“عبادة الشيطان” شعوذة المنبوذين عبر العصور

ياسمين قطب

رؤية – ياسمين قطب

“عبدة الشيطان”.. قضية لا تلبث أن تختفي وتظهر على السطح بين الحين والآخر، طقوس أثارت الجدل عبر القرون والحدود، وأجمعت الديانات على إنكارها ووجوب محاربتها.

وكثر الجدل حول “عباد الشيطان” والطقوس المشعوذة منذ عدة أيام، بعد تفجير كنيستي “المرقسية والبطرسية” في طنطا والإسكندرية،

وتداول النشطاء حديثًا حول صفحة عبر موقع التواصل الاجتماعي باسم “أندر جراوند” أو “تحت الأرض كتبت كلامًا يعطي معنى إطلاق إشارة بدء تنفيذ هجمة على صلبان وكنائس، ما أعاد للأذهان مرة أخرى خطورة طقوس عبادة الشيطان ومن يسمون أنفسهم بخدامه ومريديه.

واستضافت الإعلامية بسمة وهبة -في حلقة برنامجها “هاتكلم” المذاع عبر فضائية “القاهرة والناس”- مديري الصفحة وحاورتهم عن طقوس عبادة الشيطان وخدامه، وأخبرتهم بأنها ستحاور “كاهن الشيطان” ويجلس معهم بالحلقة، وظهر الكاهن بوجه مخيف وشكل شيطاني مقزز، ويضع الوشوم ويكثر من الخواتم ومطلقا لشعر وجهه، وأعلنت أنه لايستطيع الكلام إلا عن طريق مترجمه الخاص الذي يجلس خارج الاستوديو، ثم كشفت وهبة حقيقة الكاهن، واتضح أنه ليس سوى رجل عادي اسمه “هاني” استعانوا به لتوضيح زيف وكذب افتراءات المشعوذين ومدعي الشيطنة، وعرضت فيديو لهاني قبل وأثناء جلسة الماكياج التي خضع لها ليكون بهذا الشكل.

وسلط هذا الحدث الضوء مرة أخرى على عبادة الشيطان وطقوسها، وما هي وكيف ظهرت منذ البداية؟

بداية التمرد

ما يجهله الكثيرون أن عبادة الشيطان قديمة قدم التاريخ، وظهرت أولى طقوسها في القرن الحادي عشر، وقال شاون كارلسون: “إن أقدم وثيقة وجدت لعبادة الشيطان ترجع إلى عام 1022 م في مدينة أورلنس بفرنسا حيث حوكم عدد من الأفراد لاشتراكهم في طقوس غريبة، والذي جعل لهذه المحاكمة وضعها الخاص في مدينة أورلنس هو اتهام هؤلاء بعبادة الشيطان، والتغني بأسمائه، وإقامة الحفلات الجنسية الجماعية الصاخبة لأجله، وذبح الأطفال، ولاستمتاع بدمائهم، واكل لحومه، وقد استمرت مطاردتهم والقبض على أعضائهم وخلاياهم حتى نهاية القرن الثالث عشر”.

وفي القرن الرابع عشر ذاع صيتهم في فرنسا، فأمر فيليب الرابع بالتحري عنهم وألقي القبض عليهم بتهمة ممارسة أنواع غريبة من التعذيب، والدعوة إلى عبادة الشيطان، ورمزوا له بنجمة خماسية يتوسطها رأس كبش، والعديد من الرموز والأدوات الغريبة، واعترف المتهمون أمام المحكمة فأصدرت حكًا بإعدامهم جميعًا، مع رئيسيهم آنذاك “جاك دي مول”.

ثم عادوا للظهور في فرنسا أيضا بمدينة تولوز فقبض عمدة المدينة على ثلاث وستون عضوا، وتم إعدامهم حرقا بالنار في الأفران الضخمة، وقبل تنفيذ الحكم قالت فتاة منهم “إذا كان الله هو ملك السماء، فأن الشيطان هو ملك الأرض، وهما ندان متساويان، ويتساجلان النصر والهزيمة، وسوف يتفرد بالنصر في النهاية”، ومن هنا انكشف اعتقادهم بأن الله والشيطان متساويان.

واختفت تلك العبادة فترة من الزمن ثم ظهرت بعد ذلك بعض الأندية مثل “روتارى” و”ليونز” و”السوربتمست” و”النحاسين” أطلقت على نفسها عبادة الشيطان، وكان من أشهرها نادي “الملاعين” ونادي “أبناء منتصف الليل”، ولم تمارس هذه الأندية أية طقوس غير التجول ليلا فوق ظهور الجياد، وإشاعة الرعب بين المواطنين، وإقامة الحفلات الجنسية الصاخبة، وكان أغلب الأعضاء من المراهقين أبناء وبنات طبقة النبلاء”.

وفي نهاية القرن التاسع عشر فتظهر عبادة الشيطان على يد “الياستر كرويك” الذي عرف بكرهه للتنظيمات الكنسية، وبعد تخرجه من الجامعة أنضم إلي إحدى جماعات عبادة الشيطان التي يرأسها “جولد داون” والتي تعتمد على مبادئ “الثيوصوفيا” التي تحاول التوفيق بين كل الديانات والخروج بدين واحد عالمي.. دعى جولدن نفسه بألقاب منها “أعظم وحش”، “أشرّ الناس في الدنيا” ومنح نفسه رقما بدلا من اسمه وهو “666”، وعارض القوانين الوضعية والإلهية فأباح المخدرات والتجار فيها،وإقامه حفلات الجنس الجماعي والفجور، وكان عندما يلقي تعاليمه يخرج لسانه، وعندما سئل عن السبب قال أن هذه وسيلة الاتصال بملاكه المقدس “أيوز”.

وقد اختفت تلك العبادة لزمن طويل، ولكنها بدأت تعود في العصر الحديث بقوة حتى وجدت منظمات شيطانيه لعبدة الشيطان كمنظمة (ONA ) في بريطانيا ، و (OSV) في أيرلندا، و(معبد ست) في أمريكا ، و( كنيسة الشيطان) وهى أكبر وأخطر هذه المنظمات جميعاً وقد أسسها الكاهن اليهودي الساحر (أنطون لافي) سنة 1966، ويقدر عدد المنتمين إليها 50 ألف عضو.

طقوس شيطانية
يدعوا ”عبدة الشيطان”إلى تمجيد القوة ، والاستمتاع بكل ما حرمته الأديان و الاستعانة بالسحر و السحرة . و يرون أن الشيطان يكافئ أتباعه بالسرور و السعادة وامتلاك الدنيا بكل مسراتها، وبعد الموت يبعثون إلى الأرض ليحكموها و يتمتعوا بملذاتها.

وعبدة الشيطان درجات ومراتب فبعضهم أمير وبعضهم مجرد منتمٍ وبعضهم أمير مجموعة ، وبعضهم له اسم الشر، وبعضهم يطلقون عليه اسم الشر الأعظم .

موسيقى الميتال
بلاك ميتال (الميتال الأسود) هو نوعٌ من موسيقى الميتال، يتميز بسرعة إيقاعه وأصوات الجيتار الكهربائي المشوهة والمهتزة، وأصوات المغنيين الخشنة والصريخ، وهذه الموسيقى السريعة الإيقاعات تؤديها فرق مثل: بانتيرا Pantera وسودوم Sodom وسبولتورا Sepultura وأوزى اوزبورن Ozzy Osbourne، وتتمحور كلمات أغاني البلاك ميتال في معظمها حول الموت والدمار والبعث والكوارث العالمية والكراهية، بجانب مهاجمة الأديان.

وأعلن العديد من مغني الميتال في بداية التسعينات عداوتهم للأديان وللمسيحية تحديداً، فيما عرض بعضهم نفسه كعبدة للشيطان، فضلاً عن تعبير أغانيهم عن مثل هذه المعتقدات.

العبّاد العرب
كانت “لبنان” أول دولة عربية يظهر فيها طقوس “عبادة الشيطان”، حيث ألقت السلطات اللبنانية عام 1986 القبض على مجموعة من المراهقين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 20 عامً، في أحد الفنادق بمنطقة “جونية” شمالي بيروت، يرتدون القمصان السوداء ويكثرون من وضع الوشوم ولبس السلاسل، ويقيمون حفلات خمور وجنس جماعي وموسيقى صاخبة، وشعور طويلة وأظافر ولون شفاة أسود، وأعدادهم تزداد مرة تلو الأخرى، وأثبتت التحريات أن أغلبهم من طبقات ميسورة، وازدادت حالات الانتحار بينهم بشكل ملحوظ، يرجعه البعض لحالات الاكتئاب التي تصيبهم جراء الطقوس المريضة تلك، والبعض الآخر صرح بأن الفضول نحو الموت والحماس لملاقاة الشيطان هو الدافع الرئيس للانتحار.

وفي منتصف عام 1997 بدأ مجموعة من الشباب والفتيات بالتسلل ليلاً إلى قصر ”البارون” في حي مصر الجديدة بالقاهرة وأقاموا العديد من الحفلات الصاخبة راقصين على أنغام موسيقى ”الميتال” الصاخبة، وبسبب الأضواء الساطعة التي كانت تخرج من القصر ليلاً أبلغ الجيران عنهم وأهتم الرأي العام المصري بهذه القضية الخاصة بهؤلاء الشباب والذين لُقّبوا بـ ”عبدة الشيطان”، واستغل المراهقون أولئك قصر البارون لأنه مهجور وتدور حوله العديد من الأساطير حول مقتل أخت صاحبه وروحها التي تظهر كل ليلة وتصرخ، فأصبح المكان مرتعًا لمن يسمون أنفسهم “عباد الشيطان”.

وفي عام 2012 ذكرت بعض الصحف أن عدداً من الشباب أقاموا معسكرًا بإحدى المناطق الجبلية بمنطقة طابا بجنوب سيناء، وشوهدوا وهم يرقصون رقصًا صاخبًا ويمارس بعضهم الجنس العلني، إضافة لاحتساء بعضهم أكواب من الدم” وصرح أحد أعضائهم بأن لعبادة الشيطان مبادئ عامة منها أنه لابد للفتاة أن تفقد عذريتها وأن تزال كل وسائل الاحترام الموجودة بينها وبين شباب الجماعة، وأن تشارك في حفلات الجنس الجماعي”.

 

وفي 2011 ألقت السلطات الأردنية القبض على مجموعة من الشباب والفتيات في “السلط” يقيمون طقوسًا مخالفة ومريبة تشبه طقوس عبادة الشيطان، واستدعت ذويهم بعد إلقاء القبض عليهم في مزرعة خاصة تملكها عائلة أحدهم، وتم ضبط أدوات غريبة على المجتمع الأردني مع الشبان السبعة من الطراز الذي يستخدم في ممارسات لا أخلاقية ويطلق عليها معدات ”الفتش” التي تستخدم في ممارسات منحرفة.

وفي وقت سابق من نفس العام، ذكرت صحيفة “سيريا نيوز” أنه تم القبض على مجموعة من الشبان والفتيات بتهمة ممارسة الدعارة وطقوس غريبة، شوهد صور لأشخاص وشعارات طقوس عبدة الشيطان كما عثر بداخل الأجهزة على موسيقى الميتال الخاصة بعبدة الشيطان وأشخاص يرقصون عليها.

وفي عام 2013 ألقت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية القبض على 30 شخصًا عاريًا بينهم أمريكيون وأوروبيون، من ”عبدة الشيطان” في حفل بالرياض، وصرح عضو في الهيئة بأن “المقبوض عليهم كانوا يقيمون طقوس عبدة الشيطان، ويطوفون حول النار، وللأسف كان من بينهم سعوديون”، وأشار إلى أنهم ”كانوا يطوفون حول النار وهم عراة، وضبط ثلاثة يمارسون الفاحشة مع النساء، وكذلك ضبط أمريكي، دون الكشف عن اسمه، يروج المخدرات”.

وبين هذا وذاك.. يظل من يطلقون على أنفسهم “عباد الشيطان” أو “خدامه” منبوذون عبر العصور، وملعونون في كل الأديان، وأغلبهم ضحايا الفكر السطحي، وذبذبة الرأي والجهل والرفاهية المفرطة، ويقع ذنبهم على عاتق المجتمعات وتربية الأبوين.
الأطفال كقرابين
اشتهر عبدة الشياطين وقتها بطقوس سادية دموية، من قتل وتعذيب وشرب دماء، وعلى رأسها قتل الأطفال لإرسال أرواحهم قرابين للشياطين وتحطيم أطرافهم على الصليب المقلوب، وهذه النصوص ترجع كتاباتها إلى عصر النهضة بواسطة عدد من المشعوذين، على رأسهم شخص يدعى “أتواجوس” ذكر أنه قام بتعذيب 60 ألف طفل وامرأة حامل خلال عام واحد بشمال أمريكا، وكان تعذيب النساء الحوامل برضى كامل منهم باعتبار أن الأطفال الذين في بطونهم هم قربان لشياطينهم”.
https://www.youtube.com/watch?v=Qnh5gLkr9eM
https://www.youtube.com/watch?v=tlKtaKD2ZsM
https://www.youtube.com/watch?v=Ks2PKMAdh8I

ربما يعجبك أيضا