“كاتالينا”.. الحياة والموت تحت شوارع بوخارست

كتبت – رقية كامل

“كاتالينا”.. فتاة كانت في السابعة عشرة عندما قابلها مصور ناشيونال جيوجرافيك “ماسيمو برانكا”، وتتبع حياتها الغربية تحت أنفاق العاصمة الرومانية.. “بوخارست”.

تخفي العاصمة مملكة للمشردين والمنبوذين ومدمني المخدرات في أنفاقها، التي كانت جزءًا من تصميم “نيكولا تشاوشيسكو” لضخ التدفئة العامة حول العاصمة.

 يعبر قاطنو الأنفاق من خلال حفرة صغيرة بجانب أرصفة شوارع العاصمة، إلى مدخل المدينة التي تطغى عليها رائحة الطلاء وأصوات الموسيقى الصاخبة.

بعد موافقة زعيم الأنفاق وملكها “بروس لي” أو “ملك المجاري” كما يطلق عليه مشردو الأنفاق، استطاع ماسيمو وصديقه العبور للأنفاق وتصوير حياتهم، وعلى الأخص حياة “كاتالينا”.

هجرها والداها بعد ولادتها، وهربت من ملجأ لآخر حتى سن الثانية عشرة، وبعد أن عثرت على أهلها هربت منهم بعد عام واحد فقط، وبدأت كاتالينا في التجول بشوارع بوخارست حتى اتخذت من الأنفاق ملجأ لها، ومن “بروس لي” أبا وقدوة.

وتتبع مصور “ناشيونال جيوجرافيك” حياة الشابة العنيدة التي مرت بأهوال ومتاعب لا يتحملها بشر، والتي تدهورت بشكل سريع بعد انضمامها لمجموعة المشردين تحت الأنفاق، وبدأت في تعاطي المخدرات الوريدية بكثافة، داخل الأنفاق المكتظة الرطبة.

ويحكي ماسيمو أن كاتالينا اعتادت على الابتسام بخجل بعد أن فقدت أسنانها الأمامية في طفولتها من حادث أليم لم تذكره، وإنها حاولت مرارا التعافي من الإدمان ولم تتمكن من الاستمرار.
ذكر “ماسيمو” أن معظم سكان الأنفاق يعانون من مرض الإيدز، ومن السل الرئوي بسبب قلة تعرضهم لضوء الشمس واستنشاقهم وإدمانهم للطلاء، وبقائهم في الحرارة الشديدة لفترات طويلة.

ولكن صحة كاتالينا بدأت في التدهور في بداية عام 2014، بعد جرعة زائدة من المخدرات وبعد تعرضها لحروق من الدرجة الأولى في ساقها بسبب أحد أنابيب الحرارة، وبرغم عرض ماسيمو للمساعدة إلا أنها رفضت لشعورها الدائم بالاستقلال ولاستخفافها بحالتها المتدهورة.

ولكن في 28 مايو 2014 توفيت كاتالينا بعد معاناة طويلة من مرض الإيدز وبعد جرعة ملوثة من المخدرات، فانتهت حياة مليئة بالمصاعب وسط مجموعة من المشردين طالما اعتبرتهم عائلتها.

وبعد سماعه للخبر عاد “ماسيمو” إلى رومانيا من رحلة عمل على نفقته الخاصة ليحضر جنازتها التي دفع ثمنها “عائلة من المشردين”، وطلب “سانتو” صديقها أن يتم دفنه بجانبها بعد موته، بعد أن اكتشف أنه مريض بالإيدز مثلها.