الإسراء والمعراج رحلة إلهية وصعود للسموات السبع

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

“الإسراء والمعراج” رحلة إلهية، يُستبعد فيها القوانين البشرية، فهي رحلة اليسر بعد العسر، والسعة بعد الضيق، والفرج بعد الكرب، معجزة أنعم الله بها على الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد فقدان عمه أبا طالب والذي كان يؤنسه ويؤازره، وفقدان زوجته خديجة، وتكذيب ومقاومة المشركين له، فأتاه جبريل ليصحبه في رحلته الروحية.

ويحتفل العالم الإسلامي اليوم الموافق 27 من شهر رجب، بذكرى رحلة الإسراء والمعراج، تلك الليلة التي حدثت قبل الهجرة بعام، والتي أنكرها ولم يصدقها الكثير، إلى أن ذهبوا إلى أبي بكر، فقالوا له يا أبا بكر إنّ صاحبك محمّد يزعم أنّه قد جاء من بيت المقدس وصلّى فيه ورجع إلى مكّة، فقال لهم أبو بكر: إنّكم تكذبون على رسول الله، فقالوا: بلى، ها هو الرّسول في المسجد يحدّث الناس بما حدث معه، فقال أبو بكر: والله لئن كان قال هذا الكلام لقد صدق، فما العجب من ذلك! فوالله إنّه ليخبرني أنّ الخبر يأتيه من الله من السّماء إلى الأرض في ساعةٍ من ليلٍ أو نهار فأصدّقه، فهذا أبعد ممّا تعجبون منه.

الإسراء تلك رحلة الظواهر بالظواهر، فهي من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي، أما المعراج فرحلة من عالم الشهادة الي عالم الغيب ومن عالم الغيب إلى عالم غيب الغيب، فهي رحلة الترقي والإرتقاء، فيقول تعالى في سورة الإسراء: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”.

كان رفيق الرحلة، هو جبريل عليه السلام، عندما أتى محمد ليلًا، بدابة البراق، “وهي دابة بيضاء دون البغل وفوق الحمار، بحسب وصف النبي -عليه السلام-” من المسجد الحرام بمكة المكرمة، إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، بعدها التقى رسول الله بالأنبياء جميعهم، فأمّهم في صلاته بالأقصى.

بعدها بدأت رحلة المعراج والصعود للسموات السبع، فكان اللقاء في السماء الأولى مع مبدأ الخلق، آدم عليه السلام، فهو نقطة البدء البشري، ويشار أن تلك المرحلة، هي مرحلة الطينية الشهوانية في الإنسان كما أنها مرحلة السماح قبل التكليف وإلقاء الروح ويطللق على هذه المرحلة أيضا بمرحلة الهيكلية والتي تتمثل في مشوار حياة الإنسان فترة ما قبل التكليف، اشتملت المقابلة الاولي لآدم الوقوع في المعصية ومخالفة الأمر وهو أمر ورثه بنوه، ثم مرحلة الإقرار بالذنب، “ربنا ظلمنا انفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين” فتاب الله عليه وهداه واجتباه، فكان لابد من التطلع لما هو اسمى وأرقي.

وفي السماء الثانية، كانت مرحلة الروح والحياة، ويمثلهما عيسي عليه السلام روح القدس، وكلمة الله ألقاها إلي مريم وما دام توجد الروح فلابد من وجود حياة فكان يحيي عليه السلام فاجتمع الروح والحياة في السماء الثانية وهي مرحلة ارتقاء وسمو نحو الكمال، ولكن مازالت النفس متشوقة إلي ما هو أعلي، “الجمال” ورمز الجمال كان يوسف عليه السلام، في السماء الثالثة.

وكان اللقاء الرابع مع إدريس عليه السلام، حيث اجتمع بالروح والحياة والجمال، فما كان ينقصهم سوى العلم والمعرفة، وكان إدريس رمز الدراسة، فكان أول من كتب بالقلم، ولكن مازالت النفس ترنو بالكمال والجمال فما فائدة العلم بدون لسان فصيح، وكان صاحب اللسان الفصيح هو هارون “هو أفصح مني لسانًا”، فكانت السماء الخامسة حيث يوجد هارون عليه السلام.

وفي السماء السادسة التقى رسول الله برمز القوة “إن خير من استأجرت القوي الأمين”، وهو موسى عليه السلام، وفي السماء السابعة التقى رسول الله بخليل الرحمن، وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام.

بعدها صعد جبريل عليه السلام بالنبي إلى سدرة المنتهى، وهي شجرةٌ عظيمة القدر كبيرة الحجم، ثمارها تُشبه الجرار الكبيرة، وأوراقها مثل آذان الفيلة، ومن تحتها تجري الأنهار، يتساقط منها الدرّ والياقوت، وهناك رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته الملائكيّة وله ستمائة جناح، ثم ارتقى به حتى بلغ العرش، فأنطقه الله بالتحيات، وفيه فرضت الصلاة خميسن صلاة على النبي وأمته كل يوم وليله، ثم صحبه جبريل فأدخله الجنة فرأى من نعيمها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ثم عرضت عليه النار، فنظر في عذابها وأغلالها، فسأل ربه التخفيف، فخفف عنه عشرًا إلى أن جعلها الله خمس صلوات في اليوم والليلة.

ربما يعجبك أيضا