الرقص.. دعوة للحرية بالعزف على أوتار الجسد

شيرين صبحي

رؤية- شيرين صبحي

“الرقص جناحان لأنه يفصح للجسد عن خفته وحريته الجديدة، حرية الحركة والإيقاع، ليس فقط بل يفصح للنفس عما بداخلها ويصل إلى أعماقها، فحتى الإنسان الذي يشعر بالاكتئاب يتبدل عند أول حركة له في الرقص إلى سعادة عارمة”.. الشاعر الفرنسي ستيفان مالارميه

كان أرسطو يرى أن الرقص محاكاة مثل الفنون كلها، وهو يحاكي بالايقاع من دون الانسجام، وذلك لأن الراقصين يستعينون بالايقاعات التي تعبر عنها أشكال الرقص في محاكاة الأخلاق والوجدانات والأفعال.

أما الفيلسوف الألماني نيتشه فقد اعتبر أن الرقص دعاء إلى ديونيزيوس، إلى الفرح والحرية، توحدا مع عبقرية النوع، ومع الطبيعة ذاتها، تفجيرا لأقصى طاقة جسدية، رمزية الكون كله.

وكان عام 1982 قد شهد إعلان مجلس الرقص العالمي، التابع لمنظمة اليونسكو باعتبار يوم 29 أبريل من كل عام؛ يوما عالميا للرقص، وهو الذي يوافق مولد مصمم الرقصات الفرنسي جين جورج نوفر لاعتباره فناً مهماً لا يقل قيمة عن الموسيقي والغناء والشعر،

وعمل جورج نوفر في بلاط شتوتجارت بين عامي 1760 و1767 وأصبح أستاذا للباليه للعائلة المالكة، وفي مسرحين بمدينة فيينا خلال الفترة الممتدة ما بين 1767 و1774، وخلال سنوات قمة إبداعه قام بتصميم وإخراج 40 عمل باليه جديدا وصمم عروض أوبرا كثيرة، وهو إلى جانب تلميذه الشهير جاسبيرو انجليوني ساعد على ترسيخ الباليه كفن قائم بذاته، حيث أبدع أعمالا درامية من دون الاعتماد كثيرا على الديكور المبالغ به وكان لرسائله تأثير كبير في تطور الرقص لاحقا.

وهدف إعلان مجلس الرقص العالمي إلى زيادة الوعي بأهمية الرقص لدى الرأي العام، إضافة إلى اقناع الحكومات في شتى أنحاء العالم لتوفير أمكنة مناسبة للرقص ضمن كل مراحل التعليم.
وحدد المجلس أهدافاً لهذا اليوم يأتي على رأسها؛ زيادة الوعي بأهمية الرقص لدى الرأي العام، واقناع الحكومات في شتى أنحاء العالم بتوفير أماكن مناسبة للرقص ضمن كل مراحل التعليم، لأنهم رأوا أن العالم ينظر إليه بلا مبالاة من قبل المؤسسات الرسمية في العالم.

وقال البروفسور الكيس رافتيس، رئيس مجلس الرقص العالمي: “في أكثر من نصف الدول البالغ عددها 200 في العالم لا يظهر الرقص في النصوص القانونية، فليس هناك في هذه البلدان أي تمويل مخصص له في ميزانيات الدول لدعم هذا الشكل الفني، وليس هناك أي شيء مثل تعليم الرقص سواء في المدارس الخاصة أو العامة”.

وركز مهرجان الرقص العالمي الذي أقيم عام 2005، على حث المؤسسات المعنية بالرقص للتشجيع على نشر هذه الثقافة والاتصال بوزارات التعليم في العالم بتقديم اقتراحات للاحتفال بهذا العيد في كل المدارس مع كتابة مقالات عن الرقص ورسم صور للرقص، والرقص في الشوارع وغير ذلك من الأنشطة المرتبطة بهذا النشاط.

التقرب للآلهة بالرقص

كانت الشعوب البدائية تعتبر الرقص نوعاً من التقرب للآلهة، ثم تطور الأمر ليصبح نشاطا ترفيهيا اجتماعيا يعبر به الأشخاص عن فرحهم وسعادتهم.

ووجد على صخور المعابد الهندية والقبب الفرعونية التي ترجع للعام 3000 قبل الميلاد، كما ذكر الرقص في الأشعار الصينية القديمة، وفي التراث الإغريقي، وهو ما يدل على ممارسة تلك الشعوب للرقص.

وتمت ممارسة الرقص كنوع من العلاج من الأمراض، أما الشعوب الإفريقية فكانت ترقص لجلب المطر إلى الأرض، أو الرقص لجلب الحظ وإبعاد الأرواح الشريرة.

وقد أخذ الرقص شكلان خلال القرن السادس عشر؛ رقص هادئ انتشر بين الملوك والمثقفين، ورقص سريع يقوم به الريفيين وعامة الشعب.

وارتبط رقص الباليه بظهور المسرح، حيث كان أول عرض مسرحي للباليه عام 1581، في إيطاليا، ثم ظهر في فرنسا، وفي القرن الثامن عشر والتاسع عشر بدأت السمفونيات الراقصة والأساطير والقصص التي عبر عنها رقص الباليه بحركات الجسد.

ربما يعجبك أيضا