لصالح مَنْ الهجوم على الأزهر؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

عقب التفجيرات الإرهابية الأخيرة التي ضربت كنيستي “مارجرجس بطنطا ومارمرقس بالإسكندرية”، والتي خلفت عشرات الضحايا، شن بعض الإعلاميين المصريين هجومًا حادًا على الأزهر، وادعى آخرين أن المؤسسة “مفرخة” لتخريج الإرهابيين لتتعالى الأصوات بضرورة إصلاح مناهج الأزهر.

أرجع سياسيون الهجمة الإعلامية على الأزهر ومشايخه، إلى الأزمة التي وقعت في فبراير الماضي مع مؤسسة الرئاسة بعد دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى تقنين “الطلاق الشفهي” لارتفاع نسبة الطلاق في مصر مؤخرًا، وهو ما رفضه شيوخ الأزهر مؤكدين على شرعية وقوعه، فضلا عن دعوة السيسي أكثر من مرة شيوخ الأزهر إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني للحد من ظاهرة انتشار الفكر المتطرف، لا سيما بعد تورط عدد كبير من الشباب في قضايا إرهابية.

وفي أول أبريل الجاري، أعلن الرئيس المصري، تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، مضيفًا: “سيتم إصدار القانون بهدف إعطاء هذا المجلس صلاحيات وتنفيذ التوصيات لضبط الموقف كافة”، الأمر الذي فسره إعلاميين بأن المجلس بمثابة “شهادة وفاة للأزهر”.
هجمة ممنهجة ضد مصر والإسلام

من جانبه، قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الأزهر الشريف خلال الفترة الأخيرة هي ممنهجة ومقصودة ولا يقصد بها الأزهر بمفرده ولكن المقصود بها مصر والإسلام.

وأضاف هاشم في مداخلة هاتفية مع برنامج “بتوقيت مصر” المذاع على التلفزيون العربي مساء الأربعاء، أن عمر الأزهر أكثر من ألف عام ولم يتعرض طوال هذا العمر المديد لانتقادات له ولمناهجه وقام بتخريج العديد من الأئمة والفقهاء، مؤكدا إن الانتقادات الموجهة للأزهر غير صحيحة.

وأشار عضو هيئة كبار العلماء لترحيب الأزهر بكل نقد بناء يصب في مصلحة العملية التعليمية وتطويرها وتحديث المناهج، مستنكرا ما يقال عن تخريج الأزهر لإرهابيين.

الهجوم على الأزهر يصب في مصلحة داعش

بدوره، أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن الهجوم على الأزهر، يصب في مصلحة داعش ومَن على شاكلتها بشكل مباشر، لأن الذي يقف في مواجهة هذه التنظيمات هو الفكر الأزهري والفقه الأزهري والعقل الأزهري، وكما راجعنا مناهجنا قمنا باستحداث مقررات تتعامل مع المفاهيم المغلوطة التي شاعت وتتردد في الساحة الفكرية وتؤثر سلبًا على توجهات الناس وتفكيرهم، ومع ذلك لا يلتفت إلى تلك المراجعة والتطوير، وإنما  يلتفت إلى عبارة في كتاب من كتب التراث القديم يقاطعونها من سياقها ليدينوا تاريخا كاملا من العلم والعطاء الذي حافظ على الأمة وتاريخها”.

وتابع: “فِي اعتقادي أن الهجوم على مؤسسة بحجم الأزهر الشريف، هو في الحقيقة هجوم على الأمة المصرية، ويخدم أجندات موجهة من مصلحتها التشغيب على الأزهر وعرقلته عن أداء دوره في النهوض  بالأمة، وهذا يدل على أن الأزهر بدأ يأخذ دوره الحقيقي في توعية الناس، وفي إظهار الثقافة الحقيقة للإسلام”.

تدليس فاضح وتزييف لوعي الناس

وفي بيان رسمي، أكدت هيئة كبار العلماء، أنَّ مناهجَ التعليمِ في الأزهرِ الشريفِ في القَدِيمِ والحديثِ هي – وحدَها – الكفيلةُ بتعليمِ الفكرِ الإسلامى الصحيح الذي يَنشُرُ السلامَ والاستقرارَ بينَ المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم، تَشهَدُ على ذلك الملايين التي تخرَّجت في الأزهر من مصرَ والعالم، وكانوا -ولا يزالون- دُعاةَ سلامٍ وأمنٍ وحُسن جوار، ومن التدليس الفاضح وتزييف وعي الناس وخيانة الموروث تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين.

كما أشارت إلى أن العَبَثَ بالأزهر عَبَثٌ بحاضر مصر وتاريخها وريادتها، وخيانةً لضمير شعبها وضمير الأمة كلها.

وسط تصاعد وتيرة الأزمة، نشر الكثير من الكتاب الصحفيين عشرات المقالات في الصحف المصرية، منهم من انتقد الهجوم الأخير وبعضهم أيده، بينما انتفض نشطاء عبر مواقع التواصل دفاعًا عن تاريخ الأزهر وشيوخه.

وللأزهر دور فعال في نشر مفاهيم التعاليم الصحيحة للإسلام داخل مصر وخارجها عبر عصور، ولم يقف يومًا متهمًا ليحتاج إلى الدفاع عنه وعن دوره في نشر الفكر الوسطي، فجامع الأزهر من أهم المساجد في مصر، وأشهرها في العالم الإسلامي، وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة.

يذكر أن جامع الأزهر أنشئ على يد جوهر الصقلي عندما تم فتح القاهرة 970 م، بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، وبعد ما أسس مدينة القاهرة شرع في إنشاء الجامع الأزهر، ووضع الخليفة المعز لدين الله حجر أساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هـ – 970م، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361 هـ – 972 م، فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة المدينة التي اكتسبت لقب مدينة الألف مئذنة، وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر، واختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد وإشادة بذكراها.

ربما يعجبك أيضا