد السياسي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، باتت إريتريا جزءًا من إثيوبيا، ورغم تحرر بلدان القرن الإفريقي من الاحتلال الإيطالي، فإن إثيوبيا ادعت أن إريتريا أرضًا تابعة لها، وضمت الجمعية العامة للأمم المتحدة إريتريا كمقاطعة إلى إثيوبيا في أوائل 1950، ما شكل حينها صدمة للشعب الإريتري.

وفي العام 1958، اضطر الآلاف من أبناء الشعب الإريتري إلى الهجرة إلى البلدان المجاورة، وشكلت أعدادًا كبيرة منهم حركة التحرير الإريترية عام 1960، واتخذت قاعدة لها في مدينة بورسودان السودانية، لكن الحرب بدأت عندما أعلنت أديس أبابا انتهاء الحكم الذاتي لإريتريا، وتحرك الزعيم، حامد إدريس عواتي، في 9 يناير 1961 ومعه آلاف المقاتلين وبدأ المقاومة لتحقيق الاستقلال.

المقاومة الإريترية والقمع الإثيوبي

تمكنت حركة المقاومة الإريترية، وعبر دعم بعض البلدان العربية، من مقاومة حملات القمع والإبادة الإثيوبية التي تسببت في مقتل الآلاف من الإريتريين، خصوصًا أن أنظمة أديس أبابا المتعاقبة اتبعت سياسة الأرض المحروقة، فشردت أعدادًا كبيرة من الإريتريين في الصحارى والغابات، وفر عشرات الآلاف منهم إلى السودان، بعضهم موجود حتى اليوم.

ولكن المقاومة الإريترية نجحت في السيطرة على معظم الريف الإريتري، وتمكنت من تحرير بعض المدن، وعقدت حركة المقاومة الوطنية الإريترية أكثر من مؤتمر لها في الأراضي المحررة، لكنها تعرضت للتشرذم، وانشقاق بعض الحركات عن الحركة الأم.

انقسامات

انشقت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا ذات الاتجاه اليساري، عن جبهة التحرير الإريترية عام 1970 التي كانت جامعة لمختلف المشارب الإريترية، وكذلك تأسست جبهة التحرير الإريترية – التنظيم الموحد، وجبهة التحرير الإريترية – المجلس الثوري، وجبهة التحرير الإريترية – المجلس الوطني.

ومع استقلال البلاد في العام 1994، تحولت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا إلى الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، وأصبحت بمثابة الحزب الحاكم، بقيادة الرئيس الإريتري، أسياسي أفورقي.

دعم أطراف الصراع

دعمت جبهة التحرير الإريترية من ليبيا وكوبا وسوريا حتى منتصف السبعينيات، وفي ظل نظام “الدرك” الإثيوبي بين أعوام 1974-1987 من العراق وتونس والصومال وبلدان عربية أخرى، أما الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا فنالت منذ تأسيسها دعمًا كبيرًا من الصين والسودان وليبيا والولايات المتحدة وسوريا والصومال.

أما الإمبراطورية الإثيوبية، فدعمت بين أعوام 1961-1974 من الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن في أعقاب الانقلاب الماركسي – اللنيني في إثيوبيا عام 1974 ونهاية النظام الملكي، دعم الاتحاد السوفيتي الإثيوبيين حتى نهاية الثمانينيات.

الاستفتاء وإعلان استقلال

استمرت الحرب 30 عامًا حتى عام 1991، ومع سقوط نظام الدرك، هزمت جبهة التحرير الشعبية الإريترية القوات الإثيوبية في إريتريا، وسيطرت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بمساعدة جبهة التحرير الشعبية الإريترية على كامل إثيوبيا.

وفي أبريل 1993، نظم استفتاء مدعوم من حكومة أديس أبابا الخاضعة للتيجراي وبرقابة دولية، وصوت الشعب الإريتري بالإجماع لصالح الاستقلال، الذي أعلن بتاريخ 25 مايو 1993. وفي العام نفسه أعلن الاعتراف الرسمي بإريتريا كدولة مستقلة وسيادية، وساهمت التحركات المصرية خاصة والعربية عامة في دعم الثورة الإريترية واستقلال البلاد.

تسلسل زمني

عام 600 قبل الميلاد: بداية انتشار الإسلام في إريتريا من خلال هجرة المسلمين إلى الحبشة.

عام 1500م: أقامت الدولة العثمانية حامية في منطقة مصوع الواقعة على ساحل البحر الأحمر.

1890م: إريتريا مستعمرة إيطالية من خلال مجموعات المستوطنين الإيطاليين الذين انتقلوا إلى هناك طامعين في احتلال الهضبات والمرتفعات.

1941م: بريطانيا تحتل إريتريا لتحل محل الاستعمار الإيطالي بعد هزيمة روما أمام الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

1952م: ضم إريتريا إلى إثيوبيا وفق قرار صادر عن الأمم المتحدة.

1958م: تشكيل جبهة التحرير الإريترية.

1961م: بداية حرب الاستقلال في إريتريا.

1970م: انشقاق داخل جبهة التحرير الإريترية لتشكيل “الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا”.

1991م: الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا تسيطر على العاصمة أسمرة، وتشكيل حكومة مؤقتة.

1993م: استقلال البلاد بعد استفتاء بإشراف أممي.

 

 

 

 

ربما يعجبك أيضا