عندما يعود عصر الجواري.. ثلاث نساء والـرابعة مجانًا

كتبت – علياء عصام الدين

“أنت عانس” “مش هنفرح بيكي بقا” بهذه الكلمات وغيرها حسب اختلاف الثقافات يقوم المجتمع العربي ببرمجة الفتاة منذ نعومة أظفارها على فكرة أنها خُلقت للزواج وللزواج فقط، حتى أن أولى دعوات الأم بشكل لا واعي لابنتها تأتي على شاكلة ” يارب أشوفك عروسة” ليصبح الزواج هاجسًا للأسرة العربية التي لا تكتمل فرحتها إلا بتمامه.

هذا التكريس والتدجين الثقافي على المدى البعيد يخلق نفسيات مريضة قلقة حيث تتحول هذه الأفكار مع مرور الوقت إلى “وعي جمعي” يترسخ في ذهن كل فتاة كمقدمات أولية  أساسية لا مفر منها.

فهي لاقيمة لها وفقًا لمجتمعها إلى مع “فارس الأحلام” الذي ستبدأ معه الحياة كأنثى وكأنها قبله لم تكن على قيد الحياة؟!

وفي ضوء ارتفاع نسبة العنوسة والطلاق على السواء وزيادة متطلبات الزواج الذي أصبح حلمًا لكثير من الفتيات في مجتمعاتنا العربية عادت فكرة “التعدد” تلوح في الأفق من جديد نتيجة لأفكار المجتمع البالية التي نشأت عليها الفتيات.

وفي إحصائية تقريبية بلغ انتشار ظاهرة التعدد في دول الخليج 9% وفي سوريا والعراق 6% بينما جاءت مصر في المؤخرة بنسبة 4 %.
كانت مسألة التعدد والتي لم تكن تلقى قبولًا لدى أغلب النساء العربيات تُطرح على “استحياء” من وقت لآخر تحت غطاءها الديني ، الجديد في الأمر أن نجد سيدات يطالبن بالتعدد ويدافعن عنه بل يضعوا مشاريعًا تهدف إليه.

هذا التحول في موقف النساء من مسألة التعدد، بمبادرات صريحة تارة، واجتهادات تارة أخرى وارتفاع الأصوات المدافعة عنه والداعية إليه بحجة الدفاع عن حقوق المرأة في الزواج والإنجاب تعكس مؤشرات خطيرة عن تغير في طبيعية التفكير لدى المرأة العربية التي يبدو أنها استسلمت للفكر الذكوري وانتصرت له ورفعت عنه بذلك مسؤولية المساهمة في حل مشكلة العنوسة والطلاق.

إن التسامح الحديث مع الظاهرة من قبل النساء يشير إلى نفاذ صبر، وتتعدد مبرراته لاسيما في الدول التي تشهد صراعًا وحروبًا وأخرى تشهد مشكلات اقتصادية واجتماعية.

أكاديمية التعدد

وفق قوانين جديدة وبرعاية نسائية عادت فكرة تعدد الزوجات تلوح في الأفق بعد أن قدمت محاضرة سعودية من جامعة الملك عبدالعزيز مشروعًا يهدف إلى تزويج الشباب الذين لم يتزوجوا بعد، لكن هذه المرة سيكون الزواج من ثلاث نساء والرابعة “هدية”.

المشروع الذي طرحته هوازن ميرزا عبر برنامج تلفزيوني يهدف إلى تزويج الشاب المتقدم الذي لم يسبق له الزواج من قبل بثلاث زوجات “آنسة، ومطلقة، وأرملة” والقيام بمتابعة مدى نجاح المشروع على امتداد شهر وفي حال نجح الزوج في إدارة حياته مع الثلاثة لمدة عشر سنوات يتم منحه الزوجة الرابعة مجانًا!

ميرزا كشفت عن فكرتها على “روتانا خليجية” وقالت إن “أكاديمية التعدد” تراودها منذ سنوات، وهي شبيهة بـ “برنامج ستار أكاديمي”، مهمتها تأهيل الشباب البالغين 25 عامًا فما فوق، للجمع بين ثلاث نساء.

واستعانت ميرزا بالنص الشرعي مؤكدة أن مشروعها استجابة لما جاء به القرآن.

وتفتح أبواب الأكاديمية أمام النساء والراغبات بالزواج شرط أن يحصلن على موافقة أسرهن ويتاح للشاب الاستفادة من خبرة مختصين في مجالات اجتماعية مختلفة تؤهلة بعد ستة أشهر للزواج بـ3 نساء .

الهدف المعلن من المبادرة وفقًا لصاحبتها هو القضاء على مشكلة العنوسة في المجتمع السعودي خاصة مع وجود أربعة ملايين عانس في المملكة وفقًا لتقارير صحفية. 

هكذا قدمت ميرزا وغيرها «المرأة» على أنها سلعة حسب ما قال كثير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي 

نقبل بعضنا لحماية بعضنا

في العراق طالبت النائبة جميلة العبيدي بإقرار قانون يشجع على تعدد الزوجات يهدف لحماية النساء المطلقات والأرامل وغير المتزوجات عن طريق تقديم مكافآت مالية لكل رجل يريد الزواج بأكثر من امرأة تحت شعار نقبل بعضنا شريكات لحماية بعضنا.

وفي مصر أيضًا حيث يوجد أكثر من 10 مليون فتاة عانس وعزوف أكثر من 90 % من الشباب عن الزواج لأسباب متعددة خرجت مبادرات نسائية تدعو لتعدد الزوجات .

عرضت الإعلامية المصرية منى أبوشنب مبادرة للتعدد وتقدمت بطلب لرئيس مجلس النواب المصري طالبت فيه بإلغاء القانون 100 لعام 1985 الذي يمنح المرأة حق طلب الطلاق من زوجها إذا  تزوج بأخرى بحجة أنه منافي للشريعة الإسلامية ويؤدي إلى انتشار الطلاق بسبب أنانية النساء.

كذلك ظهرت مبادرة للكاتبة رانيا هاشم طالبت فيها بإتاحة الزواج للرجل مرة أخرى في دراسة بعنوان “التعدد شرع” انتصرت فيها لفكرة تعدد الزوجات ومنح الرجل حقوقه الشرعية كاملة.

المرأة.. الجلاد والضحية

هكذا أضحت المرأة عدوةّ لبنات جنسها فهي الجلاد وهي ايضًا الضحية، فأغلب المبادرات المطروحة كانت بزعم حل مشكلة العنوسة وحماية المطلقات والأرامل والعوانس لكنها لم تأخذ بعين الاعتبار نفسية المتزوجات الائي سوف يفتحن بيوتهن لأخريات ومدى تأثير فكرة “الضُرة” في نفسية المرأة بشكل عام وفقًا لتكوينها النفسي والمشكلات الأخرى والصراعات التي قد تنشأ نتيجة لذلك؟

إذا ارتأينا أن نضمد جراحنا على حساب بعضنا البعض ونعرض مئات الآلاف من النساء لتحكمهن أهواء الذكور ويمارسون عليهن كافة الضغوط تحت ستار القانون والشرع لتحقيق مآربهم بشكل عشوائي دون مراعاة لحق الزوجة الأولى وشرط العدل، فقد فتحنا أبوابًا أكبر لنشر مشكلات نفسية قد تكون أعمق وأفظع من تلك التي نقاومها بشكل تتحمل فيه المرأة الضرر الأكبر وتقبل أن تمارس دور “المضحية” لتوفر حلولًا ليست من شأنها أن توفرها، بل هي مسؤولية مجتمع بأسره.

فالزواج ليس مجرد علاقة جسدية بين طرفين بل شراكة ومؤسسة لإعداد وتكوين مجتمع سوي وتربية أجيال، هو مودة ورحمة، يحتاج لوعي أعمق بمفهومه ومعناه الروحي، وعدم حصره في زاوية الممارسة الجنسية التي هي إحدى الحقوق الإنسانية ضمن حقوق أكبر وأهم وأعلى.

 

ربما يعجبك أيضا