تفجير “سان بطرسبرغ”.. فتح ممرا إرهابيا نحو موسكو

رقية كامل

رؤية ـ جاسم محمد
اعلنت السلطات الروسية  يوم 3 مارس 2017  انها تحقق في عمل إرهابي بعد الانفجار الذي وقع في عربة مترو في سان بطرسبورغ وأسفر عن نحو عشرة قتلى وعشرات الجرحى. وقالت لجنة التحقيق الروسية في بيان : “تم فتح تحقيق حول عمل إرهابي”، موضحة أن المحققين سيبحثون كل الفرضيات الأخرى المحتملة. وقد لقي تسعة أشخاص على الأقل مصرعهم وأصيب أكثر من عشرين شخصا في حالة خطرة للغاية. وقالت مصادر أمنية إن العبوة الناسفة كانت متروكة في عربة قطار، معتبرة أن قوة التفجير كانت تساوي نحو 200- 300 غرام من مادة “تي إن تي”. العملية تتجه نحو فرضية العمل الارهابي.
ابرز التفجيرات التي شهدتها محطات المترو في روسيا هي:
ـ  تفجيرات مترو الأنفاق في موسكو 2010 ، نفذت امرأتان التفجيرين الانتحاريين في العاصمة موسكو في محطتين، حيث وقع الانفجار داخل عربة مترو بمحطة “لوبيانكا”، وأدى إلى مقتل 22 شخصا. وبعد نحو 45 دقيقة  من الانفجار الاول ، هز انفجار ثان محطة “بارك كولتوري” الواقعة وسط المدينة أيضا، وأدى إلى مقتل 12.
ـ تفجير يوم 31 أوغست 2004 بمحطة “ريجيسكايا” في مترو موسكو ونجم عنه إصابة 46 شخصا بجروح ، ومقتل 10 أشخاص.
ـ  تفحير السادس من فبراير عام 2004 ، محطتي “أفتوزافودسكايا” و “بافيليتسكايا” عندما  فجر انتحاري من شمال القوقاز نفسه في مقطورة على الخط الأخضر بمترو أنفاق العاصمة ونجم عنه مقتل 40 شخصا وإصابة 134 آخرين.
ـ تفجير  محطة “أوتو زافودسكايا” عام 2002 .
ـ تفجير محطة مترو الأنفاق” بيلوروسكايا” يوم الخامس من فبراير 2001،وتسبب بإصابة 5 أشخاص.
ـ تفجير 8 أوغست 2000 في نفق عبور المشاة بالقرب من محطة  بوشكينسكايا” وسط موسكو ونجم عنه مقتل 13 شخصا وإصابة 118 آخرين.
المقاتلون الشيشان والجهاد العالمي
اعلن مقاتلو الشيشان والقوقاز “إمارة ألقوقاز” في 31 أكتوبر 2007 على لسان دوكو عمروف زعيم المقاتلين الشيشان، وتضم كل جمهوريات شمال القوقاز وهي (داغستان، نخشيشو الشيشانوغلغايشو، إنغوشي وإيرستون أوسيتيا الشمالية وولاية كابردا بلكار ـ كرشاي المجتمعة  وهي جمهوريتي قبردينو – بلقاريا وقراتشاي ـ تشيركيسيا). الشيشان منطقة تقطنها غالبية مسلمة في جنوب روسيا أعلنت استقلالها في عام 1991 قبيل تفكك الاتحاد السوفياتي السابق. عملياتها، عادة تستهدف المدنيين في الاماكن العامة ووسائط النقل. وتشير التقارير الميدانية بان مقاتلي الشيشان شاركوا في ساحات “جهادية” واسعة منها في سوريا  والعراق والباكستان وكشمير. يتميز المقاتلون الشيشان وكذلك من اسيا الوسطى، بالقدرة البدنية وشراسة القتال ويمثلون دعم معنوي لبقية الفصائل. إن مطاولة الصراع في سوريا خلق شبكات عمل وتواصل اجتماعي وتنظيمي بين المقاتليين عبر العالم. وهذا مايزيد قلق روسيا بالاشتراك مع دول اخرى، من عودة المقاتلين الاجانب الى اوطانهم من سوريا بعد تدريبهم على يد تنظيمات “جهادية” اخرى، واكتسابهم خبرات عسكرية واسعة.
“حزب التحرير الاسلامي”
تاسس الحزب عام 1953، من قبل تقي الدين النبهاني، وتؤمن هذه الجماعة، بأقامة “امارةاسلامية” والغاء النظام الديمقراطي المدني. ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، مارس حزب “التحرير الإسلامي”، نشاطاً دعائياً كبيراً، واكتسب أنصاراً كثر، وجرت أول حملة اعتقالات كبيرة في صفوفه، عام 1999 بعد تفجير إرهابي في طشقند. ويقول الخبير في شؤون الأمن، فيكتور ميخائيلوف، عن أن “حزب التحرير وجماعة التبليغ، يُعدّان ممراً إرهابياً نحو كازاخستان، وآسيا الوسطى”. كما اعتبر أن “مهمة حركة تركمنستان الإسلامية، واتحاد الجهاد الإسلامي، وحركة أوزبكستان الإسلامية، وجماعة الصابرين، خارج أفغانستان وباكستان”، هي تجنيد مقاتلين جدد لهذه العصابات لإرسالهم لاحقاً إلى سورية، حيث يمكن اليوم اكتساب خبرة قتالية متخصصة. ويقدّر خبراء، وفقاً لموقع “كافكاز- أوزيل. رو”، فان أعداد أعضاء هذا التنظيم في العالم اليوم، يقدر بنحو مليون عنصر. وبين فترة واخرى تعلن اجهزة الامن الروسية، عن احباط  نشاط خلايا حزب التحرير الاسلامي، والعثور على بيانات وسجلات وكتب دعاية ومتفجرات منها مداهملت يوم 29 مارس 2017، تثبت تورط الحزب بعمليات ارهابية.
النتائج
ـ  تزامن توقيت تنفيذ عملية الانفجار في احدى عربات مترو في سان بطرسبورغ، مع زيارة الرئيس بوتن للمدينة، وهي ليست بعيدة اصلا عن مايجري في سوريا على الارض من عمليات عسكرية، وكذلك مفاوضات جنيف مابين المعارضة السياسية والحكومة السورية. المدينة ايضا من المقرر ان تشهد مناسبات رياضية، وهذه الحادثة ممكن ان تستهدف ايضا خلخلة الامن، حيث شهدت روسيا عمليات ارهابية اوسع خلال عام 2014، مع انعقاد الاولمبيات الشتوية.
ـ العملية، هي امتداد الى سلسلة العمليات الارهابية التي تستهدف روسيا من الداخل، ربما يعود ذلك الى مشكلة داخلية تتعلق بعلاقة الشيشان مع موسكو ودعوة هذه الجماعات المتطرفة بالانفصال عن موسكو. وعرفت عمليات “امارة القوقاز” بعمليات الارامل السود، بتنفيذ عمليات انتحارية عند حواجز الامن والتفتيش، “الارامل السود يعني”:  ارامل مقاتلي”امارة القوقاز”.
ـ العبوة التي استخدمت في عملية التفجير هي عبوة يدوية بسيطة نوع  تساوي نحو 200- 300 غرام من مادة “تي إن تي”.، لكن ان تنفجر داخل عربة  مترو مغلقة، وبنفق بعمق عشرات الامتار تحت الارض، ممكن ان يكون تأثيرها اكبر.
ـ نجحت اجهزة الامن الروسية ، بتفكيك عبوة اخرى وقنبلة يدوية، كان مخطط ان تنفجر في اعقاب الانفجار الاول، هذه الجماعة عرف عنها بتنفيذ عمليات انتحارية وتفجير مزدوج في اكثر من مرة.
ـ تمتلك الاستخبارات الروسية الكثير من التفاصيل حول الجماعات الاسلاموية المتطرفة في موسكو، لكن وقوع مثل هذا النوع من العمليات يعتبر اخفاق شرطي واستخباراتي ، لعدم استطاعتها بايقاف هذه العملية قبل وقوعها، رغم ماتملكه من امكانيات وقدرة بتفكيك خلايا ارهابية.
هذا النوع من العمليات، ممكن ان يستمر في روسيا، بسبب ما تلعبه روسيا من دور لاعب رئيسي في الملف السوري، وكذلك بسبب استهدافها الى الجماعات المتطرفة في معاقلها، ماعدا ذلك تبقى مشكلة هذه الجماعات، مشكلة داخلية ايضا. هذا النوع من العمليات ممكن ان يشهد تصاعدا، بعد خسارة التنظيم في معاقله : الموصل والرقة ومناطق اخرى في سوريا والعراق  وفي اعقاب طلب تنظيم داعش من مقاتليه العودة الى اوطانهم او البقاء فيها لتنفيذ عمليات ارهابية من الداخل. ماتحتاجه جهود مكافحة الارهاب الدولي، هو ايجاد تحالفات دولية غير تقليدية او نمطية منها التحالف مابين موسكو وواشنطن، هذا من شأنه يعيد خارطة الجماعات المتطرفة، ويكثف الجهود في الدولية في محاربة الارهاب والتطرف.
*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات

ربما يعجبك أيضا