دور مصر في مواجهة الإرهاب… يحتاج للدعم الدولي

رقية كامل

رؤية ـ جاسم محمد

أعلنت السلطات المصرية يوم  9 ابريل 2017، إن انتحاريا نفذ عملية انتحارية داخل كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية، راح ضحيتها العشرات من الضحايا والجرحى.

التحقيقات كشفت بان منفذ العملية الانتحارية، استطاع الدخول الى داخل الكنيسة والجلوس في مقدمة الحاضرين ليفجر نفسه مع بدأ القداس وتزامن الانفجاران مع احتفال المسيحيين بأحد السعف. وبينما كانت الطواقم الطبية في طنطا لا تزال منشغلة بإسعاف الجرحى وانتشال جثت ضحايا، استهدف هجوم ثان الكنيسة المرقسية في الإسكندرية مخلّفا  العشرات من الضحايا والجرحى. هجوم الاسكندرية، فشل فيه منفذ العملية الانتحارية من الدخول الى الكنيسة، وفجر نفسه عند حاجز التفتيش، التقارير وشهود عيان ان احد ضباط الامن عند نقطة التفتيش، ضحى بنفسه، عندما احتضن منفذ العملية ومنعه من الدخول بهدف تقليل الخسائر.

من هم أقباط مصر المستهدفون بالتفجيرات؟

يشكل أقباط مصر، كبرى الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط وواحدة من أقدمها. ويقدر عدد أفراد هذه الطائفة بحوالي 10% من حوالي 90 مليون مصري. ويشكل الأقباط الأرثوذكس غالبية الأقباط المصريين الذين بينهم كاثوليك أيضاً. وارتفعت وتيرة أعمال العنف في مصر بشكل عام خلال السنوات الأربع الماضية، منذ إلاطاحة بحكم (الإخوان )المحظورة بعد يونيو 2013. وشهدت مصر سلسلة من العمليات الارهابية ضد الكنائس، ابرزها:

ـ تفجير كنيسة القديسين عشية احتفالات رأس السنة عام 2011 وقع تفجير كبير استهدف كنيسة القديسين، في منطقة سيدي بشر بمدينة الإسكندرية، وقتل خلاله 23 شخصا وأصيب 97 بحسب مصارد رسمية.
ـ حادث كنيسة الوراق ، أطلق مسلحون متشددون النار على حفل زفاف في منطقة الوراق بالقاهرة، مما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، وذلك في شهر أكتوبر 2013.
ـ تفجير الكنيسة البطرسية فجر مهاجم انتحاري نفسه في قاعة للصلاة بالكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة خلال شهر ديسمير 2016، موقعا 25 قتيلا أغلبهم من النساء والأطفال وعشرات المصابين.
جماعة (بيت المقدس)
أعلنت (جماعة أنصار بيت المقدس) في مصر يوم 10 نوفمبر 2014 انضمامها إلى تنظيم داعش ومبايعة زعيمها الملقب بأبو بكر البغداد . وحصلت جماعة (أنصار بيت المقدس) على الدعم بالتدريب والتسلح والدعم المالي من تنظيم البغدادي بالتوازي مع ما تحصل عليه هذه الجماعة من دعم مالي من قبل التنظيم المركزي للإخوان ومن الجماعة في ليبيا، وفقا لما كشفته التحقيقات الخاصة بالجماعات المتطرفة.
وفي دراسة للباحث الدكتور محمد بكري  يقول فيها: ان خلايا التطرف النائمة تنتشر في مواقع متعددة، ففي القاهرة الكبرى تحولت مناطق شاسعة إلى “مفرخة” للتنظيمات المسلحة والعناصر الإرهابية، بما في ذلك مناطق حلوان والجيزة ومواقع مترامية شرق العاصمة. منطقة حلوان من المناطق الأبرز في احتضان الخلايا النائمة وموطنا لجماعة( الاخوان ) المحظورة والتنظيمات المتطرفة.

اعلان حالة الطواريء

في أعقاب التفجير الذي استهدف كنيسة مارجرجس في مدينة طنطا المصرية بمحافظة الغربية، ودعا الرئيس السيسي مجلس الدفاع الوطني للانعقاد لبحث ملابسات هذا التفجير. وأعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مساء يوم 9 مارس 2017 عن قرار بفرض حالة الطوارئ في مصر لمدة ثلاثة شهور من اجل حماية مصر. كما أعلن السيسي أنه تم اتخاذ قرار بتشكيل المجلس الأعلى لمقاومة ومكافحة الإرهاب، وقال إن المجلس القومي الأعلى سيصدر بقانون يتيح له كل الصلاحيات لمجابهة التطرف والإرهاب.

مصر والتحالف الدولي لمكافحة الارهاب
تشارك مصر في التحالفا الدولي الى جانب التحال العربي  لمكافحة الارهاب، ولها مشاركات فاعلة، وكان اخر اجتماع للتحالف الدولي اواخر شهر مارس 2017، عقد في واشنطن حضره ولاول مرة 68 دولة. وخلال  زيارة الرئيس السيس الى واشنطن يوم 4 ابريل 2017 ، قال الرئيس الأميركي الرئيس ترامب للرئيس المصري إنه يدعم قيادته بقوة، وإنهما سيعملان معا لمواجهة “الإرهاب”، وأشاد ترمب بالسيسي، قائلا إنه “يقوم بعمل رائع وسط ظروف صعبة”. وأضاف “نحن نقف بكل وضوح وراء الرئيس السيسي، ونقف بشكل واضح أيضا وراء مصر والشعب المصري”.

النتائج
 ـ ان دولة مصر مستهدفة من قبل تنظيم داعش وجماعة الاخوان المحظورة، وتصاعدة وتيرة هذه العمليات، في اعقاب تحافات جماعة”الاخوان المحظورة” مع تنظيم داعش وتنظيمات متطرفة اخرى تتمركز في سيناء. التحالفات توزع الادوار، ليكون نشاط الجماعة المحظورة في مدن مصر بتنفيذ عمليات انتحارية، وتنظيم داعش في سيناء. التقارير كشفت ايضا الى ان دور جماعة (الاخوان) يتركز ايضا في مجال تمويل الجماعات المتطرفة في سيناء. التهديد قائم ضد مصر من الداخل ومن الخارج، خاصة ان الوضع في الجارة ليبيا، يشهد الكثير من الفوضى اضافة الى جغرافية سيناء التي تربطها مع عدد من الدول وبمساحات واسعة يصعب حمايتها، مع انتشار الاعشاش ومعسكرات الجماعات المتطرفة.

 ـ ان فرض حالة الطواريء، اصبحت مطلوبة في مصر، من اجل حماية الدولة ومؤسساتها، بمنح اجهزة الامن صلاحيات اوسع، ومشاركة الجيش الى جانب الشرطة والامن الداخلي في حماية مصر. حاىة الطواريء، تمكن اجهزة امن الدولة بالتنسيق مع وزارة العدل، بتنفيذ اوامر القاء القبض على المطلوبين، وتجنب بيروقراطية وروتين الاجراءات القضائية، باجراء التحقيقات بفترات اسرع وتنفيذ الاحكام الصادرة.
 ـ ماتحتاجه مصر في هذه المرحلة، هو الدعم اللوجستي والدعم المالي والتسلح في محاربة الارهاب في مصر، يذكر بان تقنية مكافحة الارهاب، ربما تختلف من تجهيزات الجيش التقليدية، وهذا يعني بانها تحتاج الى الدعم التقني والفني تحديدا من التحالف الدولي، وخاصة مايتعلق بتقنية وكالة ناسا واعتراض مراسلات الجماعات المتطرفة في سيناء والدعم الفني. كذلك تحتاج مصر الى الدعم من دول الاتحاد الاوروبي والتعاون الامني في مكافحة الارهاب.

 ـ تحتاج مصر الى مواجهة الارهاب ايضا مواجهة هذه الجماعات، فكريا ومجتمعيا وعدم التحدد في المواجهة العسكرية والامنية، رغم انها مطلوبة خلال هذه المرحلة. فمازالت تعاني مصر من الخطاب المتطرف، وهناك العديد من المؤسسات واصحاب الفتاوى، تتخذ من الدين ومن المنابر ستارا لنشاطاتها الارهابية، وهذا يعني ان مصر تحتاج الى خطاب ديني ومعالجة فكرية وتربوية الى الارهاب الى جانب الجهد الامني، والتعاوم مع مؤسسة الازهر الشريف بتنفيذ تلك الخطط والسياسات.

 من المتوقع ان تستهدف هذه الجماعة الارهابية مصر، خاصة من داخل المدن، اكثر مما يجري في سيناء، كونها تراهن على خلاياها الموجودة هناك والتي تنشط تحت واجهات دينية ودعوية، ومن المتوقع ايضا ان تصعد وتيرة عملياتها الارهابية في مصر، وهي استراتيجية جديدة يعتمدها تنظيم داعش بالتحالف مع التنظيمات المتطرفة الاخرى، لتنفيذ عمليات من هذا النوع، في اعقاب الضغوطات والضربات العسكرية على معاقله في العراق وسوريا، لكن تبقى مصر، دولة مؤسسات يمكن الرهان عليها في مواجهة  الارهاب والتطرف.

*باحث في قضايا الارهاب والاستخبارات

ربما يعجبك أيضا