تناحر الأحزاب المسيحية اللبنانية.. هل ينذر مجددًا باستحقاق رئاسي متعثر؟

ضياء غنيم
الأحزاب المسيحية من اليمين(التيار الوطني، المردة، القوات، الكتائب)

لا يزال مسيحيو لبنان مختلفين على مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية المخصص لطائفتهم، ويتبارى الحزبان المسيحيان الأكبر في حرب بيانات.

وتنتهي ولاية الرئيس الحالي، العماد ميشال عون، في 31 أكتوبر المقبل، لكن المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد ستبدأ مطلع الشهر المقبل سبتمبر 2022. ورغم الانقسام الواضح لا يستبعد محللون تقارب الأحزاب المسيحية المعارضة سريعًا، تحت ضغط من ضيق الوقت.

حرب بيانات بين أكبر حزبين مسيحيين

تربك الخلافات الحالية خطوات الأحزاب المسيحية داخل وخارج الطائفة المارونية، صاحبة المنصب، لتجنب سيناريو الفراغ، أو انتخاب بديل لا يُخرج البلاد من أزماتها وعزلتها. وقد انتخب الرئيس الحالي، العماد عون، رئيسًا عام 2016 بعد فراغ رئاسي استمر نحو عامين ونصف العام، انتهى بتوافق بعد 45 جلسة برلمان فاشلة لانتخاب رئيس للبلاد.

وتحولت مساعي التفاهم بشأن المرشح المسيحي لرئاسة لبنان، بين أكبر حزبين مسيحيين في لبنان، “القوات اللبنانية” بزعامة سمير جعجع، و”التيار الوطني الحر” برئاسة جبران باسيل، إلى حرب بيانات، بعدما سعى جعجع لتوسيط البطريرك الماروني، بشارة الراعي، عند باسيل، لطرح نفسه مرشحًا مسيحيًّا متوافقًا عليه، حسب صحيفة “الديار” اللبنانية.

وجرى تفاهم مشابه بين الحزبين في عام 2016 سمي “تفاهم معراب”، خلص إلى تأييد ترشح ميشال عون لرئاسة لبنان، وقد كان رئيسًا لـ”التيار الوطني الحر”، قبل أن يدفع بصهره جبران باسيل لرئاسة التيار. حينها دعم جعجع هذا التفاهم، مقابل تقاسم حزبه “القوات” المناصب الحكومية والإدارية والأمنية مع “التيار”، وهو ما يريد جعجع تكراره لصالحه، حسب الصحيفة اللبنانية.

باسيل يبحث توافق الأحزاب المسيحية الكبرى

من جانبه، طرح باسيل خيار انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب اللبناني، وليس عن طريق مجلس النواب، وهو ما رفضته جميع القوى اللبنانية عامة، والمسيحية خاصة، حسب وسائل الإعلام اللبنانية المحلية.

ويجد باسيل نفسه بين مطرقة معسكر حليفيه “حزب الله” وحركة “أمل” الشيعيين، وسندان غريمه المسيحي “القوات اللبنانية” الذي وافق على “اتفاق الطائف” عام 1989، نكاية في ميشال عون، لينتقل مركز ثقل النظام السياسي من رئاسة الجمهورية، المقصورة على الموارنة حسب الميثاق الوطني للبنان 1943، إلى البرلمان الذي صارت مقاعده تتوزع بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، حسب اتفاق الطائف أيضًا.

«المردة» يبحث عن دعم رئيسه

على جانب آخر، يصطف حزب “الكتائب اللبنانية” المعارض، برئاسة سامي الجميّل، مع كتلة “المعارضة التغييرية”، التي تضم 13 نائبًا وترغب في تغيير المنظومة الحاكمة. وفي الوقت نفسه، ينتظر “تيار المردة” المسيحي (القريب من معسكر “حزب الله” الشيعي) أن يتفاهم أطراف المعادلة السياسية على رئيسه، سليمان فرنجية، للترشح لرئاسة لبنان.

ولم يظهر على الساحة حتى الآن اسم مرشح مسيحي سوى فرنجية، بدعم من حليفيه حركة “أمل” و”حزب الله”. لكن رئيس “المردة” لم يضمن حتى الآن دعم “التيار الوطني” برئاسة باسيل، أو “الحزب التقدمي الاشتراكي” برئاسة الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، الذي يشدد على اختيار رئيس “غير استفزازي”، حسب موقع “النشرة” اللبناني المحلي.

مسيرة جعجع الشاقة

تمسك زعيم “القوات” سمير جعجع، بموقفه في توحيد المعارضة وإرجاع انتخابات الرئيس للإجماع الوطني وليس في إطار الطائفة، مستنكرًا تحالف التيار الوطني مع “الثنائي الشيعي وعملاء النظام السوري من البقاع إلى بيروت وجبل لبنان وصولًا للشمال”، حسب موقع “النشرة”.

وأبرز جعجع مخاوفه من تحول الموازين باتجاه “حزب الله” وحلفائه في مجلس النواب على وقع الطعون المقدمة أمام المجلس الدستوري بحق 4 من نواب المعارضة، وسحب ترشيحه السابق لقائد الجيش، العماد جوزيف عون، باعتباره مرشحًا غير توافقي للقوى التغييرية.

التغييريون

أشار نواب التغيير إلى رفضهم جميع الأسماء الموجودة على الساحة (جبران باسيل، جوزيف عون، سليمان فرنجية)، حسب ما نقلته صوت بيروت انترناشونال عن النائب مارك ضو الذي لم يستبعد الحوار مع أي طرف.

وأبدى ضو موقفًا محايدًا تجاه القوات، ولم يستبعد التفاهم معه معترفًا بكونه الكتلة المسيحية الأكبر، لكنه في الوقت ذاته طرح اسمين للتداول داخل الكتلة التغييرية وهما النائبين ميشال معوض ونعمة إفرام، ونوه بطرح مبادرة في شأن الاستحقاق الرئاسي في سبتمبر المقبل.

توافق أخير بين الأحزاب المسيحية المعارضة

لا يزال التباعد بين حزبي “الكتائب” و”القوات” عائقًا أمام توافق الأحزاب المسيحية المعارضة والأكثر تقاربًا في المواقف السياسية، رغم إشارات على استحياء دافع فيها رئيس “الكتائب” سامي الجميل، عن حزب “القوات” في الاجتماع التنسيقي الأول للمعارضة.

ولا يستبعد محللون لجوء الأحزاب المسيحية المعارضة إلى التقارب السريع في خضم تحولات المشهد السياسي اللبناني، وضغوط الساعات الأخيرة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، حسب صحيفة “اللواء” اللبنانية.

ربما يعجبك أيضا