هنا “كيماوي” سوريا.. هل تصبح “خان شيخون” قاصمة الظهر؟

ياسمين قطب

رؤية – ياسمين قطب

“من أمِن العقوبة أساء الأدب” قالها السابقون لتعبر عن حالنا اليوم وكل يوم.. أصبحت سوريا تستيقظ على جرعات سامة من غاز الكيماوي لعشرات المرات خلال أعوام دون عقاب ولا ردع، ومن يقتل مرة يقتل ألفًا إذا لم يلق جزاؤه من البداية.
تعددت هجمات الكيماوي على الأراضي السورية منذ عام 2012 بين الهجمات الصغيرة والكبيرة التي يذهب ضحيتها بالمئات، وبعد كل ضربة كيماوي يتراشق أطراف الصراع التهم، ويشجب المجتمع الدولي، والنظام ينكر، وأمريكا تدين، والسوريون يموتون.

اعتراف يتلوه توقع
في الثالث والعشرين من شهر يوليو عام 2012 اعترف النظام السوري على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيته وقتها “جهاد مقدسي” بامتلاكه أسلحة كيماوية وجرثومية، مشددا على استحالة استخدامها “أبدًا” خلال الأزمة السورية، وأن تلك الترسانة من الأسلحة مخزنة ومؤمنة من قبل القوات المسلحة السورية.

قرأت الإدارة الأمريكية والغربية هذا الاعتراف بالعكس، وتنبأت بقرب استخدام السلاح الكيماوي في سوريا.
وصرح الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في 3 ديسمبر من نفس العام  بأن الولايات المتحدة لن تقبل استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، وستكون هناك تبعات لاستخدام كهذا.
وكتب ضابط أميركي سابق في شؤون الاستخبارات الدفاعية “جيفري وايت” في نفس توقيت تصريحات أوباما؛ مقالاً تحليلياً في موقع معهد “واشنطن للدراسات” تعرض فيه لاحتمال استخدام الأسد للكيماوي قائلا: “إن استخدام الأسلحة الكيميائية ليس خياراً مؤكداً على الإطلاق، إلا أن احتمال حدوثه قد ارتفع بشكل كبير وسوف يزداد كلما دنت ساعة سقوط النظام”.

السماء برائحة السموم
أول قذيفة بالكيماوي أطلقت في سماء سوريا كانت على حي “البياضة” في حمص بتاريخ 23 ديسمبر 2012.

وتبع ذلك الهجوم هجمات صغيرة بالكيماوي على عدة قرى ومناطق مثل “العتيبة وعين ترما وداريا وبلدة الطيبة، والشيخ مقصود في حلب، وسراقب في إدلب، وجوبر ومخيم اليرموك في دمشق”.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الانسان” 33 هجوماً بالغازات السامة في الفترة الممتدة من 23 كانون الأول 2012 إلى 27 أيلول 2013.

وجاء الهجوم السام الكبير الذي استهدف  مدن في الغوطة الشرقية “زملكا، جسرين، عربين، عين ترما، كفربطنا، حمورية” ومدينة “معضمية الشام” في الغوطة الغربية في 21 أغسطس 2013، وراح ضحيته مئات القتلى، وأحرج العالم الأخرس وأخرجه عن صمته.
حدث الهجوم بعد ثلاثة أيام من وصول بعثة المفتشين الدوليين إلى دمشق، وقد تبادل كل من النظام والمعارضة المسلحة الاتهامات بالمسؤولية عن هذه المجزرة، كما طالبت قوى عربية وغربية بتحقيق وببحث الحادث في مجلس الأمن.

وبعد ذلك الهجوم لوّح الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بتهديدات إلى النظام السوري متوعدًا عدم مرور ذلك الهجوم دون ردع، وبأنه لن يغتفر.
خان شيخون وقشة البعير
وقع هجوم عنيف صباح أمس الثلاثاء على منطقة خان شيخون بريف إدلب، راح ضحيته المئات فضلًا عن مئات المصابين، وكالعادة تبادل الاتهامات ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي يدينان.
واعتبر البعض الهجوم الأخير ماهو إلا اختبارًا للإدارة الأمريكية وموقفها تجاه أحداث سوريا، ولعل ذلك الهجوم هو القشة التي قصمت ظهر البعير زتختلف ردود الأفعال حيال الأوضاع في سوريا من بعده.
وصرح الأمين العام للأمم المتحدة اليوم الأربعاء بأن هجوم خان شيخون يؤكد أن جرائم حرب تحصل في سوريا بشكل متكرر، وأن هناك حاجة ملحة لوضع حد للحرب في سوريا.

تغير اللهجة الروسية
لأول مرة تصدر الإدارة الروسية تصريحات تقتضي بتحميل النظام السوري -حليفها- المسؤولية عن القصف، وبرغم أن التصريح لايحملهم المسؤولية كاملة إلا أنه إدانة لهم.
وقال الجنرال إيجور كوناشينكوف إنه وفقاً لنظم رصد المجال الجوي فإن غارة جوية استهدفت منشأة كبيرة لتخزين الذخائر تابعة للمسلحين، إضافة إلى معدات عسكرية ومنشأة تضم ورشاً لإنتاج مقذوفات محشوة بمواد سامة، حسبما ذكر الجنرال الروسي.
بينما صرح المبعوث الأممي لسوريا، ستيفان ديمستورا في جلسة طارئة عقدت اليوم الأربعاء بأن الهجوم الكيماوي كان مصدره من الجو وليس الأرض.
وبين متهم ومنكر، ومؤيد ومعارض، ومتوعد ومسالم، يبقى الشعب السوري ضحية السياسات الصامتة والخطوات البطيئة والتجاهل غير المبرر، وهو وحده يدفع الثمن.



https://www.youtube.com/watch?v=4Pd3ICSHGXg

ربما يعجبك أيضا