ماذا سأصنع بالربيع العائد ؟

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن
ليس أجمل ما قيل في الربيع وفصله هو ذلك الذي كتبه الشاعر صلاح جاهين ولحنه كمال الطويل للفنانة سعاد حسني في فيلم “أميرة حبي أنا”.
فقد ظلت أغنية الدنيا ربيع والجو بديع الراعي الرسمي لأعياد شم النسيم ولفصل الربيع بأكمله.
ولكن كتب العديد من الشعراء على مر العصور  قصائد عن الربيع فلكل زمن كلماته وصفاته فللربيع أثر كبير في نفوس الشعراء، فكل منهم نسج لنا حكايات الربيع من خيوط الحرير وصنع من أرق الكلمات حروف ملونة بألوان الطيف الرقيقة.

وكما ولد في الربيع ورحل في الربيع، فقد كان الربيع قدره كما كان الشعر، فيقول الشاعر السوري نزار قباني: “الأرض وأمي حملتا في وقت واحد ووضعتا في وقت واحد”.

وفي كل فصل ربيع لا يسعنا سوى أن نتذكر نزار حين كان يتأمل الأشجار المزهرة بإعجاب شديد وكأنه يراها كل مرة للمرة الأولى. فيهزّ برأسه قائلاً: “سبحان الله، كل شجرة لبست فستانها المفضل، واحـــدة بالأبيض والثانية بالزهر وأخرى بالأصفر وكل منها وكأنها تتزين لعرسها، أو تتنافس بينها كالبنات الفرحات بملابسهن الجديدة في العيد”.

ولم تخلو كتابات نزار من النساء إلا قليلًا ولما للربيع من جمال يوحي في كثير من جوانبه بجمال المرأة، فقد كان للربيع مذاق آخر عند نزار فيقول:
أنت الربيع .. بدفئه و شموسه
ماذا سأصنع بالربيع العائد ؟
لا تبحثي عني خلال كتابتي

شتان ما بيني وبين قصائدي

أنا أهدم الدنيا ببيتٍ شاردٍ

وأعمر الدنيا ببيتٍ شارد

بيدي صنعت جمال كل جميلةٍ

و أثرت نخوة كل نهدٍ ناهد

أشعلت في حطب النجوم حرائقاً

وأنا أمامك كالجدار البارد

كتبي التي أحببتها و قرأتها

ليست سوى ورقٍ .. وحبرٍ جامد

لا تُخدعي ببروقها ورعودها

فالنار ميتةٌ بجوف مواقدي

سيفي أنا خشبٌ .. فلا تتعجبي

إن لم يضمك ، يا جميلة ، ساعدي

إني أحارب بالحروف و بالرؤى

ومن الدخان صنعت كل مشاهدي

شيدت للحب الأنيق معابداً

.. وسقطت مقتولاً .. أمام معابدي

.. قزحية العينين .. تلك حقيقتي

هل بعد هذا تقرأين قصائدي ؟

ولم يخبرنا أحد بحكايات الربيع أفضل مما حكت لنا جارة القمر وربيع قلوب المحبين والمغرمين، ففي كلمات أنشودة “حكايات الربيع” للسيدة فيروز تجد النشوة والجمال والرقي.

فتشدو لنا فيروز في أغنيتها الشهيرة:
اربيعي تزيّن بالورد بيتي بالأناشيد صوتي
وتحنو على دموعي
ياربيعي وكم من نجوم سعيدة في سماء بعيدة
قطعت إلى ربوعي
وحين تمضي كسرّ إلى أين ينأى شذاك
وأيّ حقول زهر تُفيق لوقع خُطاك
ياربيعي
تبقى كما العطر سرّا وأناجيك حيرى
بحبّك ياربيعي

وفي عصر الشعر الحديث نسج أحمد شوقي عقدًا من الأزهار تغزلًا في هذا الفصل المزدهر والمزدانة أجواءه بنسائم العطر والياسمين، فيقول أمير الشعراء:

مرحباً بالربيع في ريعانِهْ  وبأَنوارِه وطِيبِ زَمانِهْ
رَفَّت الأَرضُ في مواكِب آذا  رَ، وشبَّ الزمانُ في مِهْرَجانِه
نزل السهلَ طاحكَ البِشْر يمشي  فيه مَشيَ الأمير في بُستانه
عاد حَلْياً بِرَاحَتيْهِ وَوَشْياً  طولُ أَنهارِهِ وعَرْضُ جنانه
لف في طيْلَسانِه طُرَرَ الأر  ضِ، فطاب الأَديمُ من طيلسانه
ساحرٌ فتنة  العيونِ مُبينٌ  فضل الماء في الربا بجمانه
عبقريُّ الخيالِ ، زاد على الطيْـ  ـف، وأَرْبَى عليه في أَلوانه
في مأتمٍ لم تخلُ فيـ  يَهْنِيكَ ما حرَّمتْ حين تنام

ولا أجمل مما قيل في الربيع قديمًا من قصيدة البحتري حيث يقول:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكـا
من الحسن حتـى كـاد أن يتكلمـا

https://www.youtube.com/watch?v=qPqtCUJrMYk

ربما يعجبك أيضا