الحكومة الجزائرية تتبنى شراكة مع الصين، ولكن وفق قاعدة 51% للجزائر و49% للشريك الصيني حتى يظل القرار جزائريًا.
نجحت الصين في التغلغل داخل قارة إفريقيا، حتى أنها أزاحت فرنسا من صدارة المصدرين للجزائر، بتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة مع حكومة الجزائر.
بكين باتت الشريك التجاري الأول للجزائر وموريتانيا وليبيا والشريك الثالث لمغرب وتونس، ووقعت اتفاقية شراكة استراتيجية مع المغرب. في الوقع الدول المغاربية عمومًا باستثناء موريتانيا سارعت من أجل الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، فماذا حدث؟
L’amitié Chine-Algérie remonte à un certain 20 décembre 1958 qui a vu s’établir leurs relations diplomatiques.🇨🇳🇩🇿
Photo : signature d’un communiqué commun le 20 décembre 1958 entre les représentants de la RPC et de la GPRA pic.twitter.com/PF7bDHy3uy— 小汤圆 (@YayingRUAN) May 30, 2022
العلاقات الصينية الجزائرية
مع اندلاع الثورة الجزائرية اعترفت بكين في 1958 وقبل استقلال الجزائر في 1962 بالحكومة الجزائرية، وزودت المقاومة هناك بالأسلحة للمواجهة الاحتلال الفرنسي، بالإضافة إلى ذلك ساعدت الجزائر بكين على استعادة مقعدها في الأمم المتحدة عام 1971، كما أطلقت في 2017 قمرًا صناعيًا من قاعدة في الصين.
الشراكة الاستراتيجية بين البلدين شملت الشراكة الأمنية والعسكرية، فصاحبة أكبر ميزانية دفاعية في إفريقيا لنحو 9.6 مليارات دولار، عقدت صفقات أسلحة صينية كان من بينها شراء أول سفينة تدريب حربية، وطرادات، وطائرات مسيرة، وأنظمة للحرب الإلكترونية، ومدفعية ذاتية الدفع، وصواريخ مضادة للطائرات والسفن بحسب تليفزيون “تي آر تي”.
الصين تقلب المعادلة في الجزائر
في عام 2012، كانت باريس المصدر الأول للسلع إلى الجزائر، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية الشريك التجاري الأول لها بسبب وارداتها من الغاز المسال، لكن الصين استغلت الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 وتضرر اقتصاد الغرب، لتبدأ شراكتها التجارية مع الدولة المغاربية متحدية احتكار فرنسا خصوصًا والأوروبيين عمومًا.
وساعدت بكين الحكومة الجزائرية في بناء مفاعل نووي للأبحاث مخصص لإنتاج المواد الصيدلانية الإشعاعية. وفي 2013، دخلت الصين بقوة للجزائر وقلبت الموازين باحتلالها المركز الأول مع الجزائر في التصدير والاستيراد.
العلاقات الاقتصادية
أطلقت الصين في سبتمبر 2013 مبادرة “الحزام والطريق”، وسارعت الجزائر في 2014 بإعلان الانضمام إليها، لكن الانضمام الرسمي كان في 2019، وبلغت المبادلات التجارية الجزائرية الصينية في 2019، نحو 8 مليار دولار، منها قرابة 7 مليارات صادرات صينية، لتهيمن من خلال استثمارها في مناجم الحديد والفوسفات على قطاع المناجم في الجزائر.
وقعت الصين مع الجزائر اتفاقًا لاستثمار 7 مليار دولار لإنتاج 5.4 ملايين طن من المخصبات الزراعية، عن طريق تحويل الفوسفات الخام إلى أسمدة زراعية، وتشارك في قطاع المقاولات وإنجاز المشاريع العقارية والبنية التحتية والصناعات التحويلية، فشيدت المسجد الأعظم وآلاف العقارات السكنية، وطرق سريعة، كما شاركت في توسعة مطار العاصمة.
#الجزائر
• فيديو من موقع ميناء الحمدانية
–من المتوقع أن يكون أكبر ميناء بأفريقيا والبحر الأبيض المتوسط بعد تجميد المشروع لـ 7 سنوات كاملة
–واحد من أضخم مشاريع #الصين 🇨🇳 بـ الجزائر 🇩🇿 والذي قدرت تكلفته بنحو 6 مليارات دولار
–حددت مدة الإنجاز بـ 7 أعوام.pic.twitter.com/1k8xaGoyYo— ABDELHALIM | عـبـد الـحـليـم (@shadowh55543098) June 3, 2022
ميناء الحمدانية الكبير
تشيد بكين ميناء الحمدانية الذي يربط الجزائر من خلال الطريق العابر للصحراء الكبرى ويصل إلى نيجيريا، ما يعني فك عزلة البلدان الحبيسة كمالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو. وبحسب وكالات سيكون الطريق مرفوقًا بخط للألياف البصرية، وسيتبع مشروع أنبوب الغاز النيجيري نفس مسار الطريق حتى يصل إلى شبكة أنابيب الغاز الجزائرية نحو أوروبا.
L’Algérie, le gazoduc Nigeria-Europe et la route de la soie: #Algérie #Nigeria #Maroc #Gazoduc #Gaz #UnionEuropéenne #Chine #Route_soiehttps://t.co/I3GH7CvRxJ
— Maghreb Online (@Marruecos_Leaks) May 17, 2022
لكن الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، رفض أن تتولى شركة صينية تسيير الميناء بعد استكماله، وأمر بإعادة دراسة المشروع مع الشريك الصيني “وفق قواعد شفافة”. ويقع والميناء في صميم مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهدف بكين منه وصول سلعها إلى الأسواق الإفريقية والأوروبية في زمن قياسي.
تراجع العلاقات الجزائرية مع أوروبا وأمريكا
الشراكة الجزائرية المتعاظمة مع الصين، جعلت البلدان الأوروبية تخشى على مصالحها التجارية هناك، خصوصًا وأن لبلدان الاتحاد الأوروبي امتيازات جمركية حصلوا عليها بفضل اتفاق الشراكة مع الجزائر من قبل.
أما واشنطن فقد توقفت عن استيراد الغاز المسال الجزائري، مع زيادة الإنتاج الأمريكي للغاز الصخري، وهو ما أثر بشدة على حجم التبادل التجاري بين البلدين حتى أنه تراجع من نحو 19.5 مليار دولار في 2007، إلى 2.6 مليار في 2021.
استراتيجية التخلص من الهيمنة الفرنسية
الجزائر التي عانت من محاولات الهيمنة والتبعية الاقتصادية الفرنسية حتى بعد الاستقلال، عملت على تنويع شركائها التجاريين، فهي لم تفتح الباب للصين فقط وإنما كذلك لتركيا وألمانيا وإيطاليا على حساب إسبانيا وفرنسا، وإن كان أصبح لدى الصين نصيب الأسد حتى أنه قبل أيام وقعت سوناطراك الجزائرية صفقة للتنقيب عن النفط مع سينوبك الصينية بقيمة 490 مليون دولار.
🇩🇿🇨🇳| Signature d'un contrat dans le domaine des hydrocarbures entre #Sonatrach et #SINOPEC d'une valeur de $490M. Ce contrat permettra de récupérer et de revaloriser les hydrocarbures dans le champ de Zarzaitine, aux frontières avec la Libye. #Algérie #Chine pic.twitter.com/p8IzTcxXZm
— The Algerian Post (@TheAlgiersPost) May 28, 2022
وكان لموقع الجزائر الاستراتيجي بين أوروبا وإفريقيا دورًا كبيرًا في تلك الشراكات المتعددة. وتتبنى الحكومة الجزائرية الشراكة مع الصين، ولكن وفق قاعدة 51% للجزائر و49% لبكين حتى يظل القرار جزائريًا.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1173364