عسكري الدرك المصري آخر من قال “ها مين هناك”

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبد اللطيف
القاهرة – مع تزايد وتيرة العمليات الإرهابية التي تضرب مدنًا وعواصم عربية، آخرها مدينتي طنطا والإسكندرية في مصر، حيث شهدت المدينتان تفجيرات انتحارية أمس الأحد، تزامنًا مع احتفالات مسيحيي مصر بأحد السعف، ما أسفر عن سقوط عشرت الضحايا بين قتيل وجريح بينهم عدد من رجال الشرطة داخل وفي محيط الكنائس، ما جعل البعض يطالب بعودة عسكري الدرك كفكرة لتدعيم جهود الأمن بالتعاون مع قوات الجيش التي انتشرت لتأمين المصالح والمنشآت الحيوية بأوامر من القيادة السياسية المصرية، ومع انتشار أعمال العنف والإرهاب مؤخرًا ما اضطر الرئيس السيسي إلى إعلان خاحلة الطوايء في مصر لـ3 شهور مقبلة قابلة للتجديد لمدة مماثلة باتت الفكرة التي غاب تطبيقها لعشرات السنوات ذات احتمال للتطبيق العملي.

نصف عودة
كثيرون لا يعرفون شيئًا عن “عسكري الدرك المصري” سوى من أفلام السينما خاصة في فترة أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، حين كان يطوف العسكري أو الخفير الشوارع والأحياء ليلاً من المساء وحتى فجر اليوم التالي يراقب الأمن ثم تعلو صيحته الشهيرة “ها مين هناك” إذا ما استشعر أي قلق أو حركة غير عادية خاصة في شوارع المحروسة ثم اختفى مع مجيء ثورة يوليو 1952.
وأعادت وزارة الداخلية المصرية تجربة “عسكري الدرك” صاحب الصيحة الشهيرة “مين هناك” مرة أخرى للخدمة، لإعادة الأمن والانضباط إلى الشارع المصري في منتصف يوليو عام 2014، وبدأ في الانتشار فعليًا في شوارع وميادين القاهرة إلى أن العودة لم تكتمل.

النشأة
تعود نشأة هذا النظام المعروف بالدرك، والذي كانت مهمته حفظ الأمن والنظام ومساعدة قوات الشرطة في بعض المهام إلى الدولة الفارسية، فكانت قوات الدرك الفارسية هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، ومنها انتقلت إلى العديد من البلدان في العالم.

الجندرمة الفرنسية
وتعتبر فرنسا بعد الدولة الفارسية هي أول من أرسى قواعد عمل قوات الدرك كهيئة عسكرية مكلفة بحفظ الأمن بين السكان المدنيين، عندما أنشأت قوات مماثلة تحت مسمى “جندرمة” في القرن الثاني عشر الميلادي، وقد انتقل هذه التنظيم إلى العديد من الدول الأخرى التي كانت لها صلة بفرنسا، أو البلدان التي كانت في وقت من الأوقات تخضع لسيطرتها مباشرة مثل المستعمرات، والأقطار الواقعة تحت الانتداب الفرنسي آنذاك.

إلغاء الدرك المصري
وفي القرن التاسع عشر الميلادي، ارتبط اسم قوات الدرك المخولة بحفظ الأمن وسلامة المواطنين بالدولة العثمانية، وكان نظام الدرك موجودًا في مصر حتى قيام ثورة 23 يوليو عام 1952، حيث تم إلغاء العمل به في ذلك الوقت.

أصل “الكلمة”
كلمة “الدرك” يعود أصلها إلى اللغة العربية ومعناها قوة عسكرية يعهد إليها بحفظ الأمن والنظام، أما كلمة “جندرمة” فيعود أصلها إلى اللغة الفرنسية وتحمل نفس المعنى السابق.
ومع إلغاء نظام عسكري الدرك اختفى معه النداء الشهير خفيف الظل الذي ارتبط في أذهان المصريين بزمن جميل مضى.. و”ها مين هناك”.

ربما يعجبك أيضا