قصر السكاكيني.. تحفة معمارية أرهقها إهمال المصريين

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبد اللطيف

القاهرة – يعد قصر السكاكيني من أقدم قصور مصر، وقد تم بناؤه سنة ١٨٩٧م على يد حبيب باشا السكاكيني بمنطقة “غمرة”، ويقع القصر في ميدان السكاكيني في وسط القاهرة، وتحديدًا في حي الظاهر المزدحم بالسكان، وعرف محيط القصر لاحقًا بحي السكاكيني، ويمثّل قصر السكاكيني تحفة أثرية ومعمارية تحكي جزءًا هامًا من تاريخ مصر.

حيث يمتزج الطراز المعماري الأوروبي الرائع مع الروح المصرية، ليكون نسخة من ذلك القصر الذي شاهده جابرييل حبيب السكاكيني صاحب القصر في إيطاليا ووقع في غرامه، ويخرج مشهد فني خاص تتداخل فيه الطرازات المختلفة من حول العالم، وهو اليوم يعاني إهمالاً شديدًا حتى إن جهود ترميمه وإصلاحه تشهد موت أصحاب القبور.. فأين من ينصف عبق التاريخ من براثن الإهمال؟!


فن الروكوكو

بني قصر السكاكيني في مصر على يد معماريين إيطاليين جاؤوا خصيصًا للمشاركة في بنائه، وتتداخل فيه الطرازات المختلفة من حول العالم، ويعتبر نموذجًا لفن الروكوكو.

ويكاد يختفي القصر اليوم وسط غابة من الأبنية المتهالكة التي لا تملك أي حس جمالي، وربما تمر بميدان السكاكيني دون أن تلحظ وجوده خاصة ليلاً، حيث يختفي القصر كليًا في ظلام الميدان بالرغم من أنه مصنف ضمن آثار القاهرة بل وتتخذه منطقة آثار وسط القاهرة مقرًا إداريًا لها، ومع ذلك يعاني القصر من الإهمال الشديد سواء من خارجه أو داخله.

لقب ومعنى

ولقب حبيب جبرائيل بـ”السكاكيني” نسبة إلى والده الذي كان يعمل في صناعة الأسلحة البيضاء، وكان قد جاء إلى مصر من دمشق عام 1830م.

وكان يعمل في المقاولات ثم انتقل إلى حفر قناة السويس، واستعمل جبرائيل معماريين إيطاليين جاءوا خصيصاً لبناء القصر عام 1897، وأشرف على تشييده المكتب الاستشاري العالمي في إيطاليا.

موقع فريد

اختار جبرائيل لقصره موقعًا يتفرع منه 8 شوارع رئيسية، وللقصر قباب مخروطية الشكل وتصميم على الطراز البيزنطي الذي يرجع للعصور الوسطى.

وتم بنائه على مساحة 2698 متر ويضم أكتر من 50 حجرة ويحتوي القصر على 400 شباك وباب و300 تمثال منهم تمثال نصفي لحبيب باشا السكاكيني بالمدخل الرئيسي للقصر.

مكونات “السكاكيني”

القصر مكون من خمسة طوابق، السفلي منها تحيط به أربع غرف، والطابق الثاني مكون من ثلاث قاعات مزخرفة، بينما توجد أربع صالات وغرفتان خاليتان من الزخارف، وتبلغ مساحة الصالة الرئيسية 600 متر مربع، وتحتوي على ستة أبواب تؤدي إلى قاعات القصر.

وهذه الأبواب تفضي إلى قاعات القصر الثلاث، أما أبوابه فصنعت من الخشب المشغول بالحديد الإيطالي، ومنها إلى حجرة الطعام، وهي مستطيلة الشكل، وبجوارها غرفة مستديرة عليها زخارف زيتية ورسوم هندسية.

يحيط بأركان القصر 4 أبراج تعلو كل برج قبة صغيرة، وعند الدخول إلى القصر من البوابة الخلفية توجد نافورة جفت منها المياه، تتوسط مساحة من الأزهار والأشجار، وأمامها تمثالان لأسدين من الجرانيت الأبيض والرخام قدما من إيطاليا، بجانب حوامل التماثيل الملقاة على الأرض، أما المدخل الرئيسي للقصر فيعلوه تمثال نصفي لحبيب باشا السكاكيني.

أول متحف طبي

بناء القصر كان له أثر بالغ في توسع عمران المنطقة شمالاً وشرقًا، طيلة القرنين الماضيين التاسع عشر والعشرين، فكان حي السكاكيني في بدايات القرن الماضي يضم اليهودي والمسيحي إلى جانب المسلم، وكان يوجد بالحي أكثر من مسجد، أشهرها مسجد الظاهر بيبرس.

وكانت توجد به كنيسة وثلاثة معابد يهودية – تهدم واحد، وما زال اثنان قائمان أحدهما في شارع ابن خلدون والثاني في شارع قنطرة غمرة.

بعد وفاة السكاكيني باشا آل القصر إلى ورثته الذين تنازلوا مؤخرًا عنه إلى وزارة الصحة، بغرض إقامة أول متحف طبي في مصر، بناء على فكرة، طرحها أحد أحفاد السكاكيني باشا الذي كان يعمل طبيبًا.

إهمال عجيب

وبالرغم من وضع القصر تحت رعاية المجلس الأعلى للآثار المصرية إلى أن القصر يعاني من الإهمال الشديد!!.

والقصر مفتوح لطلبة الفنون لدراسة التماثيل والزخارف الموجودة بالقصر، رغم الإصلاحات وأعمال الترميم التي تسير ببطء شديد وسط علامات استفهام قاتلة حول مغزى تعمد إهمال التاريخ في بلد الحضارة والتاريخ “مصر”.

ربما يعجبك أيضا