انتخابات الجزائر.. الحزب الحاكم يُحكم قبضته داخل القبة التشريعية

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

لم تشهد الانتخابات التشريعية الجزائرية التي جرت في الرابع من مايو الجاري، أي جديد يذكر، فقد سيطر حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وحلفاؤه على الأغلبية داخل القبة التشريعية، بينما تقاسمت الأحزاب الأخرى بقية المقاعد.

وأدلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي يعاني من متاعب صحية منذ عام 2013، بصوته في الانتخابات البرلمانية بأحد مراكز الانتخاب في العاصمة.

نسبة المشاركة

شارك في الانتخابات أكثر من 12 ألف مرشح يمثلون 57 حزبا وقوائم حرة في الانتخابات البرلمانية الأولى التي تنظم في الجزائر بعد التعديلات الدستورية التي أقرت خلال 2016.

السلطات الجزائرية أكدت أن نحو ثمانية ملايين من أصل أكثر من 23 مليونا مسجلين في القوائم الانتخابية شاركوا في الانتخابات، بنسبة مشاركة قدرت بـ38.25%. وفي عام 2012 بلغت نسبة المشاركة 43%.

نتائج الانتخابات

لم تناقض نتائج الانتخابات التشريعية في الجزائر تكهنات المتابعين للشأن الجزائري، وكما كان متوقعا فاز حزب جبهة التحرير الوطني، وهو حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بأغلبية المقاعد وحصل على 164 مقعدا من أصل 462، وحل غريمه التجمع الوطني الديمقراطي ثانيا، بـ97 مقعدا، بحسب وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي.

وحصل الإسلاميون المعارضون الممثلون في تحالف حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير (33 مقعدا) واتحاد العدالة والنهضة والبناء (15 مقعدا)، على ما مجموعه 48 مقعدا.

أما فيما يخص باقي أحزاب المعارضة الأخرى فقد حصل حزب جبهة القوى الاشتراكية على 14 مقعدا وحزب العمال على 11 مقعدا بينما لم يحصل حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سوى على 9 مقاعد.

فشل المعارضة

وكشفت نتائج الانتخابات عن فشل ذريع للمعارضة التي لم تحصد سوى نتائج استراتيجيتها التي قامت على مبدأ المشاركة في الحكم رغم اختلافها مع السلطة وطعنها في شرعيتها ومطالبتها برحيل الرئيس وإعلان حالة الشغور أثناء رحلة علاج بوتفليقة.

المعارضة لم تتمكن من تحقيق إجماع حول برنامجها وفقدت كل مصداقية لدى الناخب الجزائري الذي يضعها في نفس السلة مع النظام الحاكم، ويعتبر أن من يمثلون هذه المعارضة هم في الواقع من النظام ولا يختلفون عن أحزاب الموالاة، ولهم نفس الأهداف بما فيها البحث عن الانتفاع واقتسام الريع.

اتهامات بالتزوير

عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، التي حازت على 33 مقعدا، قال إن النتائج لا تعبر عن المأمول وعن الإرادة الشعبية، كما تحدث في مؤتمر صحفي عن تسجيل عمليات تزوير بطريقة جديدة، مشيرا إلى تعليمات أعطيت للسطو المباشر على أصوات الناخبين.

اما حزب جبهة القوى الاشتراكية، فأشار إلى أن النتائج أكدت الوضع الهش الذي تعيش فيه الجزائر أكثر من أي وقت مضى، حيث تعززت مواقع المسؤولين على الأزمة متعددة الأبعاد التي تحياها البلاد.

من جانبه ندد حزب العمال (11 مقعدا) بما سماه الانقلاب على إرادة الشعب معلنا تبرؤه من نتائج الحزب، كما أكد أن نسبة المشاركة قد جرى تضخيمها حيث تم ملء صناديق الاقتراع بالأوراق، مضيفا أن البرلمان الجديد لن يعكس الإرادة الشعبية.

أما محسن بلعباس رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية فقال إنه رغم التزوير الواسع واقتراع العسكريين والامتناع الكبير والمقاطعة، حصل الحزب على تسعة مقاعد بعدما ترشح في تسع ولايات فقط من 84 ولاية تتكون منها الجزائر.

ودعا حزب الجبهة الوطنية الجزائرية برئاسة موسى تواتي إلى إلغاء نتائج الانتخابات وفتح تحقيق “يقوم أساسا على مطابقة البصمات والتجاوزات”، حسبما جاء في بيان له.

رؤية تحليلية

يقول محللون سياسيون ومتابعون للشأن الجزائري، إن مايمكن استنتاجه من هذه النتائج هو تمكن السلطة الحاكمة من إبقاء الوضع كما هو، ومواصلة محاولات ضمان البقاء في السلطة، فبالإضافة إلى التحدي الاقتصادي بسبب انهيار أسعار النفط فإن السلطة لا تريد أن تفتح على نفسها جبهة أخرى على المستوى السياسي.

ويرون أن السلطة لم يكن أمامها من خيار سوى العمل على بقاء الحال على ماهو عليه، فالبرلمان الذي تمخض عن هذه الانتخابات سيكون صورة طبق الأصل لسابقه، مع فارق بسيط هو عودة الحديث عن المال الفاسد وتوغله إلى قبة البرلمان.

وذكرت “فرانس 24″، في تحليل لنتائج الانتخابات، أنه بالنسبة للأحزاب الإسلامية، وإن ظفرت بعد تحالفاتها على مقاعد إضافية إلا أنها تبقى خارج دائرة التأثير، وما حذر منه البعض أن السلطة بصدد استعمال هذه الأحزاب في العملية الانتخابية بات أمرا واقعا.

وأضافت أن نتائج هذه الانتخابات تعد نكسة لأحزاب تريد أن تلعب دورا سياسيا في البلاد، بل ستساهم في إضعاف أسهمها أكثر على الساحة السياسية، وتضرب مصداقية خطابها الذي لم يعد له الصدى الذي كان قبل سنوات بسبب الانقسامات السياسية.

ربما يعجبك أيضا