استعادة النفوذ الفرنسي في إفريقيا.. استراتيجية محدودة الأثر

ضياء غنيم
استعادة النفوذ الفرنسي على رأس أولويات ماكرون

نتائج العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مهما كانت، ستعزز حضور موسكو في مالي للاستفادة من مواردها الطبيعية الضخمة مثل احتياطيات الذهب


يجرى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حاليًا أول جولة خارجية إلى إفريقيا في ولايته الثانية، تشمل “الكاميرون وبنين وغينيا بيساو”، في خطوة لاستعادة النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا.

تتزامن زيارة ماكرون التي بدأت في 25 يوليو وتنتهي في 28 يوليو 2022، مع جولة وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الحالية لإفريقيا، دفعت من خلالها موسكو بسرديتها للأزمة في أوكرانيا، وأزمة صادرات الحبوب، وسعيها لتعزيز حضورها في القارة.

الشواغل الأمنية الفرنسية في الساحل

استهل الرئيس الفرنسي، زيارته بالكاميرون، بالإعلان أمس الثلاثاء 26 يوليو 2022، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الكاميروني، بول بيا، عن توسيع الجهاز العسكري والأمني الفرنسي خارج منطقة الساحل الأفريقي إلى خليج غينيا، لدعم الدول المهددة بتمدد نشاط الجماعات الإرهابية، مشيرًا على عدم تخلي بلاده عن أمن القارة الأفريقية، حسب موقع قناة فرنسا 24.

ماكرون انتقد توسيع روسيا لعلاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأفريقية “بالتواطؤ مع السلطات السياسية الضعيفة أو المجالس العسكرية غير الشرعية”، على حد تعبيره، في إشارة للنظام العسكري الانتقالي في مالي.

تراجع النفوذ الفرنسي

النفوذ الفرنسي تراجع بواضح في منطقة الساحل على خلفية الصراع في مالي وانسحاب قوة “برخان” و”تاكوبا” الأوروبية المساندة، فضلًا عن تصاعد الغضب الشعبي في المنطقة من القوة الاستعمارية السابقة، ما عزته باريس إلى الدعاية السلبية الروسية تزامنًا مع اتساع نفوذ موسكو العسكري بمالي عبر مجموعة فاجنر، علاوة على وجودها الهجين المقلق لباريس في أفريقيا الوسطى، وفق موقع يورأكتيف.

سرديات متعارضة بشأن صادرات الحبوب

تزامنت الزيارة مع جولة وزير الخارجية الروسي، إلى مصر والكونغو الديمقراطية وأوغندا وإثيوبيا، واتسمت الجولتان بتبادل الاتهامات بشأن أزمة نقص الإمدادات الغذائية التي تعاني منها الدول الإفريقية جراء الأزمة الأوكرانية وتبعاتها، وشدد ماكرون على مساعدة بلاده للشركاء الأفارقة في زيادة الإنتاج الزراعي وتعزيز مساهمته في الأمن الغذائي، وفق صحيفة الشرق الأوسط.

وفيما بدى ردًا على تصريح لافروف في القاهرة، يوم 24 يوليو، بأن العقوبات الغربية سبب تأثر الإمدادات الروسية للدول الصديقة، وتحديدًا دول إفريقيا، قال ماكرون، أمس، خلال لقاء مع الجالية الفرنسية في الكاميرون: “يلومنا البعض بالقول إن العقوبات الأوروبية سبب أزمة الغذاء العالمية، بما في ذلك في إفريقيا. هذا غير صحيح بالمرة”، معتبرًا أن أزمة الغذاء هي أحد أسلحة الحرب الروسية.

صراع نفوذ روسي فرنسي

روسيا ليست المنافس الوحيد لفرنسا في مستعمراتها الإفريقية السابقة، إلا أنها توفر بدائل فعالة للمساعدات الأمنية الفرنسية، عبر مجموعة فاجنر، والتي ظهرت في باماكو بنهاية العام الماضي، وتسببت استعانة السلطات المالية بها في غضب باريس والحلفاء الأوروبيين، حسب المجلس الأطلنطي.

رصد المجلس في تقرير سابق دور روسيا في التضليل المعلوماتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فأثبتت دور شبكة من صفحات فيس بوك المحلية في مالي، في تعزيز الرواية الروسية للأزمة، داعمة لتأجيل الانتخابات التزامًا بخارطة طريق السلطات العسكرية، في مقابل رفض الروايتين الفرنسية والأممية.

وأوضح أن نتائج العملية العسكرية في أوكرانيا مهما كانت ستعزز حضور روسيا في مالي للاستفادة من مواردها الطبيعية الضخمة مثل احتياطيات الذهب، فضلًا عن ضمان موطئ قدم في منطقة الساحل يسمح بتعظيم صادرات الأسلحة والمعدات الثقيلة، الكلفة المنخفضة للتدخل في المنطقة.

استراتيجية محدودة الأثر

لا تزال الصورة السلبية لحقبة الاستعمار الفرنسي، تعكر صفو العلاقات بين باريس ودول غرب ووسط أفريقيا، ولم ينجح خطاب الرئيس الفرنسي في الاعتراف بجرائم الاستعمار واعتبارها جرائم ضد الإنسانية، حسب مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي.

ويسعى ماكرون من خلال خطابه وتصحيح بعض أخطاء تلك الحقبة لإعادة تموضع باريس في مناطق نفوذها التقليدية، إلا أن الاستراتيجية الفرنسية تظل محدودة الأثر مع مطالبات عدد من دول المنطقة وتياراتها السياسية لإعتذار رسمي عن جرائم الاستعمار، كما أن قدرات فرنسا الاقتصادية تظل محدودة أمام العديد من الشركاء الإقليميين والدوليين مثل الإمارات والسعودية وتركيا والصين والولايات المتحدة.

ربما يعجبك أيضا