«رياض السحر» عمارة تقلب في صفحات التاريخ المصري

أماني ربيع

أماني ربيع

ماذا لو استيقظت يوما لتجد نفسك في قلب قاهرة المعز بعمارتها الإسلامية الفاتنة؟، وماذا لو كانت حجرة نومك تطل على أجمل شوارع المحروسة وأقدمها شارع المعز لدين الله الفاطمي الذي يعد وليمة غنية ومتنوعة من المعمار الذي يرجع تاريخه إلى مجموعة عصور متوالية منذ أُنشئت القاهرة الفاطمية وصولا إلى العصر العثماني، معمارا بديعا يزخر بالروحانيات والجمال الذي يشهد بروعة المعماري المصري الفنان، حسنا فندق «رياض السحر» يمنحك هذا الامتياز.

«رياض السحر» ذلك الإسم الذي يبدو وكأنه ينتمي لعوالم الفردوس، تنهدش كثيرا لأنك لن تستطيع تمييز الفندق عن باقي معالم الشارع وذلك لكونه يبدو في حد ذاته تحفة معمارية.

كوكتيل تاريخي

بجوار مسجد وسبيل وكتاب سليمان أغا السلحدار، وعلى بعد أمتار من خان الخليلي، يقابلك بناء حجري واجهته مصنوعة بأكملها من زخرفات الأرابيسك البديعة وعلى بعد أمتار من سوق «خان الخليلي».

مع دخولك من باب الفندق يبدأ السحر الحقيقي، فالمكان من الداخل يشبه كوكتيلا منسجما من الديكورات التي تعتبر تأريخا جماليا لكل الحقب التاريخية التي مرت على مصر، فلن تخطئ عينيك أسرة على الطراز الفرعوني وأغطية فراش على الطراز البدوي، وديكورات تنتمي زخارفها للعصر المملوكي، مما يجعل الفندق حالة فريدة من نوعها بين فنادق مصر.

5 طوابق تتناغم فيها بديع العمارة في انسجام بين الحداثة والأصالة، تبهرك جاذبية الأقواس والمشربيات والأثاث الموشى بالأرابيسك، وقطع الأنتيكات واللوحات الفنية التي تضفي مزيدا من الفخامة والرقي على الديكور المستوحى من التارث المصري الثري والمتنوع.

17 هو عدد أجنحة الفندق، التي تطل 9 منها على حارة الدرب الأصفر، يعلوها السطح وهو كناية عن حديقة شرقية خلابة تطل في منظر بانورامي لأحياء القاهرة القديمة ومآذنها.

فرنسية في قلب سحر الشرق

دفع حب فيرونيك سيدرو الفرنسية للحضارة المصرية إلى أن تحقق حلمها مع زوجها السوري يوسف تقلا في العثور على مكان بمنطقة القاهرة الفاطمية  تجعل منه ملتقى لكل محبي الحضارة المصرية، تقول:” أردت مكانا يقضي فيه محبي التاريخ بعض الأيام في قلب سحر الشرق، وتحقق حلمي في العثور على هذا البيت الذي حولته إلى فندق الرياض”.

«العيلات».. كان هذا اسم البيت الذي بني عام 1960، وكان مجرد فندق شعبي للطلاب والتجار المسافرين، عثرت عليه فيرونيكا في حال سيئة ، كان أشبه بالخرابة على حد قولها، ولم يمنع هذا الفرنسية العاشقة للتراث المصري من حسم قرارها بشراء الفندق، لتحوله إلى فندق سياحي بشكل يليق بعظمة شارع المعز.

وضعت فيرونيكا وزوجها التصميمات الداخلية للفندق دون الاستعانة بمهندسين ديكور،وكان عشقهم لكل ما هو مصري مهندسهم في ابتكار ديكورات حولت غرف الفندق إلى أجنحة مزينة بالأنتيكات، والسطح من مقلب للقمامة إلى حديقة شرقية، ويصبح الحلم أخيرا حقيقة واقعة.

وامتزجت حقب التاريخ المصري في التصميمات الداخلية لأجنحة الفندق بين الطراز الفرعوني والمملوكي والبدوي، وكلمسة تضيف بعض من العصرية غلى المكان استوحت بعض الأجنحة ديكوراتها من أفلام السينما المصرية القديمة ومفردات الرقص الشرقي، ليشعر القادم بأنه داخل آلة زمن تنقله بين عصور التاريخ المصري المختلفة.

صنع في مصر

ورياض السحر تحفة مصرية أصيلة تحمل صك «صنع في مصر» لم تمتد إليها يد أجنبية، فكل قطعة أثاث وكل تحفة هي صناعة مصرية خالصة، ومصنوعة بيد مصرية وبخامات مصرية، بهدف والمحافظة على روح الأصالة والتاريخ المحيطة بالفندق، ليشعر نزيل الفندق بأنه يحيا وسط التراث.

الجمالية أحد أبرز أجنحة الفندق صنعت مفروشاته من قماش الخيامية بألوان زاهية عصرية، وزينت جدرانه  لوحات وبورتريهات تجسد طبيعة الحياة قديما في هذا الحي.

وكان للحقبة العثمانية نصيب في أجنحة الفندق، ويتميز الجناح العثماني بأثاثه المصنوع من الأرايسك، أما جناح فرعون فـ لمحبي الحياة على طريقة المصريون القدماء  الذي يعكس تصميمه أمجاد الفراعنة، بالستائر والأقمشة التي نقشت  برسومات زينت قديما جدران المعابد، تحكي حضارة المصري القديم.

ولا ننسى اللمسة الشامية في الجناح السوري، فصاحب الفندق سوري، وهناك جناح الملك فاروق الفخم، كذلك جناح يكرم الخط العربي والذي يتميز بأغطية سرير منقوشة بأبيات قصيدة «مصر تتحدث عن نفسها» لحافظ إبراهيم.

ويستمر رياض السحر في تقليب صفحات التاريخ المصري ممثلا في شخصياته الشهيرة، فنجد أجنحة «أم كلثوم» و«نجيب محفوظ»، وجناح الكاتب المصري الذي يكتب بالفرنسية «ألبير قصير»، وكل جناح من هؤلاء مستوحى من السمات الأساسية لعالم هؤلاء الأشخاص من أغاني وكتب.

ألحان من الماضي

ولعشاق السينما أيضا نصيب، وإذا اردت أن تعيش على طريقة افلام الأبيض والأسود، ستحقق حلمك من خلال جناح «السينما» الذي زينت جدرانه بأفيشات الأفلام القديمة، وصور كبار الفنانين.

بينما يعزف جناح «الموسيقى» لحنا من ألحان الماضي بآلات التخت الشرقي المنتشرة في أرجائه كالربابة والرق، وهناك  أجنحة أخرى مثل الجناح «البدوي» وجناح «ألف ليلة وليلة» وجناح «مودرن» وجناح «الرقص الشرقي».

وبإمكانك الاستمتاع على حديقة على السطح مع إطلالة بانورامية على القاهرة، بين مآذن الجمالية وهضبة المقطم والقلعة، ساعات الغروب مع كوب من الشاي على أضواء القاهرة الفاطمية.

يصنف الفندق كواحد من أغلى الفنادق الموجوده في مصر، حيث يصل سعر الغرفه إلى 3 آلاف جنيه في الليله الواحدة، ومعظم رواده من الإنجليز والفرنسيين.

وتتكون جميع الأجنحة من غرفة نوم بسرير واحد أو سريرين، وحمام وصالون وغرفة مكتب، وجميع الغرف مجهزة بجهاز تلفزيون و«DVD» وجهاز «لاب توب» وخدمة إنترنت لا سلكية، ليتمكن النزيل من متابعة عمله والحصول على أكبر متعة ممكنة أثناء لإقامته في رياض السحر.

ربما يعجبك أيضا