سوريا.. إجماع دولي على الإطاحة بالأسد وإنكفاء روسي

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

تصاعدت الأحداث سريعا في سوريا، فبعد أيام قليلة من تصريحات البيت الابيض أن نظام الأسد “واقع سياسي”، وأن مستقبل بشار الأسد يحدده شعب بلاده.

الأسد الذي دعمته إيران بعشرات المليشيات الشيعية متعددة الجنسيات، وزجت روسيا خلفه بثقلها العسكري، قد اغتر بذلك، وظن أن خطر زواله قد مضى وأنه سيفرض سيطرته على كامل التراب السوري.

ولكن مع تقدم الفصائل السورية المقاتلة في ريف حماة الشمالي، خرج الأسد عن طوره واستخدم الأسلحة الكميائية المحرمة دوليا في الهجوم على المدنيين في خان شيخون، وهو الهجوم الذي اسفر عن مقتل أكثر من 100 مدني، وإصابة أكثر من 500 غالبيتهم من الأطفال، وهو الأمر الذي غير المعادلة بالكامل.

الرد الأمريكي

وعقب ذلك هاجمت الولايات المتحدة، بصواريخ عابرة من طراز “توماهوك”، قاعدة الشعيرات الجوية بمحافظة حمص السورية، مستهدفة طائرات للنظام ومحطات تزويد الوقود ومدرجات المطار، في رد على قصف “خان شيخون”.

ورغم أن البيت الأبيض تحدث قبل أيام من الهجوم الكيماوي أن على بلاده قبول الواقع السياسي بأن مستقبل بشار الأسد يحدده شعب بلاده، مؤكداً أن أولويات واشنطن في سوريا قد تغيرت، وأن تركيز واشنطن الآن في المنطقة يجب أن ينصب على هزيمة تنظيم “داعش”.

أمريكا لم تتحرك سابقا رغم أن الأسلحة التقليدية التي استخدمها النظام قتلت مليون إنسان كما أفادت بعض الإحصائيات الحقوقية السورية والدولية، ولكنها تحركت من أجل السلاح الكيماوي لأنه يشكل تهديدا خطيرا على إسرائيل في المقام الأول، ولهذا جاءت الضربة الأمريكية سريعة وحاسمة.  

نهاية حقبة الأسد

فيما قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، إنه “من الواضح أن حقبة حكم عائلة الأسد في سوريا في طريقها إلى الزوال”.
 وحول الموقف الروسي الداعم للأسد ونظامه، قال تيلرسون إنه “على روسيا أن تختار ما بين البقاء مع الولايات المتحدة والدول التي لديها نفس الرؤى، أو مع الأسد وإيران وحزب الله”.

إجماع دولي 

من جهته قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون للصحافيين إن سمعة روسيا تلطخت جراء دعمها المستمر للأسد واقترح مع كندا تشديد العقوبات على موسكو إذا واصلت دعم الأسد. وقال جونسون بعد لقائه تيلرسون: “ما نحاول فعله هو أن نعطي لريكس تيلرسون أوضح تفويض ممكن منا كدول الغرب وبريطانيا وجميع حلفائنا هنا ليقول للروس: هذا هو الخيار المطروح أمامكم، ابقوا إلى جانب ذلك الرجل (الأسد) ابقوا مع ذلك الطاغية أو اعملوا معنا للتوصل إلى حل أفضل”.
 أما وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت فقال إن “كل دول مجموعة السبع متفقة على أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من مستقبل سوريا”.

إنكفاء روسي 

من جهتها قالت روسيا، إن العلاقات الروسية الامريكية هي الأصعب منذ الحرب الباردة أواسط القرن الماضي، وأعلنت روسيا أعلنت في وقت سابق أنها لن تتدخل في أي ضربة عسكرية أخرى محتملة على نظام الأسد، حيث قال المتحدث باسم الكرملين إن “روسيا متواجدة في سوريا من أجل مكافحة الإرهاب وليس لرد الاعتداءات عليها، وللسوريين الحق في الرد على الاعتداءات على بلدهم”.
تحالفات دولية جديدة

و من المؤكد أن نسخةُ أخرى من “درعِ الفرات” التي شكلتها الحكومة التركية يحضر لها أن تتجهَ جنوباً برعاية إقليمية.. ولكنْ هذه المرةَ على مساحةٍ جغرافيةٍ أوسعَ وتمتدُ على حدودِ ثلاثِ دول.. سوريا..الأردن والعراق.. مصادرُ مخابراتية تقول إن غرفةَ عمليات دولية تتجهز, متخذةً معبرَ التنْف قاعدةَ انطلاقٍ لها, لمواجهةِ التنظيم جنوبَ وشرقَ سوريا, وأن عملياتٍ عسكريةً ستنطلقُ في مدةٍ أقصاها شهرٌ واحد.

رسائل الضربات

يقول الخبير الاستراتيجي أمير سعيد: إن واشنطن معنية بإرسال رسائل متعددة بضرباتها تلك: 

لروسيا: أنها غير مطلقة اليد في المنطقة، وأنها غير قادرة على تجاوز التفوق التقني للسلاح الأمريكي في العالم (تعمدت واشنطن أن تكون الضربة صاروخية من البحر منعاً للاحتكاك مع الروس، ولعقد مقارنة بين الصواريخ الروسية التي ضلت طريقها لروسيا من غواصات بحر قزوين، وصواريخ توماهوك الأمريكية التي ضربت أهدافاً داخل مطار تجنبت معه إلحاق الضرر بالوحدة العسكرية الروسية فيه لإبراز دقة التصويب الأمريكي).

لإسرائيل: أنها ملتزمة بالحفاظ على أمنه وعدم تعريض محتلي فلسطين لأي احتمال بوقوع سلاح كيماوي في أيدٍ “غير أمينة” (في هذا السياق: كيف يمكن فهم استهداف المضادات الأرضية السورية بالقصف الصاروخي في وقت لا يضيف هذا أي مزية للثوار وإنما الكيان الصهيوني وحده على وجه التحديد)!.

لإيران: أن الاتفاق النووي له استحقاقاته الأمريكية التي يتعين على الحرس الثوري والملالي الإيرانيين ألا يتناسوه.
للنظام السوري: أن عليه قريباً أن يذعن للحل الأمريكي بعد إخفاقه المستمر في الإفادة من التواطؤ الأوروأمريكي معه.
الأسد يتحدى.

ورغم تحذيرات الولايات المتحدة الأمريكية للنظام من مغبة استخدام الأسلحة الكيميائية أو البراميل المتفجرة، إلا أن النظام شن عمليات قصف بالبراميل المتفجر في ريف حماة الشمالي، وهذه الغارات  جاءت “كتحدٍ” للتحذيرات الأمريكية التي أطلقها كل من مستشار الأمن القومي هيربرت ماكماستر، والمتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، أنه “إذا قُصف طفلٌ بالغاز وأسقطت براميل متفجرة على الأبرياء فسترى رد فعل من هذا الرئيس”، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهذا يعني أن الأسد سيمضي في خياراته العسكرية ولا شك أنه سيدفع ثمن ذلك غاليا. 

  
الحرب السورية شارفت على النهاية وأيام وشهور النظام باتت معدودة وسوريا مقبلة على مرحلة انتقالية ودستور جديد لا محالة، التطورات الدولية والإقليمية تؤكد ذلك.

ربما يعجبك أيضا