“مصر مش طابونة”.. انفعال “السيسي” قيمته تريليون جنيه

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر

القاهرة – “إحنا مع الاستثمار وتسهيل العمل لكل من يرغب في ذلك لكننا نحاول كدولة الآن تنظيم العمل وبالتالي وضع اليد الموجود مش مقبول…  مصر مش طابونة.. أخر الشهر اخد تمام باستعادة الأراضي بالكامل” كانت هذه تصريحات غاضبة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال فعاليات افتتاح مشرعات تنموية في محافظة قنا وبعض محافظات الصعيد، موجها وزارة الداخلية والقوات المسلحة باستراداد الأراضي من واضعي اليد واستعادة حق الدولة.

يعتبر ملف الأراضي المعتدى عليها من أبرز الملفات التي تورق الحكومة المصرية، فمنذ أكثر من 3 عقود تعرضت مئات الألاف من الأفدنة إلى انتهاكات متنوعة، فبين قرارات تخصيص شابها الفساد وأخرى لم يتم متابعة النشاط المفترض تنفيذه، وثالثة استولي عليها في غيبة الدولة، مرورا بانتهاكات طالت البقعة الزراعية.

“الأراضي المنهوبة”

ولم تنجح الحكومة المصرية حتى الآن في حصر الأراضي المعتدي عليها، فأشارت تقارير سابقة أن مساحة الأراضي المنهوبة بالبلد تمثل أكثر من 16 مليون فدان، منها 1.7 مليون فدان تم الاستيلاء عليها بوضع اليد، وأن الأراضي كانت تحت ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، موضحا أن تكلفة الأراضي يبلغ ما يقرب من تريليون.

“الأراضي الزارعية”

وعلى مدار العقدين الماضيين شهدت الأراضي الزراعية في مصر انتهاكات عدة أبرزها تحويل المناطق المنزرعة إلى مبان لتحقيق أرباحا مالية حيث تجاوز سعر المتر في حالات البناء من 5 آلاف إلى 20 ألف جنيه، وأدى ذلك إلى تقلص المساحات الزراعية خصوصا في منطقة الدلتا بنسبة تقاربة من 20%، وأشار تقريررسمي عن وزارة الزراعة إلى أن استمرار الانتهاكات سيؤدي إلى اختفاء الرقعة الزراعية في الدلتا خلال 100 عام.

وذكر تقرير رسمي من الإدارة المركزية لحماية الأراضى التابعة لوزارة الزراعة، أن إجمالى التعديات الجسيمة على الأراضى الزراعية حوالي ٨٤ مليون متر مربع، تعادل ٢٠ ألفا و٧٢٢ فداناً، بإجمالي عدد حالات ٥٤١ ألفا و٤١٣ حالة، في الوقت الذي ارتفعت فيه التعديات المتوسطة  إلى١٧ ألفاً و٣٧ فداناً، بإجمالي بلغ ٤٢٢ ألفا و٧٨٢ حالة.

وأشار التقرير الذي إلى أن مساحات التعديات البسيطة بمختلف المحافظات بلغت ١٦ ألفا و٣٢٧ فداناً، بإجمالي حالات بلغت ٣٥٠ ألفا و٥٦٣ حالة، وأن التعديات منذ أحداث ثورة 25 يناير 2011 حتى نهاية عام 2016 بلغ مليونا و700 ألف حالة بإجمالى بلغت 75 ألفاً و375 فداناً، وأن ما تم إزالته من التعديات بلغ 379 ألفا و175 حالة على مساحة 21 ألفًا و287 فدانًا بنسبة 28%، وما لم يتم إزالته من حالات بلغ مليونا و314 ألفا و758 حالة على مساحة بلغت 54 ألفًا و88 فدانًا.

“مافيا الأراضي”

وبدأت إجراءات الدولة المصرية في استرداد الأراضي المنهوبة خلال عام 2016 بإصدار السيسي قرارا بتشكيل لجنة لاسترداد الأراضي برئاسة مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية المهندس إبراهيم محلب، وأن تكون قرارتها ملزمة لجميع الجهات الحكومية صاحبة الولاية على الأراضي، وذلك فيما يختص بتقنين المشكلات والصعوبات السابقة في مجال الأراضي.

وشمل القرار عددا من البنود من أهمها: ” منح اللجنة الحق في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتقاعسين عن سداد مستحقات الدولة، والصلاحيات الكاملة في تحصيل المبالغ المستحقة للدولة عن التصرفات التي صدرت قبل تشكيلها في 9 فبراير قبل الماضي سواء عن مقابل توفيق أوضاع أو تعديل نوع النشاط، وحصر كافة الديون المستحقة للجهات صاحبة الولاية على الأرض وتصنيف المدينين بهذه المستحقات”.

“800 مليار جنيه”

وكشف تقرير للاتحاد العربي لمكافحة الجرائم الاقتصادية وغسيل الأموال، في ديسمبر 2015 أن قيمة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها سواء من خلال وضع اليد أو قوانين تم تشريعها في الأنظمة السابقة بلغ حوالي900 مليار جنيه، بمساحة تصل إلى  16 مليون فدان، (نحو 67 ألف كيلو متر مربع).

وفي تقرير تلقته رئاسة الجمهورية في العام ذاته من هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات أوضح أن أن القيمة الإجمالية للمخالفات والتعديات المحصورة بلغت 440 مليار جنيه، وتضمنت الأراضى التى تحولت إلى قصور وفيلات بعدما كانت مخصصة للمزارعين وشباب الخريجين، إضافة إلى أراضى طرح النهر.

وتأتي القيمة السابقة للأراضي قبل تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار والذي لم يتجاوز قيمتها 8 جنيهات وقتها، ليتخطى الآن حاجز الثمانية عشر جنيه.

“لجنة محلب”

ونجحت لجنة استرداد أراضى الدولة ومستحقاتها، حتى ديسمبر الماضي في استعادة ما يقرب من 80 ألف فدان من الأراضى المغتصبة، إضافة إلى منح خزينة الدولة حوالي 500 مليون جنيه من المزادادت العلنية، وتحصيل 600 مليار جنيه من واضعي اليد لإثبات الجدية.

وبدأت اللجنة بالتنسيق مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، في تحصيل المديونيات المتأخرة للهيئة لدى الأفراد والشركات والهيئات، والتى قدرت بـ2.8 مليار جنيه، وهى عبارة عن مستحقات مقابل وضع اليد لبعض الأفراد أو الشركات، أو مقابل تخصيص مشروعات أو مقابل حقوق انتفاع متأخرة لدى البعض.

“الحكومة الآن”

وتسعى الحكومة المصرية الآن بداية من مجلس الوزراء ووزراتي الداخلية والدفاع نهاية بالمحافظين في تنفيذ قرار السيسي الذي أصدره، أمس الأول، ليبقى التساؤل، هل تنجح مصر في استعادة ما يقرب من تريليون جنيه من “مافيا الأراضي”؟!.
   

ربما يعجبك أيضا