مواقف لا تُنسى ودبلوماسية ثاقبة.. «أبوالغيط» أمينًا عامًا للجامعة العربية

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

أعادت  مصر اليوم السبت ترشيح أحمد أبو الغيط أمينًا عامًا للجامعة العربية لولاية ثانية مدتها خمس سنوات.

ووجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عدة رسائل إلى القادة العرب لدعمه، وفقًا لما تقضي به أحكام ميثاق الجامعة.

وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة في مصر، إن «إعادة ترشيح أبوالغيط يأتي في إطار الاهتمام الكبير الذي توليه مصر تجاه عمل جامعة الدول العربية وحرص الرئيس السيسي على توفير كل الدعم الممكن للمنظمة التي يجتمع تحت سقفها العرب وتجسد طموحاتهم في عمل عربي جماعي».

وأكد راضي «حرص مصر على عمل عربي منسق يهدف إلى خدمة الشعوب والمصالح العربية، وهو ما اتسم به دور الأمين العام خلال فترة ولايته الأولى من إدارة واعية وحكيمة لدفة منظومة العمل العربي المشترك خلال مرحلة مليئة بالتحديات شهدتها المنطقة العربي».

الجامعة العربية

لماذا أحمد أبوالغيط؟

يقول السفير محمد حجازي -مساعد وزير الخارجية الأسبق- إن أبوالغيط معروف بمواقفه القوية وثوابته ومبادئه التي تصب في مصلحة الأمة العربية وجرأته في طرح أفكاره وقناعاته والدفاع عنها باستماتة، إضافة إلى أنه معروف بموقفه الواضح تجاه أعداء الأمة العربية والساعين لتمزيقها والطامعين في ثرواتها، ولذلك كان اختياره ضروريا لمواجهة تبعات تلك المرحلة التي تعيشها الأمة وتتزايد حولها التهديدات من كل النواحي.

وبحسب صحيفة «الأهرام» المصرية، أضاف حجازي: «أبو الغيط له رؤية شاملة ومستنيرة تجاه تحقيق التضامن العربي ومواجهة أطماع إيران في الخليج وتدخلاتها في الشأن العربي وسعيها لجر المنطقة لحرب سنية شيعية وله مواقف قوية تجاه التدخلات الغربية في شؤون الدول العربية منذ أن كان مندوبا لمصر في الأمم المتحدة، إلى جانب إلمامه بكافة قضايا الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، مضيفا أن الوضع العربي يتطلب رجلا يتمتع بدبلوماسية قوية ومرنة تستطيع مواجهة ما يحدث في سوريا وليبيا واليمن والعراق ولبنان وغيرها من القضايا التي تستنزف الأمة العربية».

اختيار أحمد أبو الغيط يرجع أيضا للإجماع العربي عليه، لا سيما بالنهوض بالجامعة العربية ودفع الكثير من القضايا العربية إلى حلول جذرية، فضلًا عن تقليل حدة الخلافات والانشقاقات.

ومن المتوقع ألا يواجه أبوالغيط نفس المواقف التي حدثت عام 2016 وقت اختياره، إذ واجه رفضًا من كل من السودان وقت حكم البشير، وقطر التي تحفظت في بداية الأمر ثم رفعت قطر تحفظها فيما بعد، إذ يرى السفير «حجازي» أن العلاقات العربية- العربية تغيرت هذا العام عن سابقتها في 2016، فالسودان الآن تربطه علاقات قوية مع مصر ولديهما ملفات مشتركة، أما عن موقف قطر فيتوقع البعض أن يكون هناك تغيير على ضوء المصالحة الخليجية الأخيرة.

أحمد أبو الغيط

مواقف «أبوالغيط» العربية

حين يتحدث السفير أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، فإنه يتكلم بلسان 22 دولة، ارتضت أن يكون هو القلب النابض لهم، في مواجهة أعداء الأمة العربية.

ففيما يخص الأزمة الليبية التي كان لها نصيب الأسد في اجتماعات الجامعة العربية، لاسيما بعد مؤتمر برلين، الذي ترك العرب عامة والليبيين خاصة، يتساءلون عن المصير المجهول لهذا البلد الشقيق، رفض أبو الغيط إحالة الجامعة العربية الملف الليبي إلى مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن إحالة ملف ليبيا في 2011م إلى مجلس الأمن «خطأ جسيم».

وقال أبو الغيط في حوار عبر فضائية سكاي نيوز عربية إن تركيا أخذت مواقف حادة من الجامعة ودول عربية محددة بالاسم وتحتل شمال سوريا وتتواجد في الأراضي العراقية وليبيا.

وكان أبو الغيط انتقد في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية 154 برئاسة فلسطين يوم 9 سبتمبر الماضي التدخلات التركية في ليبيا وعدد من دول المنطقة العربية، مؤكدًا أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة الليبية.

وفيما يخص القضية الفلسطينية، أكد أحمد أبوالغيط، أن الجامعة «متمسكة بالثوابت الرئيسية للقضية الفلسطينية، والتي تضمن حل الصراع مع إسرائيل وفق مبادئ القانون الدولي ومقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة»، ومضيفاً أن «هذه المبادئ تحظى بإجماع عربي كامل، وبتأييد ودعم من المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وأنه ينبغي العمل على أن تصب أي تطورات أو مواقف جديدة في صالح القضية الفلسطينية».

جاءت تلك التصريحات خلال اتصال هاتفي بين أبو الغيط والمنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ميلادنوف، ناقشا خلاله آخر التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

وأوضح مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة، في بيان رسمي، أن «أبو الغيط وميلادنوف اتفقا على أهمية العمل في المرحلة القادمة على تثبيت محددات التسوية السلمية بين فلسطين وإسرائيل على أساس حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود 67. وعاصمتها القدس الشرقية».

أما عن الأزمة السورية، فشدد أحمد أبو الغيط، على عدم وجود حل عسكري في سوريا وضرورة إيجاد حلول وسط، مشيرا مع ذلك إلى أن القضايا العالقة هناك تتجاوز قدرات اللجنة الدستورية.

جاءت تصريحات أبو الغيط خلال اجتماعه مع غير بيدرسن، المبعوث الأممي إلى سوريا، بمقر الأمانة العامة للجامعة في القاهرة، إذ شدد أبو الغيط .

تناول اللقاء آخر مستجدات الأزمة السورية، في ظل جهود المبعوث الأممي للدفع قدما بمسار الحل السياسي عبر عقد اجتماعات اللجنة الدستورية التي تضم ممثلين من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني بغرض صياغة دستور جديد للبلاد، توطئة لعقد الانتخابات.

وأضاف المصدر أن أبوالغيط شدد خلال اللقاء على الأهمية التي توليها الجامعة العربية لتحريك الجمود الحالي الذي تمر به الأزمة السورية بعد عشر سنوات من الصراع كانت ثقيلة الوطأة على الشعب السوري الذي لا يزال يعاني أبناؤه أشد المعاناة على كل الأصعدة، وبخاصة اللاجئين والنازحين منهم.

أحمد ابو الغيط

وأبوالغيط ذو ثقل وخبرة دبلوماسية كبيرة، يحظى بتوافق عربي، ولديه رؤية شاملة لكافة القضايا العربية وإلمام واسع بها وهو ما يؤهله إلى استكمال مسيرة الجامعة العربية في مواجهة التحديات وحماية الأمن القومي العربي.

يشار إلى أن الولاية الأولى لأمين عام جامعة الدول العربية تنتهي في 30 يونيو المقبل.

ووفقا لميثاق ولوائح جامعة الدول العربية، يتم انتخاب أمين عام جديد في الدورة العادية لمجلس وزراء الخارجية العرب المقرر عقدها في مارس المقبل.

وانتخب أبوالغيط أمينا عاما للجامعة في الثالث من مارس 2016 خلفا لنبيل العربي الذي شغل المنصب لمدة 5 سنوات.

ربما يعجبك أيضا