إعلام المليشيات الطائفية.. نحو 100 قناة فضائية بإشراف إيراني

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد 

في ظاهرة خطيرة تزداد توسعًا يومًا بعد يوم، أصبح الفضاء العربي والإسلامي مرتعًا لقنوات المليشيات، التي تنشر أفكارها الهدامة وتحريضها الطائفي بل وصل الأمر إلى تمجيدها للعمليات الإرهابية كما حدث أخيرا عندما باركت فضائية عراقية ممولة من إيران تدعى “أهل البيت” الهجوم الإرهابي على سجن في البحرين.

هذه القنوات تعدت مرحلة الطعن في الثوابت الدينية، والشخصيات الدينية الرفيعة (الصحابة وأمهات المؤمنين) لدى مليار ونصف مسلم، وبدأت مرحلة التحريض على بلدان المنطقة والتهديد جهارا نهارا باحتلال بعضها!

وقد فطن الخميني وقادة الثورة الإيرانية لأهمية الإعلام بأنواعه في خدمة أهدافهم التوسعية في الشرق الأوسط، فحتى قبل طفرة القنوات الفضائية، اعتمد النظام الإيراني على إذاعات تبث بمعظم لغات المنطقة كالأردو والعربية والتركية والبشتونية، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية، كل ذلك جنبا إلى جنب مع المطبوعات والكتب والمجلات والدوريات العلمية التي تروج للتشيع، وللأسف تم ذلك في غفلة من أكثر بلدان العالم الإسلامي.

البداية

بدأت هذه القنوات (باستثناء فضائية المنار اللبنانية التابعة لحزب الله اللبناني والعالم الإيرانية وإن بي إن التابعة لحركة أمل) في غزو الفضاء الإعلامي العربي منذ احتلال العراق عام 2003، وأكثر هذه القنوات تابعة للأحزاب العراقية التي حكمت العراق بدعم من إيران وبترحيب أمريكي، حيث أصبح الاقتصاد العراقي بأكمله مسخر لمثل هذه الوسائل الإعلامية الهدامة التي تعمل على نشر المزيد من الطائفية والانقسام في المجتمع العراقي خاصة والإسلامي عامة.

الجديد هنا، أن المليشيات المسلحة التابعة لإيران أصبح لها فضائيات خاصة بها، لا تكف ليل نهار عن بث “الأهازيح والهوسات” الطائفية وعملياتها العسكرية، والتحريض على البلدان العربية والدعوة إلى السيطرة على بعضها.

إمبراطورية إعلامية

تأتي في مقدمة هذه القنوات، فضائية آفاق التابعة لنوري مالكي، و”النجباء” التابعة لمليشيا النجباء التي يقودها أكرام الكعبي (تقاتل قواته في سوريا والعراق)، وقناة “الغدير” التابعة لمليشيا بدر برئاسة هادي العامري، وقناة “العهد” التابعة لمليشيا “عصائب أهل الحق”، وقناة أهل البيت وهي تبث من لندن، ولها برامج تبث من العراق أحيانا، وفضائية الطيف الجديد والمنهج وهي من فضائيات تيار مقتدى الصدر .

وقناة “الفرات” التابعة للمجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم، وقناة بلادي وهي تابعة لوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري.

كما أن “حزب الله” العراقي يملك قناة الإتجاه، وهناك قنوات أخرى مثل “الحشد” و”حشدنا”، و”كربلاء والنجف والثقلين والولاية ودعاء والمنهاج والاربعينية، والحجة والأهواز والأنوار والرجعية والحوزة العلمية والمهدي وفدك والإمام الحسين والعباس، والنبراس والصادق والإيمان والإباء، الكوفة والغدير والإشراق و إلخ.. “، وهذه كلها تمجّد مليشيا الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني ومليشيا زينبيون الباكستانية وفاطميون الأفغانية، وتظهر جرائمهم بحق أهل السنة على أنها ضد “أحفاد يزيد”، كما حصل في تكريت وديالى وجرف الصخر والموصل وحلب وتعز وحمص وعرسال وطرابلس الشام وصيدا.

كما أطلقت هذه المليشيات وبإشراف إيران فضائيات وإذاعات بلغات مختلفة منها الكردية والإنجليزية والآذرية والفرنسية والبوسنية والهوسا والبشتونية والسواحيلية.

اليمن والبحرين والسعودية

أما مليشيات الحوثي في اليمن فتمتلك فضائية “المسيرة” وفضائية “الساحات”، وسيطرت كذلك على فضائيات يمنية رسمية في صنعاء، أما في البحرين فدعمت إيران فضائية “اللؤلؤة” في محاولة فاشلة منها لزعزعة أمن البحرين.
وتعد الضاحية الجنوبية في بيروت، مركزا هاما لبث بعض تلك الفضائيات التحريضية كالمسيرة واللؤلؤة وقناة نبأ الموجه ضد المملكة العربية السعودية..

قنوات من إسرائيل

وقد سارعت محطة “روسيا اليوم” إلى حذف تقرير يكشف وجود 6 قنوات طائفية ممولة من إيران تبث من قلب “إسرائيل”، مستخدمة قمرا عبريا.

وقد نشرت فضائية “روسيا اليوم” خبرا بعنوان “من قلب إسرائيل.. إيران توجه العرب دينيا”، نقلت فيه عن موقع عالمي متخصص في رصد حركة الأقمار الصناعي تأكيده وجود 6 قنوات إيرانية طائفية موجهة إلى العرب تبث من إسرائيل.

ولاحقا سارع “روسيا اليوم” إلى حذف الخبر من موقعها كليا، ووضعت رسالة تحمل الاعتذار للقارئ عندما يحاول الدخول إلى الخبر من رابطه الأصلي المنتشر على الإنترنت، ولكن خطوة “روسيا اليوم” لم تفلح وجاءت متأخرة، بعدما انتشر الخبر ومضمونه على نطاق واسع، كاشفا أن القنوات الطائفية التي تبث من قلب “إسرائيل” هي: آل البيت، الأنوار، فدك، الحسين، العالمية، الغدير، وجميعها تبث على ترددات القمر الإسرائيلي “آموس”، الذي تشغله شركة “أر.أر.سات”، وهي شركة اتصالات إسرائيلية خاصة يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي “دافيد ريف”، وتأسست عام 1981 بموجب ترخيص من وزارة الاتصالات الإسرائيلية.

ومنذ أبريل 2001، يرأس الشركة “راموت جلعاد” وهو عميد احتياط في قوات الدفاع الجوي في “جيش الاحتلال” .
أجندة إيران

هذه الفضائيات هدفها واحد وهو خدمة الأجندة الإيرانية التوسعية الاستيطانية في المنطقة والترويج لوجهات النظر الإيرانية، ومن السهل لمن يتابعها أن يدرك أن “المحرك واحد” ولذا فأخبارها عن سوريا والعراق ولبنان والأحواز والخليج عامة والبحرين خاصة متشابهة إلى الحد الذي تتأكد فيه أن المصدر واحد، وهي دائما ما تقلب الحقائق وتصوّر السنة على أنهم “إرهابيون صداميون تكفيريون” أو أنهم أتباع “يزيد بن معاوية”.

أما أغلب القنوات الشيعية تدار من قبل مسؤولين إيرانيين بعضهم من جهاز الاستخبارات الإيراني “إطلاعات” ، وهي تمثل مختلف الأحزاب السياسية والمليشيات الشيعية في العراق، حيث أن لكل حزب أو ميليشيا قناة للترويج عن سياساتها الطائفية، وبإشراف إيراني.

مخطط مكتمل الأركان

أما التمويل، فالأكيد أن “لوبي اقتصادي” في العراق وإيران يقف خلف هذه المليشيات ويمول نشاطاتها الإعلامية، ويصرف رواتب الموظفين والبث الفضائي.

ويرى الباحث الإعلامي مالك الاحمد أن “إيران انفقت خلال السنوات الـ 10 الماضية، أموالاً طائلة على الإعلام الموجه للعرب والمسلمين، ولم تدخر وسعًا في حشد الخبرات الإعلامية واقتناء أحدث الأجهزة، موضحًا أن التقديرات تشير إلى أن إيران تنفق 900 إلى 1000 مليون دولار سنويًا على الإعلام الخارجي، والذي يركز على نشر التشيع بين السنة”.

وأشار الأحمد إلى أن “الفضائيات الشيعية تتنوع فمنها سياسية إخبارية، قنوات للأطفال، قنوات فنية (الأفلام)، قنوات لسان أحزاب شيعية (لبنان العراق اليمن)، قنوات دينية وتعليمية، راصدًا نماذج من القنوات الشيعية الناطقة بالعربية على “عرب سات”، ومنها أهل البيت والمنار والعالم والكوثر وفورتين والعراقية”.

ورغم عدم وجود إحصائية دقيقة بعدد القنوات الشيعية الموجهة إلى بلدان المنطقة، إلا أن الرصد الأولي يكشف عن أكثر من 100 قناة فضائية شيعية، وللاسف فقد توالدت هذه القنوات الهدامة، وقد وصل الأمر أن المليشيات توجه قنوات تستهدف الآن الأطفال كـ”هدهد” و”طه”.

رد الفعل 

الحقيقة التي لابد من استيعابها حتى نتمكن من مواجهة هذا الطوفان، أن النظام الإيراني نجح في تفعيل وتطبيق مشروعه الفكري والسياسي، ونفذ جزء كبير مما تم التخطيط له من قبل في بروتوكولات آيات “قم”، ونجح في غسل أدمغة قطاعات واسعة من العرب المرتبطين معه عقائديا أو ماليا، وقد اعتمد في ذلك على الجانب الإعلامي حيث جيش أعداد من المفكرين والكتاب والصحفيين، ومن ثم اعتمد على مليشياته العسكرية في تهجير وتغيير ديموغرافية مناطق شاسعة من العراق وسوريا واليمن والأحواز.

وإن خير وسيلة وطريقة لمواجهة ذلك “الهجوم” وليس الدفاع، ولذا لا بد من وجود فضائيات ومطبوعات موجهة ليس فقط للسنة في إيران والمنطقة بل أيضا للشيعة العرب والإيرانيين تكون ناطقة بالعربية والفارسية والآذرية والبلوشية، لكي يتم العمل من أجل مواجهة الهجمة الإعلامية الشرسة ضد البلدان الإسلامية.

ربما يعجبك أيضا