إضراب الأسرى.. أمعاؤنا ثورة وجوعنا حرية

محمود طلعت

تقرير – محمود طلعت

دخل إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام يومه العاشر، وسط تصعيد احتلالي خطير وإجراءات تنكيلية بحقهم تمارسها مصلحة السجون وأذرعها القمعية المختلفة.

ويخوض نحو 2000 أسير في سجون الاحتلال معركة «الأمعاء الخاوية» والمسماة أيضا «معركة الكرامة»، للمطالبة بإنهاء الإجراءات التعسفية بحقهم، رافعين شعار «أمعاؤنا ثورة وجوعنا حرية».

ممارسات قمعية
لقد أدرك الأسرى خطورة الأهداف الإسرائيلية بعدما تذوقوا مرارة الأوضاع وقسوة الإجراءات على أجسادهم، والتي لم يعد بالإمكان التعايش معها، وتحمل قسوة الواقع، أو الصمت والصبر أمام ما يُمارس ضدهم.

قمع واضطهاد تمارسه سلطات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين.. تنقلات وتفتيشات عقابية واقتحام غرف و مصادرة أغراض وعزل في زنازين انفرادية، وغيرها من أشكال القمع والاضطهاد، ذلك كله بهدف محاولة النيل من إرادتهم وعزيمتهم على مواصلة الإضراب لتحقيق مطالبهم الإنسانية العادلة.

مرحلة الخطر
إضراب الأسرى لليوم العاشر على التوالي «دخل مرحلة الخطر».. هذا ما صرح به رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع، اليوم، والذي أشار إلى تدهور الأوضاع الصحية لعدد من المعتقلين، خاصة القدامى منهم.

الخارجية الفلسطينية قالت: إن دخول إضراب الأسرى يومه العاشر، يحمل معه مخاطر وتهديدات كبيرة على حياة الأسرى وأوضاعهم الصحية، حيث تبدأ أجسامهم بالإعياء والارتخاء والشعور بالدوران والصداع الشديد، بالإضافة إلى أوجاع في المفاصل تفقدهم القدرة على الحركة تدريجيا.

مطالب الأسرى
ومنذ السابع عشر من الشهر الجاري؛ شرع قرابة 2000 أسير في إضراب عن الطعام في سجون الاحتلال للمطالبة باستعادة حقوقهم التي سلبتها إدارة سجون الاحتلال.

من هذه المطالب: حقهم بالزيارة وانتظامها، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي، وإنهاء سياسة العزل، وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري، والسماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية، إضافة إلى مطالب حياتية أخرى.

توحيد للأمة
يقول وزير أوقاف فلسطين السابق يوسف سلامة، إن «قضية الأسرى يجب أن توحد الأمة العربية والإسلامية، ونتطلع أن يكون الحراك المساند للأسرى أقوى من ذالك».

وناشد سلامة علماء المسلمين بتنظيم فعاليات تدعم قضية الأسرى من توضيح الصورة إلي العالم، وفضح ممارسات كيان الاحتلال بحقهم. كما طالب السفارات الفلسطينية في الخارج أن تقوم بدورها بشرح قضية الأسرى في الدول الموجودين فيها.

ردود الفعل الدولية
ردود الفعل الدولية على إضراب الأسرى ومطالبهم الإنسانية العادلة، كانت «خجولة» رغم كونها مطالب تنسجم تماما مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، بحسب بيان الخارجية الفلسطينية والذي أكد أن هذا الإضراب يضع مصداقية المجتمع الدولي ومؤسساته الأممية على المحك.

تقول الخارجية الفلسطينية إن إضراب الأسرى سيختبر مدى القدرة الدولية على إجبار إسرائيل كقوة احتلال، على الامتثال للقانون الدولي والانصياع لإرادة السلام الدولية عامة، والاستجابة الفورية لمطالب الأسرى المحقة والمشروعة بشكل خاص.

تاريخ من النضال
الإضراب عن الطعام الذي بدأه الأسرى الفلسطينيين اليوم هو امتداد لخطوات نضالية سابقة ويجسد ذات الثقافة، ولا يختلف في دوافعه عما سبقه من إضرابات كثيرة حتى وإن تعددت المطالب، فالمضمون واحد: صون الكرامة ورفض الإهانة، وانتزاع الحقوق وتحسين الشروط الحياتية، والدفاع عن الوجود والهوية وتعزيز المكانة القانونية للأسرى ومشروعية نضالهم.

وعلاوة على ذلك؛ يحاول الأسرى بإضراباتهم تحريك المياه الراكدة وإثارة قضيتهم وإعادتها إلى الواجهة من جديد، وتسليط الضوء على معاناتهم ولفت الأنظار إلى ما تشكله قضيتهم في خضم الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

الخيار الأخير
لم يكن الإضراب عن الطعام يوما هو الخيار الأول أمام الأسرى، كما لم يكن هو الخيار المفضل لديهم، وليس هو الأسهل والأقل ألما ووجعا، وإنما هو الخيار الأخير وغير المفضل، وهو الأشد إيلاما والأكثر وجعا.

المضربون عن الطعام فهم لا يهوون تجويع أنفسهم ولا يرغبون في إيذاء أجسادهم، كما لا يرغبون في أن يسقط منهم شهداء في السجون لكنهم يلجؤون لهذا الخيار مضطرين ورغما عنهم، تجسيدا لثقافة المقاومة في انتزاع الحقوق المسلوبة وصونا لكرامتهم المهانة، ودفاعاً عن مكانتهم ومشروعية مقاومتهم للمحتل.

«قيل منذ القدم إن الجوع كافر، لكن هناك مِن الفلسطينيين مَن جعلوا من الجوع ثائرا خلف قضبان سجون الاحتلال»

ربما يعجبك أيضا