الأكراد وزيارة صهر ترامب.. مطرقة واشنطن وموسكو لمعاقبة أردوغان

أحمد عبدالصبور

تقرير- أحمد عبدالصبور 

الأكراد وحلم قيام الدولة، كابوس يزعج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ففي ظل السياسة التركية الخارجية المتقلبة، بين الولايات المتحدة من جانب وروسيا من جانب آخر، تظل العصا الكردية من أكثر الأسلحة المستخدمة لمعاقبة أردوغان سواء من الجانب الروسي أو الأمريكي أو كلاهما معًا.

صهر ترامب وزيارة العراق

وصل صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر إلى بغداد أمس الإثنين الماضي، مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد الذي قال أن الزيارة «تساعد البيت الأبيض في اتخاذ قرارات استراتيجية».

التقى كوشنر، ثاني أيام الزيارة في أربيل، برئيس كردستان العراق مسعود بارزاني ورئيس الوزراء نيجيرفان بارزاني ونجل رئيس الإقليم مسرور بارزاني.

حيث وصف مسرور بارزاني على حسابه في تويتر الاجتماع مع صهر ترامب بأنه كان “اجتماعًا مثمرًا”، مشيرًا إلى أنه تم خلاله “البحث في التقدم المحرز في الحملة ضد تنظيم داعش، وخطط اليوم التالي” لتحرير الموصل من التنظيم “الجهادي”.

جاء الإجتماع بعد أن قال مسعود بارزاني، إن من حق الكرد رفع علم كردستان في كركوك دستوريا وقانونيا، خطوة وصفتها أنقرة بالمتهورة والمرفوضة.

لماذا يخشى أردوغان دولة كردية

مرت تركية خلال تاريخها المعاصر بالعديد من الأزمات الداخلية والخارجية، استطاعت التعامل معها بشكل يحافظ على وحدة البلاد وبأقل الخسائر الممكنة.

فتأسيس دولة كردية في المنطقة بما من شأنه أن يذكي النزعة الانفصالية في صفوف أكراد تركيا، وهو ما يعني أن الحدود التركية ستصبح بالكامل مع كيان كردي سيشكل في المستقبل سنداً لحركة الأكراد في تركيا ولمطالبهم بإقامة حكم ذاتي في المناطق الكردية بتركيا، حيث ترى أنقرة أن هذا المشروع هو مشروع حزب العمال الكردستاني.

فبعد رفع العلم الكردي فوق محافظة كركوك، أعلن أردوغان في حينها أنه أمر مرفوض، معتبرا أن الكرد إذا لم يتراجعوا عن قرارهم فسيدفعون الثمن غالياً.

وقال إنه “من الخطأ رفع علم غير العلم العراقي في محافظة كركوك”، مؤكداً أنه “من يرفع العلم الكردي في المحافظة يمارس الانفصالية”.

إيران تُناور أردوغان

قبل أيام كشف قيادي بحزب كردي مشارك في الحكم بإقليم كردستان العراق أن إيران لا تمانع في استقلال الإقليم عن الدولة العراقية، وهو الأمر الذي اعتبر تسريبا مقصودا لإبلاغ رسالة سياسية قوية من طهران إلى غريمتها أنقرة.

الموقف الإيراني، في حال ثبوت جدّيته وإظهار طهران استعدادا لتنفيذه على أرض الواقع، يقلق تركيا التي ذهبت بعيدا في محاربة أي منزع استقلالي كردي، ليس في الداخل التركي فحسب، بل حتّى في سوريا المجاورة حيث اضطرت إلى التدخل العسكري منعا لوقوع مناطق في الشمال السوري بأيدي الأكراد.

بوتين يحاصر أردوغان

توترت العلاقات بين أردوغان وبوتين الأسابيع الماضية، بسبب أزمة محادثات أستانة وإتهام تركيا بمنع المعارضة المسلحة من الحضور، فبعد تلك الخطوة أعلن البرلمان الروسي ضرورة تعزيز الحوار الفوري بين دمشق والكرد من أجل إنشاء الحكم الذاتي الكردي في سوريا، ذي “صلاحيات دستورية واسعة”، وأن هذا من شأنه “المساهمة في إحلال السلام في شمال البلاد”.

لم ينتهي الأمر عند ذلك الحد بل ضغط بوتين أكثر في الملف الكرد، وقامت موسكو بتوقيع اتفاق مع التشكيلات العسكرية الكردية من أجل تدريب قواتهم، في الوقت نفسه وصل الجيش والمعدات الروسية إلى منطقة عفرين.

مما جعل أردوغان يتحرك ويعلن قائلًا” يؤلمنا الاهتمام الذي تبديه روسيا بمنظمة وحدات حماية الشعب الكردية الإرهابية” كما وصف ما حدث بالطعنة في الظهر، من جانب موسكو.

سياسة الرئيس الروسي في التعاون مع وحدات حماية الشعب الكردي، تحقق هدفين، الأول هذه الوحدات تستخدم كأحد أدوات الانتقام من النظام التركي، والهدف الثاني محاربة المعارضة السورية.

واشنطن والأكراد

فمنذ تأزم الملف السوري وسيطرة داعش على مناطق في أرض المعركة، بداء تعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع وحدات الحماية الشعب الكردي لمحاربة داعش في العراق وسوريا يزداد، يفسر هذا التعاون في السياق الاستياء الأمريكي من الموقف التركي.

فقبل زيارة صهر ترامب وفي أوائل العام الماضي، قام بريت ماكفورك، مبعوث الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى المناطق الكردية السورية، إذ مثلت الزيارة عهداً جديداً من الانفتاح الأمريكي على أكراد سوريا، في وقت فيه يبحث الأكراد عن اعتراف إقليمي ودولي بهم، وتمكينهم من المشاركة في الجهود الدولية لتسوية الأزمة السورية، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من قِبل أردوغان، وصلت إلى حد مخاطبة الإدارة الأمريكية على الهواء مباشرة، ومطالبتها بالاختيار بين التحالف التاريخي مع بلاده أو أكراد سوريا.

الخلاف الأمريكي – التركي بشأن وضع أكراد سوريا وصل إلى مرحلة متقدمة، خاصةً أن إمداد الولايات المتحدة للأكراد بالسلاح يلقى رفضاً من قبل الحكومة التركية التي تؤكد دوماً على وصف حزب الاتحاد الديمقراطي بالإرهابي، فيما ترفض الإدارة الأمريكية مثل هذا التصنيف للحزب.

قيام دولة كردية في العراق، يعتبر من الخطوط الحمراء عن أنقرة، وله انعكاسات حيوية مباشرة على الدولة التركية ، لانه بذلك يعزز الاتجاهات الانفصالية لدى أكراد الأناضول.

ربما يعجبك أيضا