زيارة ترامب للسعودية.. قمة تطابق الرؤى وتأسيس التكتلات

كتب – حسام عيد

تشهد العلاقات السعودية الأمريكية تطورات إيجابية مع قدوم الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعد أن شابها بعض الفتور إبان عهد الرئيس السابق باراك أوباما، فاليوم واشنطن وفرت للمملكة العديد من المعدات العسكرية، كما أن هناك الآن توافق على زيادة الاستثمار بين الدولتين.

ويستهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أولى جولاته الخارجية منذ توليه مقاليد الحكم، بزيارة المملكة العربية السعودية، وذلك يوم 20 مايو الجاري وتستمر ليومين.

زيارة توصف بالتاريخية لما بها من دلالات على مكانة المملكة “القوية” في العالم، وتطابق رؤية واشنطن تحت إدارة ترامب مع رؤية الرياض في مختلف القضايا.

وستتضمن القمة لقاءات تجمع بين الرئيس الأمريكي وقادة من جميع أنحاء العالم الإسلامي، كما أنها ستكشف عن المساعي الأمريكية لبناء قاعدة جديدة للتعاون والدعم مع حلفائها المسلمين لمكافحة التطرف والإرهاب والعنف وتحقيق مستقبل أكثر عدلا وأملا للشباب المسلمين في بلادهم.

في التقرير التالي سنتعرف على برنامج زيارة ترامب للسعودية، والملفات والقضايا التي سيتطرق لها.

ثلاث قمم

دشنت السعودية موقعًا إلكترونيًا لتغطية زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كشفت خلاله عن البرامج الكاملة التي ستجري ضمن الزيارة، وسينقل الموقع وقائع قمم ثلاث ستستضيفها الرياض يومي 20 و21 مايو الجاري.

وبحسب الموقع الإلكتروني للقمة الذي تم إطلاقه بأربع لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية، فإن برنامج زيارة ترامب سيبدأ بالقمة السعودية-الأمريكية، التي هي عبارة عن سلسلة من الاجتماعات الثنائية بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ستركز على “إعادة تأكيد الصداقة العريقة وتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية الوثيقة بين البلدين”.

وأعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن القمة سيتخللها توقيع عدد من الاتفاقيات بين الرياض وواشنطن، مؤكداً وجود توافق بين رؤية إدارة ترامب ورؤية المملكة بشأن عدد من قضايا المنطقة، بما في ذلك إيران وسوريا واليمن.

وأكد الجبير أن زيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، للبيت الأبيض تكللت بالنجاح وأنها مهدت لزيارة ترامب للسعودية وأعطت “دفعة” لعلاقات واشنطن والرياض.

ويعقب القمة السعودية-الأمريكية، قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة، حيث سيجتمع قادة المجلس مع ترامب؛ لمناقشة التهديدات التي تواجه الأمن والاستقرار في المنطقة وبناء علاقات تجارية بين الولايات المتحدة ودول المجلس.

ثم تأتي القمة العربية الإسلامية-الأمريكية، التي يجتمع فيها ترامب مع قادة الدول الإسلامية حول العالم؛ لمعالجة سبل بناء شراكات أمنية أكثر قوة وفاعلية من أجل مكافحة ومنع التهديدات الدولية المتزايدة للإرهاب والتطرف، من خلال تعزيز قيم التسامح والاعتدال.

وأكد عادل الجبير أن القمة ستركز على مكافحة الإرهاب ومصادر تمويله والقضايا الاقتصادية وملف الشباب.

وأعتبر الجبير أن تلك القمة ستفتح حواراً بين أمريكا والعالم الإسلامي، وستوضح رسالة للغرب تفيد بأن العالم الإسلامي ليس عدواً.

القمة ستشهد أيضًا، ملتقى “مغردون 2017” والذي يتناول كيفية تفعيل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في محاربة التطرّف والإرهاب، وسيتحدث فيه من خلال كلمة رئيسة الرئيس دونالد ترامب، كما سيشارك قادة السياسة في هذا الملتقى، ومن بينهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وبجانب القمة، سينعقد المنتدى السعودي الأمريكي للرؤساء التنفيذيين الذي يجمع قادة الأعمال من جميع أنحاء المملكة والولايات المتحدة، ويهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين من خلال توفير منصة لتعزيز التجارة البينية وتذليل الصعوبات التي تحول دون إقامة روابط اقتصادية أوثق.

خطاب الرؤية السلمية للإسلام

سيلقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اليوم الثاني خلال زيارته للسعودية، خطابا حول “رؤية سلمية” للإسلام أمام قادة “أكثر من خمسين دولة مسلمة”.

وقال مستشار الأمن القومي الجنرال هربرت ريموند ماكماستر إن الهدف من خطاب ترامب هو “حشد العالم الإسلامي ضد الأعداء المشتركين للحضارة وإظهار التزام الولايات المتحدة تجاه شركائنا المسلمين”، مشيرًا إلى أن ترامب سيلقي خطابا “حول ضرورة مواجهة الإيديولوجيات المتشددة” وحول “تطلعاته نحو رؤية سلمية للإسلام”.

ناتو عربي

أعلن مسؤول كبير بإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن الرئيس سيستغل زيارته للسعودية لتشجيع دول الخليج على تشكيل قوة بالشرق الأوسط على غرار حلف الأطلسي.

وتركز مهام الهيكل الأمني الجديد في محاربة الإرهاب والتطرف، والرد على التهديدات الإيرانية، فضلاً عن معالجة المشكلات الأمنية الطارئة في المنطقة.

وتعدّ السعودية بحسب الرؤية الأمريكية، شريك موثوق به ولها ثقل ديني ودبلوماسي كبير، مما يمكنها من إنجاح فكرة “الناتو العربي”، الذي ينتظر أن يضم دول عربية عدة، بينها السعودية والإمارات ومصر والأردن.

صفقات بـ تريليون ريال

يبدو أن العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين دول الخليج والولايات المتحدة مرشحة لطفرة خلال الفترة المقبلة وخاصة أن كثيرين يراهنون على إبرام صفقات واتفاقيات استثمارية ضخمة تصل قيمتها إلى 270 مليار دولار (ما يقارب تريليون ريال).

ويكفي القول إن حجم الاستثمارات الخليجية في السندات الأمريكية، زاد في شهر مارس الماضي ليصل إلى 223 مليار دولار.

وتربعت السعودية على قائمة الدول الخليجية الأكثر استثماراً في السندات الأمريكية، حيث بلغت قيمة الاستثمارات في شهر مارس نحو 114 مليار دولار.

ولا تقف حدود الاستثمار الخليجي عند حد السندات أو الأذونات الأميركية، بل تتخطاه، وتستثمر السعودية أكثر من 820 مليار دولار في الولايات المتحدة، موزعة ما بين استثمارات حكومية، وخاصة.

من جهة ثانية، فإن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج عموماً، والسعودية خصوصاً، ترسم إطار علاقة جديدة، تتسم بالطابع الاقتصادي بامتياز.

ومن المتوقع ألا تخلو زيارة دونالد ترامب إلى المنطقة من توقيع اتفاقيات اقتصادية ثنائية بين الولايات المتحدة والسعودية في مجالات متعددة، فشركة “أرامكو” السعودية تعتزم توقيع اتفاقيات مع ما لا يقل عن 10 شركات أمريكية.

من بين تلك الشركات جنرال إلكتريك، وشلمبرجير، وهاليبرتون، وبيكر هيوز وجاكوبس الهندسية، ونابورز للصناعات وويثيرفورد إنترناشونال بلك، وماكديرموت وروان بلك.

وستساعد هذه الاتفاقيات “أرامكو” على تحقيقها هدفها بالحصول على 70% من معداتها وخدماتها النفطية من السوق السعودي المحلي بحلول 2021، حيث ستفتح تلك الشركات الأجنبية مصانعها في المملكة وتساعد على تدريب القوى العاملة السعودية.

وبدورها، تخطط السعودية لتقوية علاقاتها مع ترامب، من خلال الالتزام بالاستثمارات الكبيرة في الولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن يعلن الصندوق السيادي عن خطط لتخصيص ما يقرب من 40 مليار دولار في استثمارات البنية التحتية في أمريكا.

ربما يعجبك أيضا