الأسلوب الأفريقي.. الثقافة السوداء تحلق على أجنحة الموسيقى والفن والأزياء

أماني ربيع

كتب – أماني ربيع

على ممرات عروض الأزياء، في المتاجر، وإعلانات الشوارع، عبر الإنترنت، وفي كل مكان تنظر إليه أصبح أسلوب الموضة الأفريقية في كل مكان اليوم وحجز لنفسه مكانا بين العديد من الناس من مختلف الألوان والأجناس والعقائد.

مؤكد هناك عوامل لهذه الشعبية الكبيرة للأسلوب الأفريقي في الموضة، من بينها انتشار الإنترنت وعولمة اتجاهات الموضة المختلفة التي تنطلق من مكان واحد لتؤثر في العالم أجمع، خاصة مع ازدياد رغبة جيل الألفية من أصل أفريقي في الشعور بملكيتهم لثقافتهم الخاصة بعيدا عن المجتمع الذي يعيشون فيه، وأصبحوا يريدون معرفة المزيد عن جذورهم الأفريقية وتاريخهم وثقافتهم.

50416212 581850562239018 4517289234331074560 n

واليوم تسير الموضة الأفريقية جنبا إلى جنب مع ازدهار حركة “حياة السود مهمة” الموجهة ضد الظلم العنصري، في الولايات المتحدة والموجه إلى الأمريكيين من أصول أفريقي أو بالتعبير الكلاسيكي عنصرية البيض ضد السود.

وتبنى الكثير من المشاهير حملة مناهضة لتلك العنصرية، ومنهم رعب كرة القدم الأمريكية كولين راند كايبرنيك، الذي اتخذ موقفاً رمزياً ضد وحشية الشرطة، حيث ركع خلال النشيد الوطني في بداية إحدى مبارياته، واللافت هو اعتماده على قصة شعر مجعد يشبه قصات مجتمع الأفرو، وهو غالبا كان يشاهد خلال مبارياته برأس حليق أو بقصة شعر منسدل عادية، قد يرى البعض أسلوبه سطحيا، لكن يجب التوقف عند حقيقة اجتماعية وثقافية هنا، أن قصة شعر أصبحت عنوانا للثقافة الفريقية وتعبيرا عنها.

موضة قريبة من الطبيعة

ترسخ الأسلوب الأفريقي في الثقافة الشعبية الأمريكية، وتضاعف نمو الأسلوب السود، بما يتبعه من جرأة في الألوان، ونقوش مليئة بالحيوية مأخوذة عن جلود الحيوانات، وإكسسوارات ضخمة مستلهمة من تراث قبائل الأفريقية، فالموضة الأفريقية قريبة من الطبيعة وهي خصبة ومتجددة باستمرار.

في بدايات القرن العشرين، بدأت الملابس في أمريكا وأوروبا تأخذ طابعا أكثر مرونة، وخاصة فيما يتعلق بلباس المرأة، بدات مغنيات البلوز مثل جازمين وبلوز وومان هذا الاتجاه، ومثلهم فعلت بيلي هوليداي عندما ظهرت مع زهرة في شعرها، حيث أصبحت الفساتين أقصر فوق الكاحل، وتم الاستغناء عن الكورسيهات المزعجة لتصبح الفساتين فضفاضة وخالية تسمح بالحركة مع الغناء.

أما أسلوب السراويل ذات الأرجل الواسعة التي تشبه الزعانف فقد انتشر بسبب الخاجة لملابس تناسب الحركة القوية التي تفرضها رقصة التشارليتون التي قدمها الشباب السود، وأصبحت رائجة على مسارح برودواي، ومعروف أن السود عاشقون للحركة والرقص، حتى مشيتهم تبدو وكأنها متناغمة مع إيقاع ما يحرك جسدهم.

ونجح العديد من المشاهير والفنانين والموسيقيين في التأصيل لنمط الموضة السوداء من الأقراط الكبيرة إلى الأحذية الرياضية التي باتت عنصرا رئيسيا في خزانة معظمنا، وكل هذا عبر أيقونات ذات طابع أسود خاص من الماضي والحاضر مثل جوزفين بيكر وديانا روس، ومايكل جاكسون وميشيل أوباما، وراسل ويستبروك ، وفاريل ويليام ، كلهم أصبحوا ملهمين ومؤثرين فيما يتعلق بالنظرة إلى ما نرتديه اليوم.

ظهر هذا على خشبات المسارح حيث تبنت مطربات شهيرات مثل بيونسيه في كثير من إطلالاتها الأسلوب الأفريقي عبر تسريحات الشعر المجرد والإكسسوارات العملاقة، وفي فيديو كليب أغنية ” Lemonade ” من ألبومها الذي يحمل نفس العنوان، ظهرت على مع الضفائر والملابس الملونة وبدت كإلهة أفريقية.

وفي حفل أوسكار 2014، لفتت الممثلة الكينية السمراء لوبيتا نيونجو بفستان رائع يتناقض مع بشرتها البنية القاتمة، وابقت على شعرها المجعد كما هو دون أن تقوم بتمليسه رغم فستانها الكلاسيكي وكأنها تريد أن يكون إكسسوارها الأفريقي الخاص بالحفل، ولوبيتا من أكثر المعتدين بخلفيتهم الفريقية وتحرص دائما على تصفيف شعرها على الطريقة الأفريقية وتركه على طبيعته الخشنة.

وبعد فوزها بأوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم “12 عام من العبودية” بشهر واحد، اختارتها مجلة “بيبول” الأمريكية كأجمل أمراة في العالم لعام 2014، وهو الأمر الذي أسعدها كثيرا رغم أنها لم تكن تتوقعه، وقالت إنها حتى في أحلامها لم تتخيل أنها قد تحصل على إشادة حول مظهرها، وهو ما أشعرها بكثير من الإطراء.

وتحدثت للمجلة قائلة، إن سعادتها كبيرة بالفتيات السمراوات اللاتي سيشاهدن صورتهل على غلاف المجلة، ويرون أخيرا أن هناك بعض الاهتمام بهن.

أصبح أسلوب لوبيتا على السجادة الحمراء مثارا للإعجاب من خبراء الموضة، فهي لم تفشل قط لفت الأنظار، من الماكياج المميز إلى تسريحات الشعر المستوحاة من ثقافتها الأفريقية إلى الملابس ذات الألوان الزاهية والطبعات الجريئة وتسير بها بثقة لافتة.

أيضا فاريل ويليامز أصبح رمزا إبداعيا فيما يتعلق بالأسلوب الأسود، عبر الموسيقى والأزياء، وأعاد تعريف دور الفنان كرمز للثقافة.  

علاقة العرق بالقوة

20150201 KEHINDE slide 5TH6 superJumbo

ومن عالم الموسيقى إلى الفن التشكيلي مع كيهايند ويلي، هو الرسام الأمريكي من أصول أفريقية والمقيم بنيويورك، والذي اشتهر  بلوحاته الطبيعية للسود، وقدم لوحات ضخمة عن الأمريكيين من أصول أفريقية المعاصرين في أوضاع بطولية مستوحاة من بورتريها عظماء الماضي، كإنعكاس ساحر على علاقة العرق بالقوة في مجتمعات اليوم.

وبدأ يمزج لقطات أخذها للشباب في شارع هارلم وأعاد مزجها في لوحات تاريخية شهيرة تشبه أنماط الفن الكلاسيكي مثل الروكوكو الذي اشتهر في ففرنسا، وعبر ذلك المزيج أصبح واحدا من أهم الفنانين في الوقت الحالي وأصبحت أعماله ضيفة في المتاحف الكبرى.

ونجح بول ريفير ويليامز المهندس المعماري من أصول أفريقية في صنع بصمة خاصة بالسود داخل مجتمع النخبة الأمريكي، وأصبح أول عضو أمريكي من أصل أفريقي في المعهد الأمريكي للمهندسين المعماريين.

Slide1

وامتدت مهنته لـ 6 عقود، قدم فيها مجموعة من التصميمات البارزة لكبار أساطير عوليود مثل فرانك سيناترا وباربرا ستانويك، وأعماله لازالت موجودة في أرقى أحياء كاليفورنيا مثل:  بيفرلي هيلز ، برينتوود ، بيل إير ، وهوليوود هيلز.

PaulWilliams Featured v01

وفي مطعمها الهادئ بمانهاتن، صنعت الأميرة باميلا عالما خاصا بها لما يزيد عن ثلاثين عاما، استضاف فيها مطعمها كبار المشاهير من أندي وارهول لديانا روس، قدمت فيها أطباقها الجنوبية الشهيرة، وأصبح كتابها الخاص بالطبخ كتابًا مقدسًا لجيل كان يتوق إلى الطهي المنزلي، بعد الهجرة الكبرى.

44712 1

“إذا كنت تعيش في نيويورك ولديك أحلام كبيرة ودون مال، فإن الأميرة باميلا هي المكان الذي تريد أن تأكل فيه، قدم مطبخها تخفيضات كبيرة على الأطباق الشهية، وجعلت جتى من يفتقرون للمال يشعرون بأنهم محظوظون لأنهم موجودون لديها.

في أواخر الستينيات ، كانت نيويورك مركزًا للحيوية الإبداعية والتعبير الفني، وكانت الأزياء تشبه الحفلات التنكرية، وعطلة الأسبوع هالوين دائم، هذه ملامح مدينة نيويورك التي احتضنها ستيفن بوروز بصفتها مدينته، وألهمته بابتكار أزياء قدمت الأنوثة في ثوب جديد أحدث ثورة في الأزياء الأمريكية امتدت إلى خارجها، خاصة بعد حضوره لعرض التاريخي لافتتاح أسبوع الموضة في باريس يوم 28 نوفمبر 1973، على مسرح جابرييل في قصر فرساي.

117923352 299652374672679 4203363940072596173 n

وضمت الليلة كبار مصممي الأزياء في العالم منهم 5 فرنسيين هم: هوبرت جيفينشي، وإيمانويل أنجارو، وكرستيان يدور، وبيير كاردان، وإيف سان لوران، واستطاع أن يثبت نفسه في حدث استضاف لأول مرة عارضات أزياء من أصل أفريقي للسير في عرض أزياء كبير متعدد الأعراق، في اعتراف أول بهم، وكونهم أخيرا أصبحوا مقبولين في الصناعة، كانت هناك 10 عارضات من أصل 36، من السود.

ربما يعجبك أيضا