حكومة الوفاق السودانية.. نور وسط الضباب

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

بعد ترقب دام لأكثر من ستة أشهر أبصرت حكومة الوفاق الوطني السودانية، النور في الحادي عشر من مايو 2017 لتبدأ رحلة عمل شاقة في محاولة للخروج بالبلاد من العقبات المتلاحقة التي أثقلت كاهلها وإحداث الإصلاح الاقتصادي والسياسي المنشود.

وجاء تشكيل الحكومة السودانية متأخرا عن موعده، الذي كان مقررا في يناير الماضي، بسبب خلافات بين حزبي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، حول تنفيذ توصيات الحوار والحقائب الوزارية.

حكومة كفاءات

وتتكون حكومة الوفاق الجديدة، برئاسة الفريق أول بكري حسن صالح، من 31 وزيرا اتحاديا وأكثر من 40 وزير دولة، مع نائب واحد لرئيس الجمهورية وأربعة مساعدين، واحتفظ 17 وزيرا بمناصبهم في الحكومة الجديدة أبرزهم وزراء الخارجية والدفاع والإعلام والصحة.

يقول رئيس الوزراء السوداني بكري حسن صالح “إن حكومة الوفاق الوطني التي تم الإعلان عنها تعد حكومة كفاءات، حيث ضمت أكثر من 12 شخصا من حملة درجة الدكتوراة، و4 بدرجة بروفيسور، بجانب عدد من المهندسين”.

ويضيف أن حكومته ستعمل وفق انسجام تام، وأن بها توافقا غير مسبوق، حيث مثلت 79 حزبا و34 حركة سياسية، وأنها حكومة أمل ورجاء وسوف تستمر حتى عام 2020.

أصغر وزير

وضمت حكومة الوفاق الجديدة، إبراهيم أحمد الميرغني من مواليد 1982في منصب وزير دولة بوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وهو من القيادات الشابة في الحزب الاتحادي الديمقراطي.

ودرس إبراهيم الميرغني في مدرسة حلة حمد الابتدائية، ثم مدرسة بحري الحكومية، ثم مدرسة النيل الأزرق الثانوية، ثم جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ويعتبر أصغر وزير في الحكومة الجديدة عمره 35 عاما.

ثلاثة أبناء عمومة

كما ضمت حكومة الوفاق السودانية ثلاثة أبناء عمومة في مناصب مختلفة، أولهم اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي في منصب مساعد رئيس الجمهورية.

الثاني هو الدكتور الصادق الهادي المهدي حيث يشغل منصب وزير تنمية الموارد البشرية. والثالث انضم حديثا وهو ابن عمومتهم مبارك الفاضل المهدي في منصب وزير الإستثمار في حكومة الوفاق الوطني، وفقا لـ”موقع النيلين” الإخباري.

مرحلة جديدة

الرئيس السوداني عمر البشير، أكد ان العملية السياسية السودانية دخلت مرحلة جديدة بتشكيل حكومة الوفاق الوطني والتى تعد واحدة من مخرجات الحوار الوطني والمناط بها تنفيذ مخرجاته على أرض الواقع وانطلاقة جديدة للشعب السوداني ومرحلة هامة من الاستقرار السياسى بالبلاد.

ودعا البشير لدى مخاطبته وزارء الدولة بحكومة الوفاق الوطني عقب أدائهم القسم، للانخراط فى مسيرة الحوار الوطني، قائلا “الأبواب مفتوحة ووثيقتنا مفتوحة لكل من أراد الانضمام للحوار الوطني الذي وصفه بأنه تجربة سودانية خالصة شاركت فيه كل القوي السياسية والحركات”.

وأضاف البشير أن الحكومة هى المسئولة عن تطلعات الشعب السوداني ويجب العمل بروح التضامن لحل كافة مشاكل البلاد، مشيرا الى “أنه بتشكيل حكومة الوفاق الوطني نكون وصلنا إلى المحطة الهامة في إعادة ترتيب أوضاع البلاد والتي بدات بالدعوة للحوار الوطني والحوار المجتمعي”.

هجوم المعارضة

وعدً رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض عمر الدقير الحكومة الجديدة “استمرارا لهيمنة المؤتمر الوطني، وليس هناك ما يتوقع منها غير استمرار مسيرة الفشل التي لازمت سنوات حكم النظام الغاربة”.

وقال الدقير إن حكومة ما بعد حوار الوثبة “تشبه شرابا قديما في قنانٍ جديدة.. حكومة ترضيات مترهلة ينوءُ الصرفُ عليها بالموارد العامة على حساب حاجات الناس الأساسية”.

وأضاف “هذه حكومة لا يُتوقع أن تشكل جسرا لعبور الأزمة الوطنية المستفحلة التي يعشيها السودان ولن تزيد الأزمة إلا ضغثاً على إبالة، لأنها حكومة بلا رؤية ولا برنامج”.

عقبات وتحديات

تشكل الأوضاع الاقتصادية أبرز التحديات التي تواجه حكومة الوفاق السودانية الجديدة، وهو ما يفسر التركيز الكبير على الطاقم الاقتصادي. ويشهد السودان وضعا صعبا في ظل تزايد مطرد لمعدلات التضخم التي بلغت في أبريل الماضي 35 بالمئة، مع تواصل ارتفاع أسعار المواد الأساسية.

وفي ديسمبر الماضي، صادق البرلمان على تعديلات دستورية، شملت استحداث منصب رئيس وزراء، لأول مرة منذ وصول الرئيس عمر البشير إلى السلطة في 1989.

وستتولى الحكومة صياغة دستور دائم للبلاد، طبقا لتوصيات الحوار. ومن أولوياتها تحسين الوضع الاقتصادي، الذي تعقد أكثر منذ انفصال الجنوب الذي أخذ معه 75 بالمئة من حقول النفط، كانت تدر 50 بالمئة من الإيرادات العامة.

وردا على خطة تقشف مماثلة شملت رفع أسعار الوقود بنحو 30 بالمئة، شهدت البلاد أيضا ما بين نوفمبر وديسمبر الماضيين احتجاجات، لكنها كانت أقل تأثيرا. وأدى شح الدولار وتضخم السوق السوداء إلى زيادة تكلفة المنتجات المصنعة في الخارج ببلد كثير الاعتماد على الواردات.

ويرى مراقبون أن مهمة الحكومة ستكون صعبة، على مستوى الارتقاء بالوضع الاقتصادي، ولكنها ليست مستحيلة بالنظر إلى العودة التدريجية للسودان إلى المجتمع الدولي وإبداء العديد من الدول رغبتها في الاستثمار في هذا البلد العربي.

رؤية تحليلية

الخبير السياسي السوداني حسن الساعوري، يرى أن أهم شرط لنجاح الحكومة الجديدة يتمثل في تفاهم مكوناتها، وتنازل حزب المؤتمر الوطني عن أغلبيته في اتخاذ القرارات.

ويلفت الساعوري إلى أن الأمر يحتاج الفهم المشترك بين مكوّنات تختلف في الرؤى، وأن الجميع يحتاجون فهما وفاقيا يتجنّب اتخاذ القرار المنفرد واحتكار الأغلبية القرارات على حساب الأقلية، مشدّدا على أن من شأن عدم حدوث ذلك فشل الحكومة في القيام بمهامها المنوطة وفق توصيات الحوار.

بدوره وصف أستاذ العلوم السياسية، صلاح الدين الدومة تشكيل الحكومة بـ”العبث السياسي”، مشيرا إلى عدم وجود أي جديد في التشكيل الجديد. واعتبر الدومة التشكيل مجرد محاصصات وجيوش من الدستوريين يرهق خزينة الدولة.

وأعرب الدومة عن عدم تفاؤله بالحكومة الجديدة، مستبعدا أن تحقق مطلوبات الإصلاح باعتبار أن غالبية الأحزاب التي تتكوّن منها حكومة الوفاق الوطني أحزاب صغيرة صنعها حزب المؤتمر الوطني الحاكم على حد قوله.

ربما يعجبك أيضا