ضربة قاعدة الشعيرات…تعيد خارطة توزيع القوى من جديد

دعاء عبدالنبي

رؤية ـ جاسم محمد
 
اعلنت الولايات المتحدة صباح يوم السابع من ابريل 2017، شنها ضربة صاروخية استهدفت قاعدة الشعيرات العسكرية في محافظة حمص السورية. وقالت ان 59 صاروخا موجها من طراز توماهوك استهدفت مطار الشعيرات العسكري المتصل بحادثة استخدام غاز السارين في خان شيخون. التقارير ذكرت بان الطائرات التي نفذت الهجوم بغاز السارين على منطقة “شيخون” انطلقت من قاعدة مطار الشعيرات. الضربة العسكرية الاميركية جاءت بعد فشل مجلس الامن الدولي بالاتفاق على مشروع قرار ردا على الهجوم الكيميائي على خان شيخون الذي اودى بحياة 86 شخصا بينهم 30 طفلا. كانت الأمم المتحدة  قد تاكدت عام 2013 بأن بشار الأسد استخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه.
 
رد فعل روسيا
 
في اعقاب الضربة الامريكية، اتخذت روسيا، حليف بشار الأسد، عدة إجراءات عسكرية منها، تعليقها العمل باتفاق تنسيق الطيران العسكري في الأجواء السورية مع الولايات المتحدة، الذي يضمن عدم الاحتكاك بين طائرات الدولتين عند القيام بأعمال عسكرية في الأجواء السورية. وصرح ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي بوتين أن دعم روسيا  للأسد “ليس غير مشروط”، يأتي ذلك وسط انتقادات من تركيا وفرنسا لدعم روسيا نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد الهجوم في إدلب.
ويذكر إلى أنه تم بين روسيا والولايات المتحدة التوقيع على مذكرة التفاهم بشأن منع الحوادث وسلامة الطيران خلال العمليات في المجال الجوي لسوريا أثناء العمليات العسكرية، في أكتوبر 2015.
ردود افعال
 
حذرت فرنسا روسيا من المسؤولية التي تتحملها باستخدامها حق النقض ضد قرار في مجلس الأمن الذي طالب التحقيق في الهجوم الذي الكيميائي في سوريا بطلب من فرنساوالمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكانت ألمانيا وفرنسا قد أعربت في وقت سابق عن دعمهما للعملية الأمريكية في سوريا.
 
الاتحاد الأوروبي من جانبه، طالب مجلس الأمن الدولي على التحرك وإصدار قرار بإدانة هجوم خان شيخون في مدينة إدلب السورية وضمان تحقيق سريع ومستقل ونزيه لتحديد المسؤوليات. وعبر الاتحاد بشعوره بالقلق لأن النظام السوري كان استخدم الأسلحة الكيمياوية عام 2015، كما هو محدد في تقارير آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية والأمم المتحدة.
 
وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أن الحكومة السورية نفسها تتحمل كامل المسؤولية عن الضربة الأمريكية لقاعدتها بعد الهجوم الكيميائي في محافظة إدلب. “، مؤكدا أن الحلف يدعم كل الجهود الدولية الرامية إلى إحلال السلام والتوصل إلى حل سياسي في سوريا”.
 
وأعربت ألمانيا عن “تفهمها” للضربة الأمريكية التي استهدفت قاعدة عسكرية سورية، وحملت برلين الأسد مسؤولية ما آلت لأيه الأوضاع، لكن ألمانيا حرصت على ضرورة الحل السياسي للأزمة السورية تحت عطاء الأمام المتحدة. وقالت المستشارة الألمانية ميركل إن الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة على قاعدة جوية سورية “مفهوم نظرا لأبعاد جرائم الحرب ومعاناة الأبرياء والجمود في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
 
ورغم الانقسام في الشارع الالماني لكن عنوان صحيفة لصحيفة “فرانكفورتر ألغمانيه” (FAZ)، التي كتبت تقول:العملية العسكرية الأمريكية قرعت طبول جولة جديدة في ساحة الحرب السورية وان امريكا اطلقت عملية مطاردة الاسد.
 
وأبدت إيطاليا تأييدها للضربات الصاروخية الأمريكية على قاعدة جوية سورية وقالت إنها رد مناسب يردع الرئيس السوري بشار الأسد عن استخدام الأسلحة الكيماوية.
وقال متحدث باسم الحكومة البولندية، إن الحكومة تدعم ضربة صاروخية أمريكية على قاعدة جوية سورية.

النتائج
 
ـ أن إدارة الرئيس ترامب، تعتمد على وجهات نظر دوائر صنع القرار في واشنطن.
 
ـ ان الضربة الجوية كانت سريعة جدا مقارنة بتنفيذ الضربات الجوية الامريكية في زمن ادارات اميركية سابقة، وهذا يعني ان ادارة ترامب كانت حريصة على تنفيذ الضربة، لتؤكد جديتها في التعامل مع القضية ومع حكومة بشار الاسد، هذه الضربة من شانها ان تعطي رسالة الى الراي العام الداخلي والدولي، بان ادارة ترامب تختلف عن ادارات البيض الابيض السابقة.
 
ـ الضربة ممكن ان تفسر بانها رسالة مباشرة الى نظام بشار الاسد، لكنها ستبقى عملية محصورة في اطار “الضربة “المحدودة” المتعلقة في استخدام السلاح الكيميائي في منطقة خان الشيخون، اكثر ماتكون تغيير نوعي في السياسة الخارجية الاميركية وموقفها من القضية السورية، تحديدا، بانها لاتعني ان اشارة الى بدء عمليات عسكرية امريكية في سوريا. تصريحات الادارة الامريكية اكدت بان مثل هذا النوع من الضربات ممكن ان تنفذ مستقبلا.
 
ـ أن قاعدة “حميميم الروسية الجوية محمية بشكل كامل”، ومركز الإمداد التقني التابع للقوات البحرية الروسية في طرطوس، محميتان بشكل كامل وموثوق بمنظومة صواريخ “إس 300″ و”إس 400” من الأرض والجو والبحر، وهذا مايثير السؤال، هل روسيا موجودة في سوريا لحماية مصالحها وقواعدها ام حماية النظام السوري؟ تصريحات مسؤولون رووس، تشير الى ان دعم روسيا الى بشار الاسد يبقى غير مشروطا. روسيا تبرر عدم استخدام صواريخها هذه لتوقيعها اتفاق تفاهم مع واشنطن عام 2015، يمنع احتكاك عسكري بين القوتين!
 
ـ ان العلاقات الروسية الامريكية ممكن ان تشهد تدهورا على المستوى السياسي وعلى المستوى العملياتي العسكري في سوريان وهذا ربما يزيد المشهد تعقيدا في سوريا. الخلافات بين هذه الاطراف الفاعلة في المشهد السياسي، بدون شك يصب بصالح الجماعات المتطرفة، كونه يشتت الجهود الدولية في محاربة الارهاب، فالتقارب الروسي الامريكي بات مطلوبا لايجاد حل للحرب في سوريا.
 
يبقى الحل السياسي في سوريا هو الخيار وربما هو النقطة التي تجتمع عليها جميع الاطراف الدولية وغالبية الاطراف الاقليمية، وتبقى الضربة الجوية الى قاعدة شعيرات الجوية، ضربة محدودة تحذيرية الى نظام بشار الاسد، تؤكد وجود الولايات المتحدة من جديد في ملف الصراعات الدولية.
 
*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات*

ربما يعجبك أيضا