هل يسعى “الطيب” للتغيير عبر عزل المتشددين؟

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

قرار جديد للأزهر الشريف، أثار جدلًا واسعًا على مدار اليومين الماضيين، وذلك بعد أن أصدر الدكتور أحمد الطيب -شيخ الأزهر الشريف- قرارًا حاسمًا بعزل رئيس جامعة الأزهر من منصبه، لتشتعل الأزمة سريعًا في وسائل الإعلام، وتثير العديد من التساؤلات ، خاصة وأن القرار لم يحدد أسباب العزل من ناحية، وجاء عقب يومين من اتهام رئيس جامعة الأزهر للكاتب إسلام بحيري بـ”الردة”، من ناحية أخرى.

هل انتصر “الطيب” لـ “البحيري”؟

كان لقرار الدكتور أحمد الطيب -شيخ الأزهر الشريف- في يوم الجمعة الماضي، والذي تضمن عزل الدكتور أحمد حسني -رئيس جامعة الأزهر- وتكليف الدكتور محمد حسين المحرصاوي، -عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة- بالقيام بأعمال رئيس جامعة الأزهر اعتبارًا من صباح السبت، وعقب ساعات قليلة من اتهام “حسني” للمذيع والباحث المصري إسلام بحيري بالكفر والردة مفاجئًا ومثيرًا للتكهنات.

حيث ربط البعض بين قرار الإقالة وبين التصريحات التي أدلى بها رئيس الجامعة، واصفًا بحيري بالمرتد والخارج عن الملة لإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ولازدرائه الأديان وإنكاره لكتب التراث والسنة، بحسب نص التصريحات.

وما زاد من حدة التكهنات حول ارتباط قرار الإقالة بتكفير بحيري، هو البيان الذي أصدره الدكتور أحمد حسني طه، رئيس الجامعة المقال، واعتذر فيه عما قاله.

وقال حسني في نص بيانه: “الرجوع إلى الحق فضيلة، واستبصار الصواب أولى من الإصرار على الخطأ، وكنت قد شاركت ضيفًا في برنامج، ووجه لي المحاور سؤالًا عن أحد مقدمي البرامج الذي يتناول بعض القضايا الدينية، وعلماء المذاهب وتراث الأمة بالنقد والتجريح، ثم تبين لي بعد المراجعة أن الرد الذي رددته كان خاطئًا تمامًا، فرأيت أنه من باب الأمانة والموضوعية أن أوضح أن هذا الرد غير صحيح، ويخالف منهج الأزهر الشريف، وأنني استعجلت وهذا تجاوز لا يعبر عن منهج الأزهر، وأعتذر عن هذا الرد الخاطئ المتسرع وغير المقصود”.

جامعة الأزهر تنفي


من جانبه نفى الدكتور أشرف عطية البدويهي -نائب رئيس جامعة الأزهر لشؤون الدراسات العليا- إعفاء الدكتور أحمد حسني من مهام منصبه كقائم بأعمال رئيس الجامعة؛ بسبب تصريحاته الأخيرة عن إسلام بحيري، والتي وصفه فيها بـ«المرتد»؛ قائلًا: “الدكتور أحمد حسني كان يقوم بتسيير أعمال رئيس الجامعة فقط، بصفته أقدم النواب، وقبل حدوث أزمة إسلام بحيري، كنا ننتظر صدور قرار بتعيين رئيس للجامعة”.

وأضاف “البدويهي” في أحد التصريحات الصحفية أن إعفاء الدكتور أحمد حسني من منصبه، مرتبط بصيغة القرار الأصلي، الذي صدر له عند توليه مهام تسيير أعمال رئيس الجامعة، قبل 3 أشهر، والذي نص على: “يقوم أقدم النواب بتسيير أعمال رئيس الجامعة، لحين تعيين رئيس جديد لها، وذلك عقب انتهاء المدة القانونية للدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس الجامعة السابق”.

وأشار نائب رئيس جامعة الأزهر إلى أن كون الأحداث تزامنت مع بعضها، فهذا لا يعني على الإطلاق أن يكون قرار إعفاء الدكتور أحمد حسني من منصبه، له علاقة بأزمة إسلام بحيري الأخيرة؛ قائلًا: “نحن جميعًا نؤمن بمنهج الأزهر الرافض للتكفير، وأنا أثق في أن الدكتور أحمد حسني، لم يكن يعني على الإطلاق تكفير أحد؛ لأنه أكثر الناس التزامًا وحرصًا، وكل المسئولين بجامعة الأزهر يدركون هذا”.

نائب رئيس الجامعة يرفع راية العصيان

وفي سياق متصل قال الدكتور محمد أبو هاشم -نائب رئيس جامعة الأزهر- أنه الأحق بتولي منصب القائم بأعمال رئيس الجامعة خلفًا للدكتور أحمد حسني وليس الدكتور محمد المحرصاوي.

وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر في مداخلة هاتفية لبرنامج “رأي عام” مع الإعلامي عمرو عبدالحميد، أن سبب إقالة الدكتور أحمد حسني من منصب القائم بأعمال رئيس الجامعة، هو وصفه للباحث إسلام بحيري بالمرتد.

وقال: “إنه سيتقدم، الأحد، بتظلم للإمام الأكبر للتعرف على أسباب تخطيه ومخالفة نص المادة 29 أ، من القانون رقم 49 المنظم لعمل الجامعات المصرية، والتي تنص على أن يكون لرئيس الجامعة 3 نواب، وأن يتولى رئاسة الجامعة أقدم النواب.

وتابع: “سأتظلم من قرار شيخ الأزهر من قرار تعيين المحرصاوي، لأني الأحق بالمنصب لحين صدور قرار رئيس الجمهورية بتعيين رئيس للجامعة”، مؤكدًا على أنه في حالة عدم الاستجابة لطلبه سيتخذ الإجراءات القانونية ضد شيخ الأزهر، وقد يصل إلى الإضراب عن العمل.

“مع إسلام”.. بداية توتر العلاقات مع الأزهر
شهدت علاقة المذيع المصري إسلام بحيري مع مؤسسة الأزهر الشريف توترًا وسجالًا منذ عدة سنوات، بسبب آرائه حول كتب التراث والأئمة الأربعة؛ والتي كان يدلي بها في برنامجه “مع إسلام” على فضائية “القاهرة والناس”، والذي تم وقفه بعد تدخل الأزهر ورفضه لما يقدمه المذيع.

وأعلنت إدارة القناة وقتذاك إيقاف البرنامج إعلاء للمصلحة الوطنية، واحترامًا لفصيل كبير من الشعب، واستجابة للإمام الأكبر للأزهر الشريف في تحكيم العقل، مؤكدة على أن حرية التعبير والتفكير حق دستوري ولكل مواطن مصري، ولكن مع الالتزام بالمسؤولية، وهي أن مصلحة الأمة تعلو كل المصالح.

بحيري: رجال الأزهر يتصيدون لي الأخطاء!
من جانبه كشف إسلام بحيري أن رجال الأزهر يتصيدون الكلمات له، وإنه لا يفعل مثلهم، مشيرًا إلى أنه كان بإمكانه أن يرفع قضية على الأزهر بعد وصف رئيس جامعة الأزهر السابق له بالمرتد، إلا أنه لم يفعل ذلك لأن أخلاقه لا تسمح بذلك_على حد قوله_.

وأوضح بحيري خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب ببرنامج “كل يوم”، المذاع على قناة “أون إي”، أن ما حدث ضده ليس زلة لسان، ولكنه كان قناعة تامة، متابعًا: “أحترم ما فعله شيخ الأزهر وأقدره، وعلى الأزهر أن يطهر نفسه بنفسه”.

هل ضرب شيخ الأزهر 100 عصفور بحجر واحد؟

يأتي قرار التغيير في هذا الوقت الذي يواجه الأزهر فيه نيران انتقادات شرسة في مصر تعتبر أن المرجع السني الكبير لا يقوم بما يكفي لمواجهة التطرف.
وقال مصادر أزهرية في إحدى التصريحات الصحفية، أن الطيب يحاول استثمار اللحظة الراهنة بتراجع لهجة التصعيد ضد الأزهر، عقب زيارة البابا فرانسيس للقاهرة والتي كان شعارها المحبة والسلام والسماحة، فضلا عن تراجع نواب داخل البرلمان عن تأييد مشروع قانون يعيد هيكلة الأزهر ويعزل شيخه.
ويرى مراقبون أن تضحية أحمد الطيب برئيس جامعة الأزهر بهذه الطريقة دون إرغامه على تقديم استقالته محاولة لإظهار الأزهر أنه يسعى للتغيير بإقصاء متشددين فكريًا داخله، ما يخفف من حدة تعرضه للهجوم والانتقاد المتكرر.

وتصاعدت وتيرة الغضب ضد الأزهر منذ إعلان الطيب قبل عام ونصف العام أنه ضد تكفير تنظيم داعش مهما بلغت جرائم التنظيم، فضلًا عن جمود مواقفه بشأن بعض القضايا الحياتية ومنها تمسكه بعدم الاعتراف بإسقاط الطلاق الشفهي، بعكس ما كان يريد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للحد من ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع.

وترى دوائر سياسية أن الطيب يريد أن ينتهز فرصة انقسام مجلس النواب حول الاقتراح المقدم من البرلماني محمد أبوحامد بتغيير قانون الأزهر وإمكانية عزل شيخه وتوقيع نحو مئتي نائب ضد المقترح، بأن يقدم على خطوة جريئة لمناصرة أحد أبرز أعدائه، وهو بحيري، لإظهار وسطية الأزهر واقترابه من التنويريين.، فيما قال أحمد عامر الباحث في شؤون الأزهر إن الطيب ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.

الإطاحة برئيس الجامعة.. ليست الأولى
لم تكن الإطاحة بمن يتولى منصب رئيس جامعة الأزهر الأولى من نوعها، حيث كان هناك ثلاثة أشخاص ما لبسوا أن جلسوا على كرسي “رئيس جامعة الأزهر”، حتى واجهوا أزمات كانت كافية لإطاحتهم من ذلك المنصب، سواء عن طريق الإقالة أو تقديم الاستقالة.

المشهد الأول حدث في أبريل عام 2013، حينما أصيب 479 من طلاب جامعة الأزهر بالتسمم في وجبة غذاء تناولها الطلاب بالمدينة الجامعية، لتشهد الجامعة تظاهرات حاشدة من الطلاب المصابين بـ”التسمم”، ليقرر المجلس الأعلى للأزهر إقالة الدكتور أسامة العبد، رئيس الجامعة، وعدد من المعاونين له.

وبعد ذلك أبى كرسي “رئيس جامعة الأزهر” أن يحتفظ باستقراره لأكثر من 30 شهرًا، فها هو الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يقبل استقالة الدكتور عبد الحي عزب، رئيس جامعة الأزهر، في أواخر ديسمبر عام 2015، قبل أن تكشف التحقيقات أن “عزب” قدم مستندًا مزورًا، لشهادة تخرجه من أجل الحصول على حكم قضائي بمد رئاسته لجامعة الأزهر حتى سن 65 عامًا، غير أن محكمة الاستئناف اكتشفت الأمر وقررت إلغاء الحكم القضائي سالف الذكر، ومن ثم تقديمه لاستقالته من منصبه، ويعد هو المشهد الثاني.

أما المشهد الثالث فربما لم ينتبه فيه الدكتور أحمد حسني هو الآخر حينما وصف الباحث إسلام بحيري بأنه “مرتد وخارج عن الملة” لتحريضه على الأئمة الأربعة، ليبقى السؤال هل تم إقالته بسبب “بحيري” أم كان هو “كبش الفداء؟.

ربما يعجبك أيضا