مانغبيتو.. أصحاب الرؤوس الممطوطة

مها عطاف

رؤية

مانغبيتو.. هي قبيلة تسكن شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، يتوزعون في الغابات وأرض السافانا، يزرعون البن والفول السوداني، والأرز والموز والذرة ونخيل الزيت، ويربون الحيوانات الصغيرة ، كما يعملون بصيد الحيوانات البرية وصيد الأسماك.

كانت قبيلة مانغبيتو لها عادات وتقاليد فريدة من نوعها، حيث كانت من الشعوب الكونغولية القليلة التي تدفع فيها عائلة الوالد تعويضًا لعائلة الأم عند الوفاة، أيا كانت ظروف هذه الوفاة طبيعية أو بالقتل أو خلاف ذلك ، كما يؤمنون بالسحر والشعوذة، ويعتقدوا بأن هناك قوة تكمن في آخر نقطة من الأمعاء الدقيقة التي ترثها الفتاة من أمها ويرثها الولد من أبيه.

تعتبر السلطة في قبيلة المانغبيتو للرجل، ويمارسون عادة الزواج بالتبادل بين العشائر، أي إذا تزوج شخص ما من هذه القبيلة يقوم بتزويج شقيقته إلى شقيق زوجته، وذلك لخلق المزيد من الترابط بين القبائل المختلفة، وباعتبار ذلك شكلا من أشكال التواصل الاجتماعي والتحالف وصنع السلام، إلا أن هذه العادة تحولت إلى فعل سياسي أكثر منه اجتماعي، إذ استغله الزعماء في توسيع نفوذهم عبر هذا الزواج .

حقق المانغبيتو تقدمًا حضاريًا كبيرًا في حياتهم ، شهد لهم ذلك الرحالة الألماني “جورج شفاينفورت” صاحب كتاب “قلب إفريقيا”، وهو أول رئيس للجمعية الجغرافية الخديوية في القاهرة سنة 1875، ومدير المتحف المصري سنة 1880و الذي زار إفريقيا في الفترة من 1863 إلى 1888ومنها زيارته للكونغو سنة ” 1870.
وذكر شفاينفورت وهو أول أوروبي وصل إلى المنطقة أنه شاهد العديد من المباني الكبيرة والأكواخ الصغيرة المليئة بجلود الحيوانات والقبعات المزينة بالريش والقلائد، والرماح المصنوعة من الحديد والنحاس المصقول والسكاكين، فضلا عن كثير من المنتجات الفنية الأخرى، والبساتين المزروعة بالنخيل والأشجار وغيرها، كما وصف قصور حكامها وما ضمته من أدوات الرفاهية من مغنين وراقصين وحراسا شخصيين، فضلا عن النبلاء ورجال الحاشية.

ليس استطالة الجمجمة فقط هو ما تميز به المانغبيتو عن بقية القبائل الإفريقية ولكن بتسريحات شعرهم المختلفة، والتي جذبت المصورين والفنانين التشكيليين الغربيين منذ وقت مبكر من القرن العشرين، واتخذت مادة لكثير من الدراسات، ومنها ما يبدو على شكل القمع البارز إلى أعلى ، في دلالة على ارتفاع الوضع الاجتماعي والجاذبية. وقد اصبحت هذه القصات علامة محددة تخص هذه المنطقة من العالم .

كانت لقبيلة مانغبيتو عادة غريبة، وهي استطالة الرأس، وتحويلها إلى الشكل الاسطواني معتقدين أن هذا يزيد من التجويف المحيط بالمخ الأمر الذي يزيد بدوره من ذكاء الإنسان ، فضلا عن كون اعتقادهم بأن ذلك وسيلة جمالية للمرأة والرجل، وكانت عملية استطالة الرأس في البداية تخص الطبقة الحاكمة تمييزا لها عن بقية الشعب ولكنها انتشرت فيما بعد، وأصبحت مثلا أعلى للجمال بين شعوب شرق الكونغو، إلا أن الاستعمار البلجيكي منع هذه العادة إذ رأى فيها عملا غير إنساني، وبدأت بالتلاشي منذ منتصف القرن الماضي.

كانت عملية تطويل الرأس تبدأ منذ الولادة حيث تلف رأس المولود بقطعة قماش بإحكام، ثم تتغير وسائل الشد بعد ذلك باستخدام الجلود أو الخشب أو الحبال، ويعتقد أن هذه العادة انتقلت إليهم من المصريين القدماء إذ يستند بعض الباحثين في رؤيتهم تلك إلى رأس الملكة نفرتيتي التي تبدو جمجمتها ممدودة للخلف وكذلك الملك توت عنخ آمون وإخناتون .

ربما يعجبك أيضا